اخواني
لا يخفاكم التصادم الفهمي الواقع منذ فترة بين علماء غائبون عن فقه الواقع أو عندهم ضعف اطلاع عليه
وبين علماء آخرين متمكنين غاية التمكن من الاطلاع على فقه الواقع وعلى نفسيات الناس واحتياجات الشباب
أولا أنا لا ألوم أيا من طرفي هذا التصادم لأن لكل منهم فهمه وفقهه ونفسيته ونظرته للناس
هناك علماء وقفوا على شاطئ المسألة فحرموا
وهناك علماء سبحوا في بحر المسألة فوضعوا ضوابط وأجازوا بالضوابط وإلا فهي حرام
هناك علماء وقفوا على ظاهر الدليل بنفس طريقة الظاهرية
وهناك علماء فحصوا الدليل وقلبوه فاتضح لهم أنه ليس بدليل قطعي في التحريم
كما تعلمون أن هناك شريحة كبيرة من الناس هالهم فقه الإمام القرضاوي الذي ينتهج منهج التيسير
ورأوا أن هذا الرجل مقل من إطلاق كلمة (حرام) وأن هذا الرجل كما يقولون(ميع الدين)
في حين أن غيره مسرف في إطلاق كلمة (حرام لا يجوز)
هناك من شككوا في ديانة الإمام القرضاوي وأسموه(مميع للدين)
وهناك من سموا مخالفيه (المتشددين المنفرين)
إخواني
الإمام القرضاوي لم يحل شئ (كالغناء والموسيقى والرقص والتصفيق والمسرحيات والدراما والكوميديا والنكت والسينما والألعاب الرياضية الترفيهية والقنص والصيد واللعب بالشطرنج والورق(البيلوت وأخواته) وأفلام الكرتون) ـــ وهي المسائل التي بسببها كتبت هذه المقالة ـــ إلا ويضع لها شروط وضوابط إن تقيد بها فهي جائزة وإلم فهي حرام
حتى إن الإمام يوسف القرضاوي أفرد مصنفات بالكامل في هذه المسائل فله على سبيل المثال:
*كتاب(الإسلام والفن).
*كتاب(فقه الغناء والموسيقى).
*كتاب(فقه اللهو والترويح).
وغيرها كالبرامج الفضائية والفتاوى المعاصرة
فيتضح من ذلك أن الإمام ليس غائبا عن الواقع وعن حاجة الشباب للهو والترويح
بعكس غيره من العلماء((غفر الله لهم ولهم مني كامل الإحترام مع كراهية جوانب من فقههم)) الذين ضيقوا إمكانية إستمتاع الشباب بمهج الحياة وزينتها(قل من حرم زينة الله التي أنزل لعباده) (متاعا لكم ولأنعامكم)
حتى أنهم يفتون عوام الشباب كما يفتون من بلغوا في الإيمان مبلغا بعيدا
إنهم يفتون الشباب العامي كأنهم من صنف الحسن البصري وسفيان الثوري وإبراهيم بن أدهم وغيرهم من الأئمة المجتهدين في العبادة
(( وهذا خطأ ))
لننظر إلى سيرة الحبيب لم يكن يعامل جميع من حوله معاملة واحدة ولا يفتيهم بفتوى واحدة بل كان ينظر إلى أحوالهم ثم يفتيهم
إخواني
هل كانت فتوى الحبيب لعبدالله بن عمر مثلا كفتواه لذلك الرجل الأعرابي؟
أم أنه راعى أحوالهم وطالب عبدالله بن عمر بما لم يطالب به الأعرابي؟
إذ قال له الرسول صلى الله عليه وسلم مرة "نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم الليل".
قال سالم: "فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلا" رواه أحمد.
انظروا طلب من عبدالله بن عمرـــ بشكل غير مباشر بل بالتلميح ـــ قيام الليل
وانظرو إلى الآخر هو رجل من العوام بل من الأعراب
في صحيح مسلم جاء رجل من أهل البادية فقال: يا محمد أتانا رسولك فزعم لنا أنك تزعم أن الله أرسلك قال: صدق قال فمن خلق السماء قال الله قال: فمن خلق الأرض قال الله قال: فمن نصب هذه الجبال وجعل فيها ما جعل؟ قال: الله قال: فبالذي خلق السماء وخلق الأرض ونصب هذه الجبال آلله أرسلك؟ قال: نعم. قال: وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا. قال: صدق. قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم. قال: وزعم رسولك أن علينا زكاة في أموالنا. قال: صدق. قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم. قال: وزعم رسولك أن علينا صوم شهر رمضان في سنتنا. قال: صدق. قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم. قال: وزعم رسولك أن علينا حج البيت من استطاع إليه سبيلاً. قال: صدق. قال: ثم ولى. قال: والذي بعثك بالحق لا أزيد عليهن ولا أنقص منهن. فقال النبي صلى اللهم عليه وسلم: (( لئن صدق ليدخلن الجنة )).
هل طالبه بقيام الليل؟
هل طالبه بإعفاء اللحية؟
هل طالبه بتشمير الثوب؟
هل طالبه بأي سنن أو نوافل أخرى؟
أم أنه راعى حاله وإكتفى بالفرائض؟
يا الله !!!
أين دعاتنا عن تأمل سيرة حبيبنا عليه الصلاة والسلام؟
أين دعاتنا الذين يريدون من الشباب المقبلين على الهوى أن يصبحوا في عشية وضحاها منافسين لابن تيمية في العلم ولأويس القرني في التعبد ولسعيد بن المسيب وغيرهم من الأئمة
ختاما:((إتقوا الله وإياكم والغيبة والسب والشتم))
مواقع النشر