فرانس 24 : جالية بوركينا فاسو على قدم وساق عشية المباراة النهائية لكأس الأمم الأفريقية لكرة القدم التي ستجمع منتخبها بنظيره النيجيري مساء غد الأحد في جوهانسبورغ. فرانس 24 غاصت في أجواء استعدادات أعضائها للحدث الرياضي الأفريقي وأعدت تقريرا خاصا.


علاوة مزياني مبعوث فرانس 24 إلى جنوب أفريقيا

نيجيريا تتأهل إلى النهائي بعد اكتساحها مالي 4-1 وتترشح بقوة لنيل اللقب الأفريقي

أول ما تحدث عنه عبد الله ويعقوب وعبد المؤمن وكل زملائهم من جالية بوركينا فاسو في جنوب أفريقيا، وأكثر ما شددوا عليه هو فخرهم بمنتخب بلادهم "الأحصنة" الذين لم "يحسب لهم أي حساب، لا قبل انطلاق البطولة الأفريقية ولا خلال إجراء مبارياتها". وأجمعوا على أنهم يكفيهم فخرا بأن "اسم بوركينا فاسو أصبح متداولا على ألسنة كل الأفارقة وبات معروفا في العالم بأسره بفضل تألق" نجم الفريق جونتان "بيترويبا وتضحية كل اللاعبين".


عبد الله يلعب دور المنسق وسط جالية بوركينا فاسو في جنوب أفريقيا

"انتصارات منتخبنا أدخلت الفرحة في قلوبنا وأنستنا المتاعب والمصاعب اليومية"
التقينا الرعايا البوركينابيين في جنوب أفريقيا بشارع "دي فيلييس" الواقع في قلب مدينة جوهانسبورغ وسط حي شعبي ارتبط اسمه بجميع أنواع العنف، انطلاقا من تجارة المخدرات ووصولا إلى الجريمة المنظمة والدعارة. واشتهر الحي كذلك بكونه ملجأ وملتقى كل الجاليات الأفريقية في بلاد نيلسون مانديلا، حيث يقف على أرصفة طرقه الضيقة المزدحمة تجار غانيون ونيجيريون وزيمبابويون وبنينيون وكاميرونيون، وغيرهم من شباب القارة السمراء. وفيه يقضي عبد الله ويعقوب وعبد المؤمن أيامهم سعيا من الصباح الباكر إلى غروب الشمس لبيع سلعهم مقابل بضع الراندات [راند جنوب أفريقي يساوي نحو 8 دولارات،] الضرورية لكسب القوت وادخار قليل منها لإرسالها إلى "البلاد" حيث تعيش معظم عائلات هؤلاء المهاجرين. الحي معروف كذلك باحتضانه محطة "بارك ستايشن" أكبر محطة لنقل المسافرين في البلاد.

ولم تمر سوى دقائق على لقائنا عبد الله وهو رئيس جالية بوركينا فاسو في جنوب أفريقيا حتى بدأ زملاؤه يتوافدون من كل الأزقة وهم يرتدون القميص الأصفر، مسارعين إلى لحاق رئيسهم المبتسم، رافعين علم بلادهم، مرددين شعارات تمجد بيترويبا وشارل كابرويه قائد الفريق وجل اللاعبين. وقال عبد الله، الذي وصل جنوب أفريقيا قبل ثماني سنوات: "نعم، نحن فخورون بهم كثيرا، ومدينون لهم بالعرفان لما حققوه من انتصارات أدخلت الفرحة في قلوبنا وأنستنا المتاعب والمصاعب اليومية، وصرنا نردد اسم بوركينا فاسو باعتزاز غير مسبوق". مضيفا: "بفضل تأهل منتخبنا إلى النهائي ارتفعت مكانتنا وسط الجنوب الأفريقيين والجاليات الأفريقية الأخرى هنا بجوهانسبورغ، وكأننا انتقلنا من موقع متواضع إلى مرتبة عليا".


عبد المؤمن (يمين) فخور بارتداء قميص منتخب بوركينا فاسو في شوارع جوهانيسبورغ

رحلة مكلفة ومتعبة بين جوهانسبورغ ونيلسبرويت البعيدة عنها 370 كلم
وعلى غرار عبد الله، انتقل يعقوب وعبد المؤمن وعشرات الآخرين في رحلات منظمة انطلقت من جوهانسبورغ باتجاه مدينة نيلسبرويت، البعيدة عنها 370 كم والواقعة شرقي جنوب أفريقيا بالقرب من موقع كروغر أحد أبرز المواقع السياحية في البلاد، لمساندة منتخبهم خلال كل المباريات التي أجراها على ملعب "مبومبيلا". وكانوا حاضرين في منافسات المجموعة الثالثة أمام نيجيريا (1-1) وأثيوبيا (4-0) وأمام زامبيا (1-1)، ثم أمام توغو في ربع النهائي (1-0) وأخيرا في نصف النهائي أمام غانا (1-1، 3-2 بركلات الترجيح).

ولعب عبد الله دور المنسق في هذه الرحلات، متصلا بأعضاء الجالية في كل مرة لتجهيز سياراتهم الخاصة وضبط تفاصيل الرحلة المكلفة. وأشار عبد المؤمن إلى أن هذه الرحلات كلفت في كل مرة نحو 2000 راند [الراتب الشهري في جنوب أفريقيا هو نحو 3500 راند، أي نحو 300 دولار]، وكان الوفد يغادر جوهانسبورغ عند منتصف النهار ليصل نيلسبرويت بعد نحو خمس ساعات. وفور وصولهم، يتوجهون نحو مقر وفد بوركينا فاسو لسحب التذاكر التي تم حجزها في وقت سابق لدى مسؤولي اتحاد كرة القدم، قبل الانتقال إلى الملعب استعدادا للمباراة. وأوضح عبد المؤمن، وفي عمره 36 عاما، أن "حناجر المناصرين لا تصمت طوال 90 دقيقة، ونحن مسرورون بأننا عدنا إلى جوهانسبورغ في كل مرة بفرحة الفوز أو التأهل"، ليدخل هؤلاء المواطنين الشجعان منازلهم عند الساعة الثانية أو الثالثة صباحا.


حافظو خياط من بنين سيساند منتخب بوركينا فاسو أمام نيجيريا في النهائي

الجاليات الفرنكوفونية تقف إلى جانب بوركينا فاسو
وفي شارع "دي فيلييس"، ينظر يعقوب يمينا ويسارا، وكأنه يناشد المحيطين به والعابرين للالتفاف إليه وعلم بوركينا فاسو بين يديه. وهو يفكر دائما في أهله، على حد قوله، والذي يزورهم مرة كل عامين منذ أن وصل إلى جنوب أفريقيا في 1998. ويفكر أيضا في المباراة النهائية المتحمس لها كثيرا، والتي يقول إن حلم كل مواطنيه سيتحقق من خلالها وبعد فوز "الأحصنة" أمام "نسور" نيجيريا. "الفوز سيكون إن شاء الله حليفنا"، يقول يعقوب، متابعا: "لم يراهن أحد على بوركينا فاسو، وبالرغم من ذلك تأهلنا على حساب زامبيا حاملة اللقب وتفوقنا على توغو ثم على غانا، وأنا متيقن من أننا قادرين على تسليط عقوبة الخسارة على نيجيريا والظفر بالكأس الأفريقية".

وسيحظى يعقوب وبوركينا فاسو بدعم كل الجاليات الفرنكوفونية الموجودة بجوهانسبورغ، لتنضم إلى نحو 600 مواطن بوركينابي يساندون منتخبهم حتى النهاية. وأكد لنا حفيظو وهو خياط من بنين أنه سيساند "بوركينا فاسو باسم علاقة حسن الجوار بين البلدين وباسم الصداقة التي تربطه برعايا" هذا البلد الغرب أفريقي. فيما قال ميشال إن منتخب بلاده "الكاميرون دخل في غيبوبة، ولم يبق لي سوى دعم بوركينا فاسو وهو ما سأقوم به بكل إخلاص".

ومهما كانت نتيجة المباراة النهائية، سيظل عبد الله ويعقوب وعبد المؤمن، وكل البوركينابيين معهم، أوفياء لـ "الأحصنة" لأن زملاء بيترويبا حققوا الأهم وهو التأهل إلى آخر محطة في كأس الأمم الأفريقية 2013. وهو إنجاز صنعه "جيل من ذهب"...