بيروت - جورج جحا (رويترز) - بعد أن ألف كتابا يحكي تاريخ سوريا من ثورة الشريف حسين إلى حركة الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد التصحيحية صدر كتاب جديد للباحث هاشم عثمان عن تاريخ سوريا في عهد حافظ الاسد فيتشدد في التكلم عن النظام وسيئاته ولكنه يكتب بقدر واضح من التعاطف لا يمكن تجاهله مع الرئيس الاسد نفسه.



جاء ذلك الكتاب الذي عنوانه "تاريخ سورية الحديث.. عهد حافظ الاسد 1971 – 2000" في 447 صفحة متوسطة القطع وصدر عن دار رياض الريس للكتب والنشر في بيروت.

تألف الكتاب من مقدمة تلاها فصل بعنوان "حافظ الاسد.. ملامح من سيرته وشخصيته. الطريق الى السلطة.. على كرسي الرئاسة."

وبعد ذلك تناول الكتاب خمس ولايات للرئيس الراحل الاولى من 1971 الى 1978 والثانية من 1978 الى 1985 والثالثة من 1985 الى 1992 والرابعة من 1992 الى 1999 اما الخامسة فامتدت من 1999 الى 10/6/ 2000.

وورد بعد ذلك باب للوثائق وآخر للمصادر والمراجع ثم فهرس للإعلام وبعده فهرس للأماكن.

وكانت المقدمة أقرب إلى سجل للخلاصات وللسمات التي ميزت عهد الرئيس حافظ الاسد في ولاياته الخمس.

وأورد الباحث هذه الامور التي قال إن عهد الرئيس الراحل اتسم بها. وقبل ذلك قال "والحديث عن عهد الرئيس حافظ الاسد على درجة كبيرة من الصعوبة والحساسية. ووجه الصعوبة فيه أن الرئيس الأسد لا يزال حيا في أذهان فئة كبيرة من الناس لا تقبل ولا تتحمل أي كلمة نقد توجه إلى حكمه فهو في نظرها فوق كل انتقاد."

وخلص هنا إلى الاستشهاد ببيتين من الشعر من لامية ابن الوردي وقال في البداية "ومع علمنا وقناعتنا التامة بانه لا يوجد في العالم نظام كله نظام حكم مثالي و:


إن نصف الناس أعداء لمن ولّي الأحكام، هذا إن عدل

ليس يخلو المرء من ضد ولو حاول العزلة في رأس الجبل


فإن لحكم الرئيس حافظ الاسد ككل حكم في الدنيا إيجابياته وسلبياته والحديث عن السلبيات ليس طعنا في شخص الرئيس الاسد."

واستعرض الكتاب ما قال إنها سلبيات لحكم الرئيس الراحل وحصرها في الفساد وكثرة مرافقي كبار المسؤولين العسكريين والحزبيين والحكوميين وتحركهم بسيارات فارهة برغم الأزمات الاقتصادية والمزايا التي يتمتع بها أبناء المسؤولين، وتقديس القائد وظاهرة الرشوة في المعاملات.



وتحدث كذلك عن "ظاهرة الغش " و"هدر المال العام " و"المبالغة في توقيف الناس بأمر عرفي ولمدد طويلة لأسباب تافهة" و"تزوير الانتخابات والضغط على المرشحين غير البعثيين".

وفي فصل خاص تكلم هاشم عثمان عن "حافظ الاسد.. ملامح من سيرته وشخصيته" فتحدث عن مولده عام 1930 ودراسته الاولى وثقافته وقال إن لقب الاسد اطلقه المطران المسيحي ارسلانيوس حداد على الجد سليمان الذي قام بحماية المسيحيين من الاضطهاد وايوائهم أيام الحرب العالمية الاولى ولما رأى هيئته "قال بفورة حماسة: هذا أسد."

دخل الرئيس الراحل كلية الطيران وتخرج طيارا حربيا. وسرح من الخدمة بعد وقوع الانفصال بين مصر وسوريا سنة 1961 "ولما استولى حزب البعث على الحكم في الثامن من اذار مارس 1963 أعيد إلى الخدمة ليبدأ نجمه في الصعود ويرفع في أقل من سنتين من رتبة رائد إلى رتبة لواء طيار.. وعين قائدا للقوى الجوية وانتخب عضوا في المجلس الوطني لقيادة الثورة."

كما انتخب عضوا في القيادة القطرية لحزب البعث وتولى وزارة الدفاع أربع مرات قبل أن يصبح رئيسا للدولة.

وتضمن الكتاب أقوالا وشهادات لشخصيات مهمة بحق الرئيس السوري الراحل منها ما نقله عن الصحفي والوزير اللبناني محسن دلول قوله "إن الاسد كان شخصا فريدا من نوعه فعلا وأذكر بعد أول جلسة مع (الزعيم اللبناني الراحل) كمال جنبلاط أخذ هذا الأخير به نظرا إلى تعليقاته وهدوئه وعمقه."

وأشار إلى وزير الخارجية الامريكي السابق سايروس فانس وقوله في مذكراته "كان الرئيس الاسد واحدا من آخر الزعماء الاقوياء والمتشددين (ويتمتع) بذهن حاد ونفاذ ويحكمه الاهتمام بالتضامن العربي.. إنه زعيم مؤثر ورجل تعلمت أن احترمه وأحبه.. تأثر الرئيس (جيمي) كارتر بصراحة الرئيس الاسد وذكائه."

وأخذ عن الصحفي الفرنسي الشهير اريك رولو قوله "الاسد يتمتع بحنكة سياسية كبيرة. إنه يتأمل كثيرا ويلم بكل التفاصيل."

ونقل عن قول لهنري كيسنجر وزير الخارجية الامريكي الأسبق إن ما وصف به ستالين يصح في حافظ الاسد وهو انه "إذا وعد وفى وإذا التزم نفذ التزامه كاملا."

وكان هاشم عثمان قد ألف كتابا صدر قبل أكثر من عامين عن نفس الدار بعد أن رأى حاجة إلى وجود كتاب يتحدث عن تاريخ سوريا الحديث.