الجنادرية - واس : سطرت جدران "بيت الخير" التي جسدت إرث المنطقة الشرقية، صورًا فريدةً من ماضي "الشرقية" وموروثها وفنونها وحرفها المتعددة. وتستقبل الفرق الشعبية زوار جناح المنطقة الشرقية المشارك في فعاليات مهرجان الجنادرية لهذا العام, بالعديد من الفنون التي تمتاز بها المنطقة, ومنها العرضة السيفية المشابهة للعرضة السعودية بالسيوف مع اختلاف بسيط في الإيقاعات المصاحبة للعرضة، والفن البحري, و"الفجري" و"الخطفة" و"الدواري"، إلى جانب الفنون الأخرى "كالقادري"، "العاشوري"، "البسته"، "المجيرسي" و "الفريسية".



ويجسد مبنى "المدرسة الأميرية" التي انشات عام 1940م علاقة المنطقة الوطيدة بالعلم والتعليم, حيث يضم أجنحةً لجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وجامعة الملك فيصل، وجامعة الدمام، وجامعة الأمير محمد بن فهد. ويأتي "سوق القيصرية" الذي يعد معلمًا بارزًا من معالم الأحساء في مقدمة اهتمام زوار "بيت الخير"، نظرًا لما يضمه من نشاطات مختلفة لحرفٍ شعبية تمتاز بها المنطقة، ومن أبرز تلك الحرف تطعيم الآيات القرآنية بالخرز والكريستال.



والتقى مندوب "واس" بالمشارك حسين دهيم الذي عَمِل بهذه المهنة منذ (40) عامًا, والذي أكد حرصه واهتمامه للمشاركة للمرة الثانية في فعاليات مهرجان الجنادرية عطفًا على الإقبال الشديد الذي شهده من زوار المهرجان في العام الماضي للوحات الفنية التي قدّمها.

وأوضح دهيم أنه يشارك هذا العام بلوحة تضم آياتٍ من سورة النور, طرّزت بنحو (30) ألف حبة خرز, مشيرًا إلى الصعوبات التي كان يواجهها في بداياته مع هذه الحرفة نظرًا لصعوبة الحصول على الخرز والكريستال في تلك الحقبة الزمنية.

من جانب آخر .. يشير "القفاص" عبد الله بن أحمد, إلى أن مهنة "القفاصة" التي نقلها عن أخيه منذ أكثر من 23 عامًا, تستلزم استخدام عدد من الأدوات كـ "المجوب" وهي أداة تستخدم للحفر على جريد النخل، و "المنجل" الذي يستخدم للقطع، "المشبكة" و "المنشار"، ويستخدم فيها جريد النخل لصناعة أقفاص الطيور والأسرة وحاملات الملابس والأمتعة.

ويؤكد القفاص أن مهنة القفاصة تعد من الحرف الإبداعية التي تتطلب مهارة عالية، مشيرًا إلى ارتباط مهنة القفاصة بالمنطقة حيث كانت من أهم المهن المرموقة التي اشتهرت بها المنطقة الشرقية قديمًا، بحكم شهرتها كمنطقة زراعية خاصة بمحافظتي الأحساء والقطيف، واستشعارًا لمكانة النخلة وما تقدمه من مصدر للغذاء وبناء المساكن والأثاث.

ويحوي السوق العديد من الصناعات اليدوية ومنها تفصيل الثياب القديمة والتطريز والنجارة وفتل الحبال والحدادة والمصنوعات النسيجية والصناعات الخشبية. وبجانب سوق القيصرية تأتي العديد من المباني الموازية لأبرز معالم المنطقة الشرقية كجبل قاره بالأحساء ومسجد جواثا الأثري بالأحساء الذي يعد ثاني مسجد صليت فيه الجمعة في الإسلام بعد المسجد النبوي الشريف, حيث صمم المسجد بطريقة مطابقة للأثر الموجود حاليًا بالإحساء بمساحاته و طرازه المعماري و محاريبه الثلاثة، إلى جانب القهوة الشعبية التي تأتي تحت سقفٍ من السعف وجذوع النخل وتطل على مساحةٍ مفتوحة تأخذ زائر "بيت الخير" إلى الماضي.



ويمتاز "بيت الخير" لهذا العام بركن النحت على الرمال, الذي يشارك به الفنان التشكيلي عبدالهادي الفرحان لأول مرة بمهرجان الجنادرية.

وحول بداياته مع هذا الفن, يشير الفرحان إلى أنه بدأ تجربته مع النحت منذ نحو (8) سنين بعد أن كان فنانًا تشكيليًا, مستعرضًا كيفية تصميمه للمجسمات الرملية، حيث يستخدم أحواضًا يوضع الرمل فيهاـ ومن ثم ترفع الأحواض حسب الارتفاع المطلوب, وتنزع من الأعلى حتى الأسفل، وبعد ذلك يتم النحت على الرمل.

وفي ركن آخر من أركان البيت يقف " الخباز " ليقدم لزائريه الخبز الحساوي وسط إقبال كثيف من زوار البيت.

ويأتي "بيت البيعة" الذي بويع فيه المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن -رحمه الله- في الأحساء, في منتصف "بيت الخير"، حيث يحاكي في تصاميمه المعمارية و الهندسية بيت البيعة في الإحساء، وتتزين جدرانه بصور نادرة ومخطوطات ووثائق للمؤسس مع عدد من وجهاء الأحساء.

وعلى موازاة سور بيت الخير خصص جناح كبير لقصة اكتشاف النفط و بئر الخير والبئر رقم سبعة الذي يعد أول بئر تدفق منه النفط السعودي في عهد الملك عبد العزيز -رحمه الله-.

ووسط أهازيج البحارة يمثّل المركب الشراعي البيئة البحرية والساحل الشرقي، حيث يعتليه عدد من البحارة وسط بركة ماء صافية تمثّل مياه الخليج العربي، ويقدّم البحارة خلالها فقرات متنوعة بين طرق صيد الأسماك وجمع اللؤلؤ بمرافقة الأناشيد والأهازيج البحرية.

وخصص الجزء الأخير من البيت لجسر الملك فهد، حيث تشارك المؤسسة العامة لجسر الملك فهد بجناح يشمل مجسمًا حيًّا للجسر الذي يربط بين المملكة ومملكة البحرين الشقيقة، ويقدم صورًا توضح مراحل المشروع, إلى جانب فيلمٍ وثائقي يبن مراحل بناء الجسر.