حوار - حسـين الزناتى (الأهرام) : أكد الدكتور سالم عبد الجليل وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، أن الهجمة الحالية ضد الإسلام يديرها الشيطان، وان تنظيمات مثل «داعش» و«القاعدة» الذين يمارسون القتل والتكفير باسم الدين هم خوارج هذا الزمان.



وأكد فى حواره لـ «الأهرام» رفضه لإقامة حزب على أساس دينى، لأن الدين ثابت والسياسة متغيرة وكل من يمارس السياسة من هذه التيارات الآن هو يمارسها من باب المصلحة، وقال أن الحالة التى وصل إليها الشيخ القرضاوى الآن وتطاوله على مصر وجيشها سببها دخوله فى عباءة الإخوان. مطالبا الدولة بدعم الأزهر لتخريج دعاة قادرين على مواجهة التحديات الراهنة والتصدى للفكر التكفيرى وتجديد الخطاب الديني. وإلى نص الحوار.

ما نراه الآن من عنف من تيارات دينية تنتمى للإسلام مثل «داعش» وغيرها يبدو وكأننا أمام «إسلام جديد» لم نعرفه.. هل هذا حقيقى؟
لا يستطيع أحد مهما علا شأنه أن يُغير فى هذا الدين لأن الله هو الذى تكفل بحفظه، وما يحدث الآن على الإسلام هو هجمة جديدة قديمة لا تقلقنى، لأن كل حق لابد له من أعداء، وأعداؤنا موجودون فى الداخل قبل الخارج، وأكثرهم جاهلون بحقيقة الدين وأصوله، وهو ما يسمح لعقولهم بأن تتحول إلى مجال خصب ليلعب بها، وهنا يأتى دور العناصر الداخلية والخارجية التى تسعى لإضعاف المسلمين، لقناعة لديهم بأن الأمة العربية لن تقوى إلا بتطبيقها للدين الصحيح.


هل يعنى ذلك أن معركتنا مع أعدائنا هى معركة دينية قبل أن تكون سياسية؟
هذا حقيقى لأن المعركة الدائمة بيننا هى معركة بين الحق والباطل، فمنذ رفض إبليس أمر الله بالسجود لآدم، توعد بمعركة دائمة بين الإنسان والشيطان، والشيطان هو الذى يدير معركتنا مع أعدائنا، سواء استخدم فيها سياسة أو اقتصادا، صهاينة أو أمريكان أو غيرهما، وعلى الجميع أن يكون على وعى بهذا حتى لا نبتعد عن الدين الحق، وهنا يبرز دور الأزهر الشريف وعلمائه.


هل نعيش عصر الفتنة ؟
هذا حقيقى.. نحن نعيش عصر الفتنة الكبرى سببها الأُمية الدينية التى نواجهها الآن، والتى تربو الآن على نحو 70% مما ادى إلى إضعاف الأمة، ومعها أصبح الاستقطاب و التخوين، و التجهيل، و التسفيه أمورا سهلة، يعمل من خلالها المُغرضون فى الداخل والخارج من هم خوارج هذا الزمان؟

مصطلح «الخوارج» يحتاج إلى «ضبط» عند استخدامه و تفسيره، لأن هناك فرقا بين الخوارج والخروج على الحاكم، فالخروج عن الحاكم قد يكون خطأ أو صوابا، وله ضوابطه من الناحية الشرعية فى الثورات وغيرها بقياس المفاسد والمنافع من عملية الخروج، أما فى حالة «الخوارج» فيكون الخروج فيه من منطلق «اعتقادى تكفيرى»، وهؤلاء هم الخوارج الذين يُكفرون ويستحلون الدماء، وهذا ينطبق على أى مجموعة تحت أى مسمى سواء انطبق على جماعات مثل «داعش» أو «القاعدة» أو غيرهما وكلهم إرهابيون بآسم الدين. أما من يُنكر ولا يُمارس تكفيراً أو قتلاً ويثبت ذلك، فلا يصح لنا أبداً أن نصفهم أو نعتبرهم من الخوارج.


لو بقى الإخوان فى حُكم مصر.. كيف كنت تتوقع شكلها الآن؟
لقد حاول الإخوان أن يتعاملوا مع كل المصريين وكأنهم سيطبقون فكر الجماعة فى السمع والطاعة، وهذا خطيئة كبرى لهم ولو بقوا فى الحُكم لفسدت الدولة، وكنا سنرى حروباً طائفية بينهم وبين السلفيين، و مع التيارات الدينية الأخرى لوجود فجوة تصل إلى حد التضاد والتكفير مع هذه التيارات، وكانت ستسيل دماء فى المساجد من خلافات على المنابر ولأن الجماعة تنظر إلى أن مسألة الحدود بين الدول مخالفة أساساً لمبادئها، فهى لن تحمى حدود مصر وهذه مشكلة أخرى ما كان سيقبلها شعب مصر ولا جيشها.


ولكن الإخوان تحالفوا مع كل هذه التيارات..؟
هذا صحيح، لكن تحالفها جاء بشكل مؤقت لمواجهة التيار المدنى، وبمجرد التمكين لها كانت ستطبق سياسة “الحداد و النار” معها، والتاريخ يشهد بذلك بل إن الاخوان كانوا على استعداد لقتال هذا التيارات.


إذن ما رأيك فى إقامة حزب على أساس دينى؟
كل من يمارس السياسة من هذه التيارات الآن هو يمارسها من باب المصلحة، أما دخول السياسة باسم الدين فهذا يضر بالدين لأن الدين ثابت و السياسة متغيرة.


ما تقييمك لما يقوم به الشيخ القرضاوى، وفتاواه التحريضية ضد شعب وجيش مصر؟
هذا الرجل كان مشهوداً له بالعلم الفذ، وله اجتهاداته التى أثرت المكتبة الإسلامية وتعلمنا منها، و كان من المحاربين للتشدد والتطرف، وكنت أود أن يختم حياته بالوسطية التى تعلمها بالأزهر الشريف، لكنه للأسف انجرف إلى «بوتقة الإخوان»، ولم يستطع الخروج منها، ولو نجح فى الخروج من عباءتهم سيعود كما كان فى السابق صالحاً وإلى أزهريته، وأتمنى أن يهديه الله إلى هذا الصواب!


ما رأيك فى فوضى الفتاوى التى تخرج علينا الآن من كل ناحية ؟
الفتوى تشبه الجراحة، وليست مجرد وعظ دينى ولا ينبغى أن يقوم بها إلا المتخصص فقط، وعلى الإعلام ألا يركز على مثل هذه الفتاوى وعليه تجاهلها وألا يناقشها من الأساس، وهذا أفضل.


الكثيرون يحملون الأزهر فوق طاقته لمواجهة هذه الهجمة ضد الإسلام الصحيح، فهل تراه ظالماً أم مظلوماً؟
الأزهر مظلوم لأنه تم تقليص دوره فى تخريج دعاة أكفاء قادرين على حمل لواء الإسلام الصحيح ومواجهة ما يُحاك ضده وبات ممكناً أن نرى داعية من دعاة الأزهر لا يحفظ القرآن الكريم ولا يجيد تلاوته، ومن هنا بدأت ظاهرة الدعاة الجدد بدعم من الداخل والخارج وأصبحوا أكثر تأثيراً من الأزهريين، وعلى جانب آخر نرى الحملات المُستمرة التى لم تتوقف على الأزهر الشريف، منذ ثورة يناير حتى الآن، فالكل يُصرح بأنه يريد استعادة دوره الأزهر، لكنه عندما يخالف ذلك أهواءه، يسعى للسيطرة عليه.


ما تقييمك للجهود الحالية التى تقوم بها وزارة الأوقاف فى مواجهة التطرف بالمساجد؟
فى الحقيقة يقوم وزير الأوقاف الحالى بجهود كبيرة فى هذا الإتجاه، رغم التحديات التى تواجهه، حيث يصل عدد المساجد على مستوى الجمهورية الى نحو 120 ألف مسجد، بينما يصل عدد الأئمة إلى نصف هذا العدد، كما أن الظروف المادية وعمليات التدريب، ورفع الكفاءة العلمية تمثل تحدياً آخر له يضاف إلى ذلك عمليات المُتابعة التى تحتاج إلى إمكانات مثل الفيديو كونفرانس وغيره، للتواصل الدائم والمستمر مع الأئمة، ومواجهة مشكلاتهم، ووضع رؤية تجمع بينهم جميعاً لأولويات العمل وما يقدمونه، وهو أمر يحتاج لرؤية شاملة للأسف هى غير موجودة الآن!


كيف ترى قدراتنا على مواجهة محاولة المد الشيعى بالمنطقة؟ وهل نحن مطالبون بذلك؟
بالتأكيد نحن مطالبون بذلك، و آليتنا فى ذلك هى وسطية الشعب المصرى، الذى يحب آل البيت ولكنه ليس لديه استعداد للإساءة إلى الخلفاء والصحابة من المسلمين، و الأزهر واع لذلك ويقوم بدوره فى هذه المسألة، فى الوقت الذى لم تسلم فيه الأوقاف مسجدا للشيعة، و لم تقبل إماما شيعيا على منبرها، ولكن المشكلة أن عملية المد الشيعى ترتبط بمدى قوة الدولة من ضعفها، وهو مرتبط أيضاً بالإمكانات الكبيرة التى تتوافر لدى أصحاب المذهب الشيعى من مراكز بالخارج، وقنوات فضائية، ونحن ليس لدينا نفس الإمكانات وإلا فأين قناة مثل الأزهر التى لم تستطع حتى الآن أن تقدم ما يجب أن تقدمه كقناة تعبر عن فكر الأزهر الشريف. وما أحب أن أركز عليه هو ضرورة أن نكون واعين من تجاه باب يستغله الشيعة، وهو «التصوف» والذى يمكن أن يمثل بوابة رئيسية للتشيع لأن القاسم المُشترك بينهما هو حب آل البيت، ويمكن استغلال ذلك لدى بعض الجاهلين فى الوصول إلى التشيع.


كيف ترى دور الكنيسة المصرية خلال سنوات ما بعد ثورة يناير حتى الآن فى الحفاظ على وحدتنا؟
لست من هواة التفريق بين المصريين على أساس دينى أو فكرى، فكلنا مصريون لكن الأكيد والذى ثبت أمام الجميع بحق أن الكنيسة المصرية، بكل طوائفها وبدون استثناء وقياداتها هى قيادات وطنية، وهدفها هو الحفاظ على مصر لنا جميعاً.