(العلوم بالعربية) - تعتبر مشكلة تلوث شواطئ البحار و المحيطات من أخطر المشكلات التي تواجه البشرية في القرن الحادي و العشرين نظرا ً لما تشكله من مخاطر صحية وبيئية. وللبيئة البحرية العربية أهمية كبرى من ناحيتين اقتصادية واستراتيجية، حيث يقع الوطن العربي في أهم مناطق العالم الإستراتيجية ممتدا ً من المحيط الأطلسي غربا ً حتى الخليج العربي شرقا ً ومن بحر العرب جنوبا ً حتى تركيا والبحر الأبيض المتوسط شمالا ً وتبلغ مساحته حوالي 13 مليون كلم2، وتزيد طول السواحل العربية عن 23 ألف كلم. هذا الوضع الجغرافي للمنطقة يجعلها ذات أهمية اقتصادية واستراتيجية كبيرة.



أهمية البيئة البحرية
تلعب البيئة البحريةبشكل عام دور هام في تحقيق التوازن المناخي وذلك من خلال دورة مياه الأمطار إلى جانب التوازن الحراري بين اليابسة والمسطحات المائية. وتبدو أهمية البيئة البحرية من خلال قدرة البحار والمحيطات على المساهمة الفاعلة في ضبط التوازن الغازي للغلاف الجوي من خلال عملية التمثيل الضوئي – غاز ثاني أكسيد الكربون و الأكسجين – مما ينتج بيئة بحرية متزنة منتجة ويحافظ على الاتزان الحراري لكوكب الأرض. ومن الناحية الاقتصادية فإن البيئة البحرية العربية تذخر بالثروات حيث تعتبر المنطقة البحرية العربية من المناطق الغنية بالثروة السمكية والثروات الحية المختلفة والثروات المعدنية. وتشير التقديرات إلى أن المخزون الاحتياطي لهذه الثروة الغذائية الهامة يبلغ 8.7 مليون طن. ولا تقتصر أهمية البيئة البحرية العربية على إنتاج الأسماك فحسب بل إن المنطقة البحرية العربية يوجد فيها كميات هائلة من الثروات الطبيعية الأخرى الحية، حيث يوجد الإسفنج والأصداف والقشريات والطحالب البحرية والعديد من الثروات الأخرى مثل الاستجمام والترفيه.



تلوث البيئة البحرية
إن محدودية البدائل الخاصة بالتخلص الآمن من المخلفات الناتجة من النشاطات البشرية اضطرت كثير من الحكومات – وللأسف الشديد – لاستخدام المسطحات المائية من بحار و محيطات كمحطات نهائية للتخلص منها ومن ثم بدأت تظهر مشكلة تراكم الملوثات المختلفة عندما لم يعد بإمكان المسطحات المائية استيعاب الكميات الضخمة من الملوثات التي تفوق قدرتها على التنقية الذاتية (self purification)، حتى أصبحت مظاهرالتلوث البحري ظاهرة لكثير من الشواطئ يستطيع الإنسان في كثير من المناطق تمييزها أو رؤيتها على شكل نمو هائل للطحالب البحرية أو بقايا الزيوت ومشتقات النفط، الأمر الذي يتعارض مع الصناعة السياحية بشقيها المحلي و العالمي وكذلك الانعكاسات السلبية على الجوانب الاقتصادية والثروة السمكية والصحة العامة. إن مشكلة تلوث شواطئ و مياه البحار و المحيطات دفعت بكثير من المنظمات الدولية كالأمم المتحدة، والإقليمية كالاتحاد الأوروبي بالاضافة ألى بعض الحكومات بتخصيص مبالغ ضخمة للحد من و معالجة هذه المشكلة. و عليه يمكن القول أن نجاحات كبيرة قد تحققت في بعض البلدان في هذا المجال، حيث تركزت الجهود على منع وصول أو معالجة النفايات قبل التخلص منها في مياه البحار أو المحيطات. و من المؤكد أن نجاح دولة ساحلية في وضع قواعد و ضوابط و تحقيق نجاح في الحد من مشكلة التلوث لن يضمن سلامة شواطئها أو مياهها الإقليمية ما لم تقم جميع الدول المشتركة في هذا المسطح المائي بإجراءات مماثلة. و من هنا يمكن أن ندرك انه لا مجال للحلول الفردية و أن الجهود يجب أن تتضافر بين الدول المعنية لضمان بيئة بحرية صحية.



توصيات
من أهم النقاط في أي إجراءات عملية لحل مشكلة التلوث البحري على السواحل العربية هي تحديد حجم المشكلة و أبعادها و نسبة العوامل المساهمة فيها. و هذا يمكن تحقيقه من خلال برامج المراقبة الدورية للشواطئ. لذا ينصح بإنشاء مرفق عربي لمراقبة الشواطئ في المنطقة العربية “مرفق مراقبة الشواطئ العربية – Arab Beaches Watch “ يقوم بوضع برنامج متكامل لمراقبة الشواطئ بالتعاون مع الدول العربية المعنية ونتائج هذا البرنامج يتم توظيفها لتخدم غرضاً رئيسياً ألا و هو إعطاء صورة حقيقية لصناع القرار و الجمهور عن نسب تلوث مياه الشواطئ في المنطقة الأمر الذي من شأنه أن يساعد في اتخاذ قرارات عملية مناسبة. من النتائج المرجوه أيضاً لإنشاء هذا المرفق توفير بيانات تساهم في تطوير معايير و مقاييس عربية و خطوة مشجعة للسلطات المعنية لإظهار اهتمام أكبر لهذا الجزء من المنطقة العربية والذي يشكل مصدر بيئي طبيعي وسياحي مهم للسكان المحليين والخارج.



أ.د. سمير عفيفي
قسم البيئة وعلوم الأرض – الجامعة الإسلامية – غزة
رئيس جمعية أصدقاء البيئة الفلسطينية PEF