إ ِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ

(((( السميع ..))))




قال جل في علاه { رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } ..
أي تسمع وتجيب ..
فقال عن نفسه : { إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ }..
وقال عن نفسه : { إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ } ..

فهو سميع لأقوال عباده ..
وحركات مخلوقاته ..
يسمع السر وأخفى ..


{سَوَاء مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ ، لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ ، هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ ، وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ } ..

فهو سميع ..
ذو سمع بلا تكييف ولا تشبيه ،ولا تمثيل ..
جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشتكي زوجها ..
قالت : قال لي : أنت عليَّ كظهر أمي ..
فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : ( والله ما أراك إلا قد حرمت عليه )..
تشتكي وترفع شكواها إلى الله ..
فقالت : يا رسول الله إنَّ لي منه صبية صغاراً إن ضممتهم إلي جاعوا ، وإن ضممتهم إليه ضاعوا ..
فقال _ بأبي هو وأمي _ : ( والله ما أراك إلا قد حرمت عليه )..
قالت تجادل وتشتكي وترفع شكواها إلى الله :
لقد أفنى شبابي ، وأفنى مالي ..
فيقول لها النبي صلى الله عليه وسلم : ( والله ما أراك إلا قد حرمت عليه )..
وما هي إلا لحظات إلا وجواب ربها يأتيها ، ويواسيها ، ويرفع عنها الظلم والعدوان ..

{ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ، الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ } ..

تقول عائشة رضي الله عنها: تبارك الذي وسع سمعه كل شيء ..
لقد جاءت المجادلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تكلمه وتجادله وأنا في ناحية البيت ما بيني وبينها إلا ستار ..والله ما سمعت شيئاً من كلامها ..
وفي رواية : الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات..
تأمل في قوله ..
يوم ناداه زكريا نداءً خفياً فسمع الصوت وأجاب الدعاء ..
عند البخاري من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فكنا إذا علونا كبرنا ..
فقال : ( أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً ، تدعون سمعياً بصيراً قريباً ) ..


{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ } ..
سار عمر يوماً ومعه أبو عبيدة فالتقته امرأة في الطريق فقالت :
إيه يا عمر ..
لقد كنت تسمى عميراً تصارع الفتيان في أسواق عكاظ ، ثم ما لبثت أن سميت عمراً ، ثم ما لبثت حتى أصبحت أميراً للمؤمنين ..
فاتقي الله يا عمر واعلم أن الله ساءلك عن الرعية كيف رعيتها ..
فبكى عمر بكاءً شديداً..
فلام أبو عبيدة المرأة على قسوتها على عمر ..
فقال له عمر : دعها يا أبا عبيدة ..دعها يا أبا عبيد ..
فهذه التي سمع الله قولها من فوق سبع سماوات ..
فهذه التي سمع الله قولها من فوق سبع سماوات ..
فحري على عمر أن يسمع قولها ..
سبحانه ..
سميع لدعاء الخلق وألفاظهم ..
عند تفرقهم وعند اجتماعهم ..
لا تختلف عليه اللهجات ولا اللغات ..
ما يعلم ما في قلب القائل قبل أن يقول ..
وقد يعجز القائل عن التعبير عن مراده والله يعلم ذلك فيعطيه الذي في قلبه..
وجاء اسمه السميع مقترناً بغيره من الأسماء ..
{ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } ..
{ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } ..
{ سَمِيعٌ قَرِيبٌ } ..
وهي تدل على الإحاطة بالمخلوقات كلها ..
وأن الله محيط بها ..
لا يفوته شيء منها ..
ولا يخفى عليه ..
بل الجميع تحت ..
سمعه ..
وبصره ..
وعلمه ..
وفي ذلك ..
تنبيه للعاقل ..
وتذكير للغافل ..
كي يراقب نفسه وما يصدر عنها من أقوال وأفعال ..
{ أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ } ..
ومتى آمن الناس بذلك وتذكروه ..
فإنَّ أحوالهم تتغير ..
من القبيح إلى الحسن ..
ومن الشر إلى الخير ..
وإذا تناسوا ذلك ..
فسدت أخلاقهم وأعمالهم ..






ومن أسمائه جلَّ في علاه :


(((( البصير ..))))
أي له بصر يرى به سبحانه ..
ويعني كذلك أنه ذو البصيرة بالأشياء الخبير بها ..
يبصر كل شيء كبُر أو صغر ..
يبصر ما تحت الأرض ..
وما فوق السماء ..
وما في أعماق البحار ..
{ لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } ..
لا تراه في الدنيا العيون ..
ولا تخالطه الظنون ..
ولا تغيره الحوادث والسنون ..
لا تواري عنه سماءٌ سماءا ..
ولا أرض أرضا ..
ولا جبل ما في وعره ..
ولا بحر ما في قعره ..
{ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ } ..


هذه آثار وأخبار نعرفها تمام المعرفة ..
لكن أين أثرها في حياتنا ؟!..
سمع عمر ليلة عجوزاً تقول لبنيتها : امزجي اللبن بالماء ..
فقالت البنية : أما علمت يا جدة أن أمير المؤمنين عمر نهى عن مزج اللبن بالماء..
فقالت العجوز في لحظة غفلة : وأين عمر حتى يرانا ؟!..
فقالت المؤمنة الموقنة بنظر الله : أن كان عمر لا يرانا ..
إن كان عمر لا يرانا فربُّ عمر يرانا ..
قصة نعرفها ..
يعرفها الكبير والصغير ..
لكن أين أثرها في حياتنا وفي معاملاتنا ؟!..
وفي ليلة أخرى يتجول عمر فإذا بامرأة في ظلام الليل تردد هذه الأبيات :




تطاول هذا الليل واسوَّد جانبه
فوالله لولا الله لا شيء غيره
ولكن تقوى الله عن ذا تصدني


وأرقني أن لا خليل ألاعبه
لحرّك من هذا السرير جوانبه
وحفظاً لبعلي أن تُنال مراكبه



الله أكبر ..
عظموا الله فراقبوه ..
واستحيوا منه فهابوه ..
الله أكبر ..
عُظّم الآمر فعُظّمت الأوامر ..
إليك مزيد ..
مرَّ ابن عمر على رويعي غنم في صحراء فقال له امتحاناً :
بعنا من هذه الشياه..
فقال : أنا مملوك ومؤتمن ..
أنا مملكوك ومؤتمن ..
فقال ابن عمر ممتحناً إيمانه :
قل للمالك أكلها الذئب ..
فقال رويعي الغنم الذي امتلأ قلبه خشية من الله :
وماذا أقول لله !!..
ماذا أقول لله !!..
إن قلت للمالك أكلها الذئب ..
فماذا أقول لله !!..
ماذا أقول إذا نطقت الجوارح والأركان { يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ، يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ } ..
فبكى ابن عمر وأرسل إليه من يعتقه وقال له :
كلمة أعتقتك في الدنيا ..
كلمة أعتقتك في الدنيا ..
أسأل الله ان تعتقك يوم أن تلقاه ..
أسأل الله أن تعتقك يوم أن تلقاه ..
قال بقلب مليء بالإيمان ومراقبة الرحمن :



ماذا أقول لله ..
هذه أخبار كلنا يعرفها وسمعها مرات ومرات ..

لكن أيها الغالي ..
أيتها الغالية ..
أين أثر هذا في حياتنا ؟!..
أين أثر هذا في حياتنا ؟!..
ومن معاني البصير ..
أي الخبير بأحوالهم وأفعالهم ..
يعلم ..
من يستحق الهداية ..
ومن يستحق الغواية ..
{ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ } ..
{ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرَاً بَصِيراً } ..