عقب تصريحات مسؤول عن إدراجهم في خانة "أصحاب الظروف الصعبة"
السعودية.. "منكوبو الأسهم" يعوّلون على "القروض الاجتماعية" لإنقاذهم من الخسائر






أعطت المليارات العشرة التي أمر خادم الحرمين الشريفين باعتمادها كقروض اجتماعية بارقة أمل لصغار المتداولين في سوق الأسهم السعودية، بإمكانية تحسين أوضاعهم، والتخفيف من نزف الخسائر الذي يتعرضون له جراء الانخفاضات المتتابعة في أسعار الأسهم، وانخراطهم في عمليات بيع جماعية لتوفير السيولة.

وفقا لما رصدته "الأسواق نت" فقد ظهرت لهجة التفاؤل الحذر -نوعا ما- لدى هؤلاء عقب تناقُلهم تصريحات صحفية لمدير عام بنك التسليف، أبان فيها أن "ضحايا" سوق الأسهم يندرجون في خانة أصحاب الظروف المادية الصعبة، ممن صدرت التعليمات بقبول طلباتهم واستثنائهم من شرط الحد الأدنى للراتب، 7 آلاف ريال (الدولار يعادل 3.75 ريالات).


وجهة واضحة

وأعطى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، أمس الأول السبت 25-10-2008 توجيهاته بإيداع 10 مليارات ريال سعودي (2.6 مليار دولار) في حساب بنك التسليف والادخار، من أجل مواجهة احتياجات المستحقين للقروض الاجتماعية على اختلاف أنواعها (قرض زواج، قرض ترميم، قرض أسري).

وفيما تطرقت الأحاديث الدائرة بين المتداولين إلى أثر هذه الخطوة في دعم سوق الأسهم، أبدى الخبير الاقتصادي فضل البوعينين تحفظه على هذا الرأي، قائلا: إن صفة القروض ووجهتها محددة وواضحة، ولا يمكن اعتبارها من باب الدعم المادي والتدخل المباشر في السوق، بقدر ما هي إعانة للمتضررين من انهيار التعاملات، أو من يصطلح عليهم بـ"منكوبي الأسهم".

وتابع "موجة الخسائر الأخيرة للأسهم نقلت فئات جديدة من حال الكفاف إلى الفقر، وفي هذا الإطار يمكن فهم إدخال هؤلاء في شريحة المستفيدين من القروض الاجتماعية، وإن كان حجم المخصص لهم غير واضح حتى الآن".

وفي المقابل رأى البوعينين أن صغار المتداولين يمكن أن يشكلوا بمجموعهم تأثيرا ملموسا على أداء السوق، إذا استفاد أكثرهم من القروض لتدعيم سيولتهم و"كف أيديهم" عن بيع ما تبقى في محافظهم من أسهم قليلة.


زيادة الأعباء


ورغم إقراره بأن البنوك حلقة في سلسلة الاقتصاد لا يمكن فصلها عن غيرها، اعترض البوعينين على من يقولون بأن القروض الاجتماعية قد تكون وسيلة غير مباشرة لضخ السيولة في شرايين البنوك، على اعتبار أن معظم المستفيدين سيوجهون ما استلموه من مصرف التسليف لتسديد ديون مستحقة عليهم للبنوك التجارية، مذكرا بأن رفد بنك التسليف بمليارات الريالات جاء عقب أن وزع المصرف كامل رأسماله على المقترضين، ولم تعد عنده السيولة الكافية للقيام بمهامه كما ينبغي.

وضخت مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" أواسط الأسبوع الماضي قرابة 3 مليارات دولار بالمصارف المحلية على شكل ودائع، في أول عملية من نوعها منذ حوالي 10 أعوام.

وتوقع البوعينين أن يسفر إدخال المتضررين من خسائر الأسهم في عداد المستحقين للقروض الاجتماعية عن زيادة الأعباء على بنك التسليف، لكنه قال: إنه لا مفر للحكومة من أداء دورها في إعانة المحتاجين، وليس هناك وسيلة أفضل لذلك من الصناديق الاجتماعية التي تتولاها الدولة.

وعاود التأكيد على أن دعم المتضررين إجراء إيجابي يكتمل بدعم السوق، عبر توجيه بعض مدخرات صندوق الاستثمارات العامة لشراء مزيد من أسهم الشركات التي وصلت أسعارها إلى مستويات متدنية مع ما تقدمه من عوائد سنوية مجزية، وهذا من مصلحة الصندوق أولا وإن كان يصب في مصلحة السوق بالنهاية.

من جانبهم، عبّر أصحاب محافظ صغيرة ومتوسطة في السوق السعودية عن تفاؤلهم بعودة التوازن إلى تعاملاتهم، إذا قُدّر لهم أن يستفيدوا من القروض الاجتماعية، التي اعتبروها بمثابة السفينة لكل من غرق في بحر الخسائر وتعطلت بوصلة قراره الصائب.


ضخ سيولة

وقال المتداول مطلق الحربي: إن الدعم الذي فُتح بابه عبر قروض بنك التسليف هو المعوّل عليه حاليا، وذلك بعد أن استنكفت هيئة السوق ومؤسسة النقد وصناديق الدولة عن التدخل المباشر لضخ السيولة.

أما عبد العزيز العمير فرأى أن "التصريحات الإعلامية" لا تكفي، ولا بد من انتظار التطبيقات على أرض الواقع "لنعرف قيمة القرض المتاح ونوعية الضمانات والشروط المطلوبة لاستحقاقه".

وأبدى أنس الرشدان تخوفه من أن يستجيب بعض المستفيدين من قروض الأسهم لداعي "الإدمان" فيلجؤون إلى إعادة الزج بها في "محرقة السوق"، وهكذا تكون هذه القروض عونا لهم على مزيد من التقهقر المالي.

يذكر أن عدد من استفادوا من القروض الاجتماعية لبنك التسيلف وصل إلى 180 ألف رب أسرة، حصلوا على تمويلات متفاوتة تتراوح بين 5 آلاف و45 ألف ريال.

وشهد بنك التسليف والادخار الذي أسس عام 1973 زيادات متوالية في رأسماله، قفزت به من مليون ريال إلى ألف مليون ريال مؤخرا، في وقت كانت الشكوك تحوم حول توقف البنك بعد إعلان مديره عن تضاؤل كبير في ميزانيته.