بدأت ملامح مؤشرات حديثة تدريجية تبين نمو حجم الاستثمارات النسائية في المملكة خلال الأعوام الماضية في مشاريع صغيرة إلى متوسطة. فالإحصاءات الرسمية المعلنة، تكشفت حجم استثمارات نسائية في القطاع التجاري قرابة ثلاثة مليارات ريال، وأصبح هناك شركات نسائية يُقال انها 4.3 % من إجمالي عدد شركات القطاع الخاص،

القفزة من نسبة السجلات التجارية النسائية إلى 7.3 % من إجمالي السجلات التجارية، وهذا يكشف نمو حجم الاستثمارات النسائية للأعوام المقبلة، وذلك إثر تذليل معوقات تواجه هذا النوع من بيئة الاستثمارات، إلى جانب توجه الغرف التجارية الصناعية كثر مما مضى لدعم الاستثمار النسائي في مختلف المجالات.



التسهيلات والتعديلات وتنظيم سوق الاستثمار أمام المرأة، سمح بتدفق رؤوس أموالها التي كانت مكدسة في حسابات بنكية، رغم معوقات ما زالت تعترضها، ولكن القرارات والإصلاحات في الأنظمة ساهمت في تحريك نسبة من رؤوس هذه الأموال واستثمارها لتسهم في الناتج المحلي، حيث تشكل المملكة الجزء الأكبر من خريطة دول مجلس التعاون الخليجي، وطبيعي أن السعوديات سيحققن نسبة أعلى عن نظيراتهن الخليجيات في سوق العمل بنشاطهن الاقتصادي، وتدفق السيولة المالية بين يديها'.

كتبت الأستاذة مويضي المطيري،، تقول :

زيادة ملحوظة :
وفي السياق ذاته، بين محمد العنقري محلل اقتصادي ومالي، أن هنالك زيادة ملحوظة في مساهمة الاستثمارات النسائية في النمو الاقتصادي، من خلال نموها المتزايد عاما بعد عام، وربما لا يمكن حصر نسبتها أو فصلها عن الاستثمارات المشتركة للوصول إلى الحجم الفعلي لمساهمة المرأة في النمو الاقتصادي، حيث إن الناتج المحلي لا يأخذ في الاعتبار هذه التفصيلات، ولكون الإحصاء الرسمي لناتج الوطني لا يأخذ هذه التفصيلات، لأنه يخضع لمعايير عالمية، وبالتالي فالإحصاءات قد لا تكون دقيقة أو غير معلنة بشكل عام، وإنما الذي يتم إعلانه هو حجم الأرصدة التي لم تستثمر.

وقال ''المتتبع لما تسجله الغرف التجارية الصناعية سنويا لنمو حركة المرأة في الجانب الاقتصادي، سيلاحظ حراكا نسائيا نحو الاستثمار، حيث إن للمشاريع الصغيرة والمتوسطة دورها في تحريك مليارات الريالات المعطلة منذ أعوام في الحسابات البنكية، فعندما يتحرك من رؤوس الأموال ما بين 10 و20 في المائة، وتدخل في حركة الاقتصاد بشكل واسع ومنتج، هنا يمكن أن نقول إن المشاريع النسائية زادت مساهمتها، إذ إنه من المهم خلال هذه المرحلة ووسط المؤشرات التي تنبئ بتحرك هذه الأموال، التركيز على مضاعفة هذه المساهمة''.

ولفت العنقري، إلى أن تنشيط دور المرأة في المساهمة الاقتصادية ليس من الضرورة بفتح مشاريع تديرها، وإنما يمكنها أن تسهم بمشاريع كبرى من خلال الشركات الاستثمارية في قطاعات مختلفة، وتوسيع الفرص أمامها وقاعدتها الاستثمارية ليكون دور مساهمتها أوسع من المشاريع الصغيرة، فالظروف مواتية وفرص الاستثمار باتت أوسع لاستقطابها، موضحا أنه لا يمكن إغفال دور الاستثمارات النسائية في الشركات العائلية، والتي تشكل نسبة كبيرة من الشركات الكبرى في المملكة، مما يزيد الحاجة لاستثمارات أوسع تجذب هذه الأموال، التي بطبيعة الحال لها عائد على الاقتصاد المحلي.

الودائع النسائية البنكية

وبين العنقري، أن المرأة باتت لها مساهماتها الاستثمارية في بعض القطاعات كقطاعي العقار وسوق الأسهم، مدللا على ذلك بتوسع عدد الفروع النسائية للمصارف المحلية، نتيجة زياد عدد المستثمرات النشطات، حيث إن نسبة الودائع النسائية البنكية كان لها عوائد مجزية للبنوك أيضا، ليسهم في جزء من نمو نشاط هذه المصارف.

وأشار العنقري، إلى أن هنالك تغيرات حدثت في السنوات الأخيرة تميل كفتها لصالح الاستثمارات النسائية، لكن لابد من تعزيز هذه المرحلة، مع الفرص المتوفرة، خاصة وأن عدد العاملات في المملكة حاليا يفوق إجمالي موظفي الدول الأخرى الخليجية المجاور، وهناك توقعات بأن تشهد الاستثمارات النسائية قفزة نوعية، حيث ستتحرك مقابل تسهيل الأنظمة أمامها، إذ إن افتتاح ما لا يقل عن ألف مشروع سيخلق فرصا وظيفية مضاعفة، والأرباح التي ستحصدها ستعود مرة أخرى للاقتصاد المحلي، لذا نحتاج مستقبلا إلى التركيز بشكل أكبر على تحريك هذه الأموال، وتسهيل الإجراءات للتعاطي مع الاستثمارات النسائية.

المشاريع الصغيرة والمتوسطة

من جانبها قالت الدكتورة نورة اليوسف أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك سعود في الرياض، إن المؤشرات الأخيرة لحركة الاستثمارات النسائية في عالم الأعمال، تبين أن هنالك أعدادا كبيرة من السيدات بدأن بمشاريعهن الاستثمارية، خاصة المشاريع الصغيرة والمتوسطة، لتكون واحدة من سمات مالكات رؤوس الأموال في المملكة.

وأوضحت الدكتورة اليوسف، أن استثمار سيدات الأعمال في المشاريع الصغيرة أو المتوسطة لا يعني استثمارهن في مجال بسيط أو غير مهم، وإنما المتعارف عليه في علم الاقتصاد، أن هذه المشاريع تؤدي إلى نقلة كبيرة في الناتج المحلي وتوفر فرص العمل، مبينة أن هنالك اهتماما واضحا في السنوات الأخيرة لتذليل العوائق التي تواجه هذه الاستثمارات من خلال سن القوانين والقرارات، ما أدى إلى نمو المشاريع الصغيرة كاستثمار نسوي بدأ ينمو تدريجيا.

وأشارت اليوسف، إلى أن الأرصدة النسائية المجمدة التي لم يكن يستفيد منها الاقتصاد، بدأت بالتحرك، فظاهرة التوجه إلى المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وسوق العقار، أدى إلى تحفيزها وتحريكها لإيجاد فرص لاستثمارها وزيادة عوائدها، لتحول المجتمع النسوي من مجتمع استهلاكي إلى استثماري.



المشاركة في الأنشطة الاقتصادية

من جهة أخرى، قالت هيفاء الحسيني مدير عام الإدارة النسائية في مجلس الغرف السعودية، إن المرأة السعودية أصبحت تشارك بقوة في عديد من الأنشطة الاقتصادية، حيث أصبحت تمثل نحو 20 في المائة من العمالة الوطنية ونحو 4 في المائة من إجمالي العمالة في المملكة، كما تعددت المجالات التي حققت فيها المرأة نجاحات كبيرة، ومن بينها المجالات التجارية، حيث بلغ عدد السجلات التجارية النسائية في وقت سابق نحو 22.4 ألف سجل تجاري، تمثل نحو 4.7 في المائة من إجمالي عدد السجلات التجارية في المملكة، أما في الوقت الحالي فقد قفز عدد هذه السجلات ليصل إلى نحو 40 ألف سجل نسائي حسب الإحصائيات الأخيرة، مسجلة ما نسبته 7.3 في المائة من إجمالي السجلات التجارية في المملكة، إضافة إلى الشركات النسائية التي تمثل نحو 4.3 في المائة من إجمالي عدد شركات القطاع الخاص في المملكة.

وأضافت الحسيني، أن الحراك النسائي تجاه الاستثمارات خلق دورا مهما للغرف التجارية الصناعية على مستوى المملكة في تنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة ضمن مبادرات وطنية، كإنشاء أول مركز تنمية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة بالمملكة منذ 11 عاما، إصدار أول دليل للأفكار الاستثمارية يتضمن ألف فكرة متنوعة، إنشاء أول حاضنة أعمال مكتبية في المملكة للشباب والشابات، وتتماشى مع توسع نشاط المرأة الاقتصادي، مؤكدة أنه خلال الأعوام الماضية، اتضح دور المرأة ومساهمتها الفعالة بدفع عجلة التنمية الاقتصادية في المملكة، الأمر الذي ساعد المرأة على زيادة نشاطها الاقتصادي في مجال الاستثمار على وجه التحدي.

ولفتت الحسيني، إلى أن نسبة مساهمة المنشآت الصغيرة تقدر بنحو 28 في المائة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي المتولد عن القطاع الخاص، وتسهم في 8 في المائة من قيمة صادرات السلع الصناعية، خاصة أن واقع القطاع الخاص السعودي يغلب عليه طابع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، حيث تراوح نسبة عدد هذه المنشآت بين 80 و90 في المائة من إجمالي منتسبي كل غرفة تجارية على مستوى المملكة.

تأثير كبير في الناتج المحلي

وعلى الصعيد ذاته، بينت نشوة طاهر رئيسة اللجنة التجارية الاستراتيجية في الغرفة التجارية الصناعية في جدة، أن الاستثمارات النسائية رغم أنها لم تصل بعد إلى الدرجة التي يكون لها تأثير كبير في الناتج المحلي، إلا أن حركة هذه الاستثمارات خلال الأعوام الستة الماضية، شهدت تحسنا نسبيا، وبالنسبة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة فتوجه الغرف التجارية الصناعية إلى الاهتمام بتنميتها، وإطلاق صناديق وأنظمة في البنوك لتمويلها، دليل على صب جزء من رؤوس الأموال النسائية واستثمارها.

وأكدت طاهر، أن هناك توجها لرفع حجم الاستثمارات النسائية، معتبرة التوجه للمشاريع الصغيرة والمتوسطة بوابة جديدة للتوسع في الاستثمارات النسائية، التي تعتبر حديثة العهد بالنسبة للاستثمارات النسائية، وسهلها تذليل بعض الأنظمة، مشيرة إلى أن هناك طموحات كبيرة لزيادة الحراك الاقتصادي والاستثماري للسيدات، خصوصا بعد أن حققت عديد من سيدات الأعمال لنجاحات ملحوظة في عدة مجالات استثمارية، واستغلال الأرصدة المجمدة لرؤوس الأموال النسائية، وتحريكها بشكل أكبر، وجعلها مؤثرة في الناتج المحلي، بدل من أن تكون أموالا معطلة.

و أشارت طاهر، إلى أن آخر إحصائية أعدها مركز السيدة خديجة بنت خويلد في الغرفة التجارية الصناعية في جدة، أوضحت أن أكثر من 20 في المائة من الأموال الموظفة في صناديق الاستثمار السعودية المشتركة تعود إلى النساء، حيث تبلغ نسبة استثماراتهن نحو 21 في المائة من حجم الاستثمار الكلي للقطاع الخاص، موضحة أن نمو السجلات التجارية المسجلة بأسماء نسائية من 4.7 إلى 7.3 في المائة دليل على توجيه المرأة لأموالها نحو الاستثمار في قنوات متنوعة، مما يدعم دور المرأة في الاقتصادي المحلي، ورسم مزيد من الخطط المستقبلية من قبل الجهات الرسمية، بهدف رفع نسبة استثمارات النسائية بنسبة لا تقل عن 50 في المائة، مقارنة بحجم رؤوس الأموال النسائية.

يشار إلى أن دراسة أعدتها الهيئة العامة للاستثمار، بينت في وقت سابق أن حجم الاستثمارات النسائية بلغ نحو ثلاثة مليارات ريال، موزعة ما بين الاستثمار في المشاغل النسائية، المدارس الأهلية، محال المتاجرة في الإكسسوارات النسائية، المستوصفات والعيادات الطبية، كما تشكل نسبة من قيمة هذه الاستثمارات في سوقي الأسهم والعقار.