السلام عليكم
يعيش على أرض إيران تقريبا 20 مليون إيراني على مذهب أهل السنة والجماعة ليس لهم في طهران مسجد واحد يؤدون فيه الجمع والجماعة..
وضع صعب للغاية يعيشه إخواننا هناك وهذا الموضوع المنقول.. عن حالهم هناك
وقبل ذلك عرض تاريخي موجز عن إيران وسكانها من أهل السنة.. فإليكم الموضوع:
1- فتح إيران منذ شروق نور الإسلام:
إيران (فارس) كانت دولة مسلمة، عرفت الإسلام منذ شروق شمسه على شبه الجزيرة العربية حين أرسل محمد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم رسالة إلى كسرى فارس يدعوه إلى الدخول في الإسلام، دين الله الحق، الذي رضيه لعباده أجمعين، لكن ملك فارس أبى واستكبر، وكان من الخاسرين.
غير أن أشعة شمس الإسلام بدأت تتجه إلى إيران بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد بدأ الفتح الإسلامي لهذه البلاد في عام 13 هـ في أواخر عهد الخليفة الراشد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، واستمر في عهد خليفته عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وحقق المسلمون نصراً مبيناً في موقعة نهاوند في عام 21 هـ، فسميت هذه الموقعة (فتح الفتوح)، لأن دولة الساسانيين لم تقم لها قائمة بعدها، فاستكمل المسلمون فتح سائر أرجاء إيران في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقتل يزدجرد الثالث آخر ملوك الساسانيين في عام 31 هـ فطويت صفحة الساسانيين وأصبحت إيران من ديار المسلمين.
وعاشت إيران في ظل الإسلام منذ شروق شمس الإسلام على جنباتها في عام 21 هـ إلى 907 هـ وهي سنية المذهب في عصور الخلفاء الراشدين والأمويين والعباسيين وظلت سنية المذهب بعد سقوط الخلافة العباسية إلى أن قامت للصفويين دولة فيها في عام 906 هـ ثم أعلن الصفويون في عام 907 هـ المذهب الشيعي الإمامي مذهباً رسمياً لدولتهم، فأخذت إيران منذ ذلك التاريخ تصطبغ بالصبغة الشيعية، ولا تزال غالبة عليها إلى يومنا هذا.
2 - إيران في العصور السنية:
غلبت الصبغة السنية على إيران المسلمة ما يقرب من تسعة قرون من الزمان - من عام 21 إلى 907 هـ - لأن موقعة نهاوند التي سميت فتح الفتوح قد حدثت في عام 21 هـ وكانت موقعة حاسمة، لم تقم لدولة الساسانيين بعدها قائمة، فتحت بعدها أبواب إيران على مصراعيها أمام جند المسلمين، فأخذوا يسيطرون على الأقاليم الإيرانية المختلفة إقليماً في أثر إقليم، حتى تمت للمجاهدين المسلمين السيطرة على جميع أنحاء إيران في سهولة ويسر، ودون مقاومة تذكر بعد أن تمزق جيش يزدجرد الثالث آخر ملوك الساسانيين، وهرب إلى خراسان ومنها إلى مرو في إقليم ما وراء النهر في محاولة يائسة لجمع الجند، وانتهى أمره بالقتل عام 31 هـ فيعد هذا العام نهاية فعلية لزوال الدولة الساسانية، وإن كانت هذه الدولة قد زالت حقيقياً بعد موقعة نهاوند في عام 21 هـ.
وظلت الصبغة السنية غالبة على إيران في ظل الإسلام طوال العصر العباسي من عام 132 هـ إلى عام 656 هـ وقد ساعد انتقال الخلافة إلى العباسيين على ازدياد نفوذ الإيرانيين في الدولة العباسية منذ بدايتها، فقد احتل الإيرانيون منصب الوزارة في هذه الدولة أكثر من نصف قرن من الزمان من عام 132 هـ إلى عام 187 هـ أي منذ عهد (السفاح) أول خليفة عباسي إلى عهد هارون الرشيد خامس خلفائهم.
وفي عام 205 هـ أراد الخليفة المأمون أن يكافئ قائده طاهر بن الحسين على انتصاره على أخيه الأمين، فأسند إليه أمر خراسان فانتهز طاهر هذه الفرصة، فأسس دولة سماها الدولة الطاهرية ظلت حاكمة أكثر من خمسين عاماً في إقليم خراسان من عام 305 هـ إلى عام 359 هـ.
وهكذا ظهرت نزعة الاستقلال عن العرب في إيران منذ أوائل القرن الثالث الهجري، وازدادت بعد ذلك في عهد الدول التي خلفت الدولة الطاهرية كالدولة الصفارية والدولة السامانية، والدولة الغزنوية، ولكن الصبغة السنية ظلت غالبة على مظاهر النشاط البشري في إيران طوال حكم العباسيين.
وفي عام 259 هـ أقام يعقوب بن الليث الصفاري دولة جديدة في خراسان وسماها الدولة الصفارية ظلت تحكم بواسطة أبنائه وأحفاده من بعده إلى عام 279 هـ.
وفي عام 279 هـ بدأ الصراع بين معسكر الصفاري ومعسكر الساماني إلى أن انتهى به انتصار السامانيين وانتزاعهم السيطرة على شرق إيران وتأسيس دولة جديدة عرفت باسم الدولة السامانية ظل حكامها ممثلين في إسماعيل الساماني مؤسس الدولة وأبنائه وأحفاده يحكمون هذه المنطقة الشرقية التي تضم خراسان وما وراء النهر، اكثر من قرن من الزمان من عام 279 هـ إلى عام 389 هـ.
وقد وصلت الدولة السامانية إلى أوج قوتها في عصر نصر بن أحمد الساماني فسيطرت على أقاليم ما وراء النهر، وخراسان، وسجستان، وطبرستان، والري، وكرمان، وعلى الرغم من أن السامانيين أحيوا كثيراً من مظاهر الحياة الإيرانية القديمة، فإنهم لم يخرجوا عن طاعة الخليفة العباسي، فاعترفوا له بالسيادة الروحية عليهم، وكانوا يتبعون المذهب السني مما جعل علماء ما وراء النهر يشدون أزرهم ويناصرونهم.
ومن ناحية أخرى قام السامانيون بحرب في تركستان وانتصروا فيها وبذلك دخل من الأتراك في دولة السامانية، وعلى مرور الزمن تمكنوا من إسقاط الدولة السامانية، فبدأ عصر جديد وهو عصر نفوذ العناصر التركية في إيران الإسلامية، وأخذ الأتراك يكونون دولة قوية كان لها شأن في التاريخ الإسلامي عامة، وفي تاريخ إيران خاصة، وهو عصر بلغت فيه الصبغة السنية أزهى درجاتها في إيران.
وقد أخذ الخلفاء العباسيون يستعينون بالأتراك منذ عهد الخليفة العباسي المعتصم ابن المأمون - من عام 218 هـ إلى عام 227 هـ- لأن المعتصم كانت أمه تركية، ومع هذا كان تابعاً للخليفة العباسي، وقد شهدت إيران دور الغزنويين، وفي عصر السلطان محمود الغزنوي وهو أشهر سلاطين الدولة الغزنوية، ومن أبطال المسلمين المشهورين لشجاعته وكثرة فتوحاته وانتصاراته، كما كان شاهداً قوياً على ازدهار الحضارة الإسلامية ذات الصبغة السنية.
وقد شهدت إيران بعد هزيمة السلطان محمود الغزنوي ابن السلطان محمود الغزنوي بداية عصر السلاجقة في عام 429 هـ بقيام دولتهم في إقليم خراسان، وكانت الدولة السلجوقية ذات صبغة سنية شديدة الوضوح، لأن سلاطين السلاجقة كانوا شديدي التمسك بالمذهب السني، وكانوا يعدون أنفسهم جنوداً مخلصين للخلافة العباسية.
وبعد عصر السلاجقة تمكنت الدولة الخوارزمية في عام 590 هـ من إيران. وفي هذا العصر ظهرت الصبغة السنية في جميع مظاهر الحضارة الإيرانية، وقد ظلت الصبغة السنية غالبة على المسلمين في إيران بعد سقوط الخلافة العباسية في بغداد في عام 656 هـ.
3 - إيران بعد سقوط الخلافة العباسية:
كان سقوط دولة السلاجقة في إيران والعراق في عام 590 هـ (1194م) بداية النهاية بالنسبة للخلافة العباسية في بغداد، فقد صادف سقوط السلاجقة ظهور المغول وبروز حرصهم على العالم الإسلامي السني. والمغوليون كانوا من القبائل التركية الوثنية المقيمة في وسط آسيا أول سلاطينهم (تموجي) (جنكيز خان) ووصل المغول إلى حدود الدولة الخوارزمية في عام 599 هـ.وفي عام 654 هـ تمكن المغول من إيران بعد سقوط الدولة الخوارزمية ثم تقدم نحو بغداد.
وفي عام 654 هـ تمكن المغول من إيران بعد سقوط الدولة الخوارزمية ثم تقدموا نحو بغداد، وفي عام 654 هـ حاصروها شهراً، وقُتل الخليفة المعتصم بالله أحد الخلفاء العباسيين السنيين فأصبح المغول يسيطرون على إيران والعراق سيطرة تامة، واستقر المغول في إيران واتخذوا مدينة السلطانية عاصمة لدولتهم في إيران، وعلى رغم وثنية المغول، فإن الصبغة الإسلامية السنية ظلت سائدة واضحة في إيران بعد سقوط دولة الخلافة العباسية السنية بل إن قوة الحضارة الإسلامية المستقرة في إيران لم تلبث أن أثرت فيهم فبدأوا يغيرون من عاداتهم وأخلاقهم ويلبسون أنماطاً جديدة من الملابس ويؤمنون بمعتقدات دينية تخالف ما اعتادوا عليه في حياتهم القبلية الوثنية.
ووجد المغول بعد استقرارهم في إيران أنهم محتاجين إلى موظفين من الإيرانيين في المناصب الإدارية المختلفة مما يسر للإيرانيين الوصول إلى المناصب الإدارية الرفيعة في الدولة المغولية، فظلت الصبغة الإسلامية السنية واضحة في مظاهر النشاط البشري في إيران في العصر المغولي، حتى سمي (تكوادر) أخ أبا خان - في قيادة المغول - أحمد، وكان ذلك في عام 680 هـ بعد مرور أقل من ربع قرن على سقوط دولة الخلافة العباسية السنية صار حكام المغول مسلمين منذ ذلك الوقت، وأصبحوا دعاة للحضارة الإسلامية السنية، وهكذا ظلت الصبغة السنية غالبة واضحة في إيران بعد الخلافة العباسية السنية على أيدي المغول الذين غلبوا عسكرياً ولكنهم غلبوا حضارياً وتركوا وثنيتهم ودخلوا في الإسلام دين الحق وصاروا من جنده المدافعين عنه والمحامين عن حضارة المسلمين.
وقد ظهر التيموريون في النصف الثاني من القرن الثامن الهجري بقيادة تيمور وتمكنوا من الاستيلاء على أقاليم خراسان، ومازندران، وسجستان، ثم لم يلبثوا أن بسطوا سيطرتهم على أجزاء إيران وهاجموا العراق والشام، واتخذ تيمور مدينة سمرقند عاصمة الدولة وسيطر على جزء من تركستان وجزء من الهند، وبقيت الصبغة السنية ظاهرة غالبة في إيران في ظل الدولة التيمورية، ولكن مع الأسف بعد وفاة مؤسسها تيمور في 807 هـ كثرت المنازعات بين أبنائه وأحفاده إلى أن تسبب التفكك في البيت التموري، بقطع أجزاء الدولة التيمورية، فتمكنت قبائل القره فيوئلو من الاستيلاء على إقليم أذربيجان في عام 811 هـ، واتسع نفوذ هذه القبائل حتى بلغ بغداد وهؤلاء كانوا يحكمون الإقليم الغربي من إيران بينما كان أبناء تيمور يحكمون الإقليم الشرقي في إيران، وظلوا يحكمون هذا الإقليم حتى عام 911 هـ.
وكانت الصبغة السنية هي الغالبة الواضحة في إيران رغم سقوط الخلافة العباسية - فظلت ظاهرة أثناء غلبة المغول والتيموريين ومن بعدهم إلى طوال قرنين ونصف من الزمان بعد سقوط دولة الخلافة، فلم تتغير صبغتها إلا بعد قيام الدولة الصفوية الشيعية في عام 906 هـ، وإعلانها المذهب الشيعي الإمامي مذهباً رسمياً في إيران في عام 907 هـ، فاتخذ تاريخ إيران وحضارتها الإسلامية اتجاهاً جديداً منذ ذلك الوقت إلى يومنا هذا...
مواقع النشر