بناة - القاهرة : البطل "سوبر مان" شخصية خيالية ... يتمنى كل الأطفال أن يصبحوا مثله أقوياء وخارقين ولديهم قدرات غير بشرية ... ليساعدوا البشر وينقذوا العالم ... يتمنوا أن يقتنوا ملابس الأبطال الخارقين .. "قطعة قماش" حمراء مربوطة على العنق تساعده على الطيران .. وعين يخرج منها أشعة ليزر تذيب أقوى المعادن ... وقبضة قادرة على تهشيم الفولاذ ... والقدرة على الطيران والتحليق ... لينقذوا البشر من الكوارث ... ويساعدوا المستضعفين ... ويغييرون من الشرور النافذة في قلب العالم.



وبالطبع هذه الأشياء لا تتوفر في البشر ... فيكون هذا العذر كافي بأن يجعل الأطفال مع الوقت ينسوا أحلامهم .. ويرضوا أن يكونوا أفراد عاديين يعيشون من أجل أنفسهم فقط ... فكيف لهم أن يساعدوا العالم دون هذه القدرات !!.

قليلون هم من يروا ويفقهوا البطولة الحقيقية .. ويستوعبون أن الأبطال الحقيقيين لا يمكن تمييزهم من ملابسهم .. فلعل بطل يرتدي ملابس فقيرة .. ونظارة ذات عدسات سميكة تجعل شكله عينيه كبيرة جاحظة ... وشعره أشعث أغبر ... ولا يمت جسمه المترهل أو الهزيل لأجسام الرياضيين بصلة ... ويقبعون في أماكن عملهم لا يعرفهم أحد ولا يلاحظهم أحد ... فكل قدراتهم الخارقة هي ( الهدف, الإخلاص في النية, الأخذ بالأسباب, ثم العمل والعمل والعمل والعمل, وبعد ذلك, العمل ثم العمل ثم العمل ) ... لا يكلّون ولا ييئسون ولا يتوقفون ... فينقذوا ملايين البشر ... دون حتى أن يدري هؤلاء البشر بفضلهم وعملهم.

ولكن اليابان اليوم لاحظت وتنبهت لأحد هؤلاء ... العالم المصري شريف الصفتي ... فبعد كارثة التسرب الإشعاعي النووي بمدينة فيكوشيما ... كانت لدى اليابانيين مشكلة تنظيف وتنقية تأثرات هذه الكارثة قبل أن تحصد ألوف أو ملايين من الضحايا وقد يمدد أثارها حتى على مدى أجيال, فكان عليهم معالجة كميات مهولة من المياه من تأثيرات المواد المشعة .. والتي أجمع الخبراء أنه أمر صعب للغاية أن يتم حدوثه .. ولكن هذا العالم المصري قبل هذا التحدي, بدون "قطعة القماش الحمراء" حتى.



العالم شريف الصفتي والذي يعمل بمعهد أبحاث بـ "سكوبا" والتي تقع شمال طوكيو, إستطاع أن يطور مواد جديدة تستطيع أن تزيل العناصر المشعة من الماء التي أنتشرت بكثافة في المياه أثناء كارثة المفاعل النووي بفوكوشيما.

شريف الصفتي : "يسعدني أن أقدم هذه التكنولوجيا الجديدة للناس بـ"فيكوشيما" وأيضاً لهؤلاء -الدفاع المدني- الذين يحاولون إنقاذ اليابان الأن".

يعمل الدكتور شريف الصفتي بالمعهد المحلي لعلوم المواد (National Institute for Material Science), وقد طور مادة من البودرة أثبتت قدرة خارقة على إستخلاص العناصر المشعة من الماء, وكخبير في تكنولوجيا النانو قام بدراسة مادة تسمى أتش. أوه. أم. (H.O.M.) ... وجزيئاتها التي لا ترى بالعين المجردة مليئة بالثقوب قطر كل منها 1/مليون من المليميتر. فطور العالم المصري تكنولوجيا يمكنها إمتصاص العناصر المشعة عبر هذه الثقوب المتناهية الصغر.

فيتم إضافة الـ "أتش.أوه.أم" للمياه الملوثة بالعناصر المشعة .. ثم يقوم المغناطيس بجذب جزيئات هذه المادة مرة أخرى والتي تكون قد أمتصت العناصر المشعة. بطريقة فصل بسيطة وسهلة للغاية ليكون لدينا مياه نظيفة ونقية.

ولقد ذهب الدكتور شريف لليابان منذ 12 عاماً مضت بعد حصوله على درجة الدكتوراه, وكان منكب على دراسة أحدث التكنولوجيا في العالم لمعلاجات المياه, وهذا لأنه وجد أن في مصر والدول الأفريقية الأخرى تعاني مياهها الجوفية عادة من الملوثات والمواد الكيميائية السامة. فذهب لليابان لدراسة الطرق التي تمكنه من إزالتها من المياه.

وفي مارس عام 2011 حدثت كارثة المفاعل النووي بفيكوشيما .. فقام العالم المصري وأسرته بمغادرة اليابان فوراً حسب تعليمات الحكومة المصرية له. ولكن بعد بضعة أيام من وصوله لمصر وصله رسالة بريد إلكتروني من رئيسه في العمل. فقط تحتوي على كلمات قليلة "لدينا مشكلة كبيرة حقاً مع العناصر المشعة المتسربة... أعتقد أن التكنولوجيا الخاصة بك قد تساعدنا".

شريف الصفتي : "ما حدث لأصدقائنا اليابانيين سوف يحدث لنا .. فإذا نجو منها سننجو منها نحن أيضاً".

بعد أسبوع فقط من إستقباله لرسالة البريد الإلكتروني عاد شريف للعمل باليابان .. وظل منذ هذا الحين وهو يطور مادة جديدة قادرة على إستخلاص العناصر المشعة المضرة من الماء ... وفي خلال ثلاثة شهور إستطاع تطوير مادة الـ أتش.أوه.أم. ... ليصبح الأن ممكناً إزالة العناصر المشعة بكفاءة أعلى وأسهل .. والتي كان قبلها كل الخبراء يجمعون أن هذه العملية ستكون صعبة للغاية ومرهقة ومكلفة.

شركات معالجات المياه والكيماويات في اليابان أظهرت إهتمام بالغ بطريقته المبتكرة هذه فيقول أحد الخبراء : "هذه المادة تبدو أنها غاية في الكفاءة ... نأمل أن نرى لأي مدى هذه العملية يمكن تطويرها".

شريف الصفتي : "أنا في قلب الأحداث .. وفي قلب الكارثة .. فأنا مثلكم - اليابانيين- جميعاً .. وأآمل أنت ينتهي تطوير هذه العملية لأنقاذ فيكوشيما وأنقاذ العالم".

هذه الحادثة النووية غيّرت من حياة هذا العالم المصري للأبد ... فهو ينوي أن يقدم أكثر على أبحاث تستطيع حل المزيد من المشاكل البيئية لليابان.