لندن (رويترز) : أثار برنامج أمريكي سري كبير للتجسس على الإنترنت مشكلات محرجة لحلفاء واشنطن اضطرتهم إلى توضيح ما إذا كانوا يسمحون لواشنطن بالتجسس على مواطنيهم أم أنهم يستفيدون من تجسس ليس مشروعا في بلادهم.
درة - محمد بن سعد: كشفت صحيفة غاردين عن وثيقة مسربة (عرض تقديمي على برنامج بوربوينت PowerPoint) من وكالة الأمن القومي NSA الأمريكية تخص امكاية دخول الاستخبارات CIA الأمريكيةإلى أنظمة حوضنكبريات شركات الإنترنت مثل (مايكروصوفت - قوقل - فيس بوك،،،) لتتبع أي كان،،، وهذه الوثيقة تضم 41 شريحة مصنفة بالسرية تخص تدريب عملاء الإستخبارات على طرق استخدام نظام التجسس (بريزم PRISM) الذي يعود إلى نيسان 2013.
يتم تنزيل برنامج بريزم PRISM على أنظمة الشركات من أجل تمكين دوائر الإستخبارات من الحصول على كافة البيانات (معلومات عن أفراد أو جماعات) ضمن محتويات قاعدة بيانات الشركات، خصوصا تاريخ (محادثات - صور - أسماء - ملفات متبادلة - مهاتفات - اوقات دخول وخروج ،،، إلخ).
برنامج بريزم PRISM للتجسس بدأ بسرية تامة في 2007، وبدايته كانت مع مايكروصوفت MicroSoft، لحقتها ياهو Yahoo في 2008، ثم قوقل Google في 2009، ثم يوتوب في 2010، ثم سكايب و AOL في 2011، تبعتهم أبل Apple في 2012، واليوم يضم هذا النظام 9 شركات عالمية أخرى مثل دروب بوكس،،،
وأكد مسؤولون أمريكيون وجود البرنامج السري الذي يعرف باسم (بريزم) والذي أظهرت وثائق مسربة إلى صحيفتي واشنطن بوست الأمريكية وجارديان البريطانية أنه أتاح لهم اختراق حسابات بريد إلكتروني ومحادثات دردشة على الإنترنت وبعض وسائل التواصل الأخرى التابعة لشركات مثل جوجل وفيسبوك وتويتر وسكايب.
ويفرض القانون الأمريكي قيودا على سلطة الحكومة في التجسس داخل البلاد ولكن ليست هناك قيود فعلية على تنصت أجهزة المخابرات الأمريكية على اتصالات الأجانب بما في ذلك في الدول الحليفة التي تتبادل معها واشنطن المعلومات الاستخباراتية.
ويعني ذلك أن واشنطن يمكن أن تمد الحكومات الصديقة بعدد ضخم من المعلومات بشأن الاتصالات الخاصة لمواطنيها على الإنترنت.
وأدلى وزير الخارجية البريطاني وليام هيج بتصريحات عبر التلفزيون يوم الأحد طمأن فيها البريطانيين بأن أجهزة المخابرات البريطانية لم تتحايل على القوانين التي تقيد عملها بحصولها على معلومات جمعتها واشنطن.
مقر وكالة الأمن القومي NSA
وفي ألمانيا - حيث ما زالت ذكريات جهاز مخابرات ستاسي في ألمانيا الشرقية السابقة حية في الأذهان - قالت المعارضة إن المستشارة أنجيلا ميركل يجب أن تتخذ المزيد من الإجراءات لحماية الألمان من التجسس الأمريكي وتطالب بإيضاحات من الرئيس الأمريكي باراك أوباما أثناء زيارته لألمانيا هذا الشهر.
وفي أستراليا قال مصدر حكومي إن برنامج التجسس الأمريكي قد يزيد من صعوبة مصادقتها على قانون يسمح للحكومة بالاطلاع على بيانات الإنترنت في البلاد.
وفي نيوزيلندا يمكن أن يسبب هذا البرنامج مزيدا من الإحراج للحكومة التي اضطرت بالفعل إلى الاعتراف بأنها تجسست بشكل غير قانوني على صاحب موقع إلكتروني عملاق لتبادل الملفات والذي يقاوم تسليمه إلى الولايات المتحدة بتهمة ممارسة القرصنة الإلكترونية.
وفي بريطانيا التي أقامت أقوى علاقات استخباراتية مع واشنطن باعتبارها الحليف الرئيس لها في العراق وأفغانسان تساءل سياسيون عما إذا كان الاطلاع على البيانات التي جمعتها واشنطن سمحت لهيئة الاتصالات الحكومية في لندن بالتحايل على القيود المفروضة على سلطاتها في التجسس.
ولم يذكر هيج طبيعية المعلومات التي تلقتها بريطانيا من الولايات المتحدة بشأن مواطنين بريطانيين ولكنه قال إن استغلال هيئة الاتصالات الحكومية للتعاون مع واشنطن بهدف التحايل على القوانين البريطانية "لغو لا معنى له".
وقال هيج لتلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) يوم الأحد "القول بأن الناس في هيئة الاتصالات الحكومية يجلسون ويعكفون على كيفية التحايل على قانون بريطاني مع وكالة أخرى في بلد آخر إنما هي فكرة خيالية."
وأضاف "بالطبع نحن نتبادل الكثير من المعلومات مع الولايات المتحدة... لكن إذا وصلت معلومات من الولايات المتحدة إلى بريطانيا فإنها تكون خاضعة لقوانيننا."
وقال المتحدث باسم حزب العمال المعارض دوجلاس الكسندر إنه ينبغي على هيج أن يكون أكثر شفافية قائلا "من المهم الآن أن تطمئن الحكومة الناس الذين يتملكهم القلق تجاه تلك التقارير."
وفي ألمانيا التي تضع قواعد صارمة لحماية الخصوصية قالت المعارضة إن الحكومة مسؤولة عن الحيلولة دون التجسس الأمريكي على الألمان.
وقال توماس اوبرمان وهو مشرع كبير من الحزب الديمقراطي الاشتراكي المعارض "لا توجد مشكلة لدى أحد في وضع الولايات المتحدة الإرهابيين قيد المراقبة.. منع ذلك هجمات إرهابية في ألمانيا في السابق.
"(لكن) المراقبة الشاملة لكل المواطنين من جانب الولايات المتحدة غير ملائم على الإطلاق. يجب أن تحمي الحكومة الالمانية خصوصية الألمان من الولايات المتحدة أيضا."
وقالت ريناته كويناست وهي عضو برلماني رفيع عن حزب الخضر لرويترز "يبدو أن هذه القضية ستصبح واحدة من أكبر الفضائح في مجال تبادل المعلومات ... لا يمكن لميركل أن تتجاهل الأمر وتتصرف وكأن شيئا لم يكن."
وفي أستراليا قالت المعارضة المحافظة التي يرجح أن تفوز في انتخابات سبتمبر أيلول إنها "قلقة للغاية" من برنامج بريزم ومن الاطلاع على بيانات الأستراليين. ودعا حزب الخضر ذو النفوذ الحكومة إلى توضيح ما إذا كانت أجهزة المخابرات الأسترالية اطلعت على بيانات أمريكية.
الرئيس الامريكي باراك اوباما فور وصوله البيت الابيض في واشنطن قادما من كاليفورنيا يوم الأحد. تصوير. جوناثان ارنست -رويترز
ولدى سؤال عما إذا كانت كانبرا تعاونت مع البرنامج الأمريكي قال وزير الخارجية الأسترالي بوب كار في مقابلة تلفزيونية يوم الأحد "سنحقق بعناية في أي تداعيات على أمن الأستراليين وخصوصياتهم بسبب ما تم الإعلان عنه."
وفي نيوزيلندا قال كيم دوتكوم صاحب موقع إلكتروني عملاق لتبادل الملفات والذي يقاوم تسليمه إلى الولايات المتحدة باتهامات تتعلق بالقرصنة الإلكترونية إن أجهزة المخابرات الأمريكية لعبت دورا في تجسس أجهزة الأمن النيوزيلندية غير القانوني في قضيته.
ووجهت اتهامات إلى دوتكوم الألماني المولد بالمساعدة في انتهاك حقوق الملكية الفكرية بموقعه ميجا أبلود لتبادل الملفات الذي كان ذات يوم أحد أشهر مواقع الإنترنت في تحميل الأفلام والأغاني.
ورفضت متحدثة باسم الحكومة النيوزيلندية التعليق يوم الاحد عندما سئلت عما إذا كان مكتب أمن الاتصالات الحكومي (المخابرات) قد تعاون مع برنامج وكالة الأمن القومي الأمريكية.
وقالت "نحن لا نعلق على القضايا المتعلقة بالأمن والمخابرات. أجهزة المخابرات النيوزيلندية خاضعة لنظام مراقبة نسعى لتشديده."
_____
مشرعون يطالبون بإعادة النظر في عمليات التجسس الامريكية الداخلية
واشنطن (رويترز) - دعا مشرعون أمريكيون يوم الأحد إلى إعادة النظر في مراقبة الحكومة للاتصالات الهاتفية وانشطة الانترنت وطالب عضو ديمقراطي بالكونجرس باعادة العمل بقانون باتريوت الذي منح وكالات المخابرات سلطات مراقبة اوسع نطاقا بعد هجمات 11 سبتمبر ايلول 2001.
شعار وكالة الامن القومي على جهاز اي فون في برلين يوم الجمعة - رويترز
وتعرضت ادارة الرئيس باراك أوباما لانتقادات بعد الكشف عن ان وكالة الأمن القومي الأمريكي تجمع بيانات هائلة من شركات خاصة عن المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الالكتروني.
وناقش المشرعون الاثار المترتبة عن برامج التجسس الأمريكية التي كشفت عنها في باديء الامر صحيفتا جارديان البريطانية وواشنطن بوست الأمريكية. وقالت جارديان ان مصدر المعلومات المسربة عن وكالات المخابرات عامل فني سابق بالمخابرات المركزية الأمريكية.
وأضافت ان مصدرها واسمه ادوارد سنودين طلب منها الكشف عن هويته.
واثارت انشطة التجسس جدالا حول حقوق الخصوصية في الولايات المتحدة.
وقال السناتور مارك أودال العضو بلجنة المخابرات ان هناك ما يدعو لاعادة التفكير في إعادة العمل بقانون باتريوت الأمريكي لعام 2001.
وقال أودال لمحطة ايه بي سي "اعتقد ان علينا اعادة العمل بقانون باتريوت ووضع بعض القيود على حجم البيانات التي تجمعها وكالة الأمن القومي الأمريكي."
ودعا إلى التوازن بين حماية البلاد من الهجمات الإرهابية واحترام الحقوق الدستورية للأمريكيين بما في ذلك الحماية من عمليات التفتيش والضبط غير القانونية بموجب التعديل الرابع على الدستور الأمريكي.
وقال "يجب ان يكون ذلك مقدسا ويتعين التوازن في هذا الصدد. هذا ما أرمي اليه. لنجري النقاش ولنتحلى بالشفافية والتحدث بحرية."
وتابع "لا اعتقد ان الشعب الأمريكي يدرك المدى أو يعرف إلى اي مدى يخضع للمراقبة أو البيانات التي تجمع عنه."
لكن اثنين من كبار المشرعين قالا ان برامج التجسس ساهمت في منع وقوع هجمات على الولايات المتحدة وان هذه البرامج تخضع لمراقبة صارمة.
وقالت ديان فينشتين رئيسة لجنة المخابرات في مجلس الشيوخ وهي من الحزب الديمقراطي لمحطة ايه بي سي "هذه البرامج في اطار القانون".
وأضافت "الحفاظ على أمن أمريكا جزء من التزامنا.."
واتفق الجمهوري مايك روجرز رئيس لجنة المخابرات بمجلس النواب مع وجهة نظر فينشتين بأهمية هذه البرامج للامن القومي.
وقال "من الاشياء المنوطين بها هي الحفاظ على أمن أمريكا والحفاظ على حرياتنا المدنية وعدم المساس بالخصوصية. اعتقد اننا فعلنا كلاهما في هذه القضية على نحو خاص."
وكان أكثر ما اصاب المشرعين بالقلق هو التفتيش في السجلات الهاتفية لملايين الأمريكيين من عملاء شركة فيريزون للاتصالات.
مواقع النشر