الاقتصادية : لونج تينج، أم في الـ30 من عمرها، تعيش في شنغهاي وتريد أختا لابنها البالغ من العمر سبع سنوات. لكن في ظل ما تسمى سياسة الطفل الواحد في الصين، قالت إنها تواجه غرامة ساحقة تصل إلى ثلاثة أضعاف دخل أسرتها السنوي، إذا أنجبت طفلا آخر.



لم يكن لدى بكين قط حافز كالذي لديها الآن لإلغاء سياستها المثيرة للجدل، التي تحرم لونج من الحمل وإنجاب طفل ثان. فهي تواجه نقصاً حاداً في عدد العاملين سببه 30 عاماً من تقييد حجم الأسرة. وفي العام الماضي انكمش عدد السكان في سن العمل في الصين للمرة الأولى، ما يهدد المعجزة الاقتصادية القائمة على العمالة الوفيرة.

وأصبح النقاش حول مستقبل السياسة مسألة عامة. وتورد الصحف توقعات يشير فيها خبراء إلى احتمال إلغاء هذه السياسة قريباً – أو استمرارها إلى الأبد.

وتقول لونج: ”يجب تغيير السياسات الحكومية مع الزمن”، فيما كان ابنها، وتشن، يقود دراجته في مبنى شاهق من الشقق يعيشون فيه في إحدى ضواحي شنغهاي.

وقبل 30 عاماً كانت الصين بحاجة إلى سياسة للتعامل مع الزيادة السكانية، حسبما قالت لونج، لكن الآن الأسر بحاجة إلى مزيد من الأطفال وليس أقل، للتعامل مع مشكلات مجتمع الشيخوخة.

ووفقاً إلى تعداد عام 2010، ارتفع عدد من هم فوق 60 عاما إلى 13.3 في المائة من السكان، مقارنة بأكثر قليلاً من العُشر قبل عقد من الزمن. ويشكل الأطفال دون سن 14 عاماً أقل من سُدس السكان، انخفاضا من الربع تقريباً في وقت سابق.

ولعل من المدهش أن معظم الصينيين كانوا حتى عام 2008 يدعمون قاعدة الطفل الواحد. ووفقاً لمسح أجراه مركز بيو للأبحاث ذلك العام، أكثر من ثلاثة بين كل أربعة صينيين كانوا يفضلون تلك السياسة.

والواقع أن روح الطفل الواحد اخترقت ضمير الأمة، وأصبح ملايين الصينيين ممن يسمح لهم بطفل ثان – خصوصا الأزواج في المناطق الحضرية الذين هم أنفسهم كانوا طفلا واحدا – يفضلون بطوعهم ألا يكون لهم طفل آخر.

وبحسب خبراء في مجال السكان، حتى لو تم إلغاء هذه السياسة، سيستمر حجم الأسرة في التقلص لأن كثيرا من الصينيين تخلصوا من عادة تكوين أسر كبيرة.

ووفقا لتعداد 2010، كان معدل المواليد المتوقع للنساء بين سن 20 و29 عاما في 2011 عند 1.04. وبالنسبة إلى عام 2010 لم يتجاوز المعدل في المدن 0.88 في المائة.

لكن حتى لو أنها ليست سوى مسألة وقت قبل أن تختفي السياسة، لا أحد يتوقع متى بالضبط يمكن أن يأتي التغيير.

ويقول كاي يونج، خبير السكان في جامعة كارولينا الشمالية: ”بالفعل كنا منتظرين سقوط السياسة منذ فترة طويلة”.

وهناك كثير من الأدلة الظرفية التي تؤكد أن الحكومة تدرس تغيير سياسة الطفل الواحد، رغم وجود كثير من الاستثناءات التي يطلق عليها خبراء سكان اسم سياسة ”1.5 طفل”.

وفي العام الماضي حثت مؤسسة أبحاث التنمية الصينية، وهي مؤسسة فكرية حكومية، بكين على السماح بطفلين لكل أسرة بحلول عام 2015، وفقاً لوكالة أنباء شينخوا.

ولعل أوضح إشارة جاءت عندما قطعت وسائل الإعلام الرسمية البث العادي، للإعلان عن أن أول جائزة نوبل للأدب في الصين مُنحت إلى الروائي مو يان، أحد منتقدي تقييد الإنجاب البارزين.

ونقلت شينخوا تقريرا يقول إن ”الصين دفعت تكلفة ضخمة، سياسياً واجتماعياً، مقابل تلك السياسة التي أدّت إلى صراع اجتماعي، وإلى ارتفاع التكاليف الإدارية، كما أدّت بشكل غير مباشر إلى اختلال بعيد المدى في التوازن بين الجنسين عند الولادة”.

ومع ذلك، يشير تساي إلى أن أي قرار بالتخلي عن السياسة سيتم اتخاذه من قِبَل السياسيين، وليس عن طريق خبراء مؤسسة فكرية. ويتحدث هي يافو، وهو خبير سكان صيني، عن عقبات بيروقراطية يتعين إزالتها ويقول: ”إن لجنة تنظيم الأسرة تحافظ عليها ليس من أجل مصلحة وطنية بحتة، ولكن من أجل مصلحة إداراتهم، التي ستتوقف إن لم تكن هذه السياسة موجودة”.

ولحسن الحظ، أنصار السياسة سيعلنون النصر وينسحبون في نهاية الأمر – في وقت يمكن أن يكون مناسبا لأن تحقق لونج حلمها وتنجب طفلها الثاني.

وإن لم يحدث، فهي تقول: ”إذا لم تتغير السياسة، الناس دائما يجدون وسائل للتحايل عليها”.

وفي هذه الأثناء، اتخذت هونج كونج تدابير لمكافحة نقص مسحوق حليب الرضع الناجم عن نقله بكميات كبيرة إلى البر الرئيسى الصينى.

وقالت الحكومة إنها ستحدّ من حليب الأطفال المسافر عبر الحدود، بحيث يصبح عبوتين اثنتين فقط، أو 1.8 كيلو جرام في الإجمالي.

ويفضل البر الصينى العلامات التجارية الأجنبية بسبب فضيحة تفجرت عام 2008، عندما تم العثور على شركات محلية تخلط الميلامين في الحليب المجفف للأطفال. وقد توفي ستة أطفال رضع نتيجة لذلك.
*باتي فالدمير من شنغهاي وراهول جاكوب من هونج كونج[