قال باحث سعودي متخصص في التراث العمراني، إن الوسط التاريخي لمدينة الهفوف التابعة للأحساء يعيش حاليا أسوأ حالاته، مشددا على ضرورة الحد من التدهور الذي تعيشه المنطقة، مع ضرورة التفكير جدياً في استثمار التراث وتفعيله ضمن الإمكانيات السياحية الكبيرة التي تحتويها المنطقة.

النعيم: علينا التفكير جديا في استثمار التراث لتحقيق أهداف ثقافية وجمالية لمدننا


المدرسة الأميرية ( الهفوف الأولى) بعد ترميمها

وأكد المشرف العام على مركز التراث العمراني أستاذ النقد المعماري بجامعة الدمام الدكتور مشاري النعيم، خلال محاضرته "التوسع العمراني وتحولات الشخصية الحضرية في الأحساء"، خلال فعاليات ملتقى "استدامة الزراعة في واحة الأحساء"، الذي نظمته غرفة الأحساء أخيرا ، على ضرورة تسجيل التراث العمراني وتحديد النطاق المكاني للوسط التاريخي للأحساء، مع وضع خطوات عملية للمحافظة عليه ، وتطويرالنظم والقوانين وإيقاف التدهور، وتطوير البيئة الخارجية ووضع مخطط استراتيجي للمنطقة، والمحافظة على المباني المميزة، وإعادة الحياة الاجتماعية والاقتصادية للوسط التاريخي.

وأضاف أن التراث العمراني بشكل عام بحاجة إلى قراءة أمثلة معاشة استثمر فيها الأثر المعماري، لأنه ليس من المعقول أن تظل الآثار المعمارية مصدرا للإنفاق فقط، وأن الحل الوحيد لتدارك ما تبقى من الآثار المعمارية في استثمارها، أي جعلها ضمن مصادر الدخل الوطني، لتوظيفها في مشاريع سياحية وثقافية، وهذا لا يعني المساس بالأثر المعماري، خصوصاً إذا كان يحمل قيمة تاريخية خاصة، مؤكداً أنه باستثمار التراث العمراني، نحن على يقين أننا سنحقق أهدافا ثقافية واجتماعية وتاريخية واقتصادية وفوق كل ذلك الهدف الجمالي الذي نسعى له، كمعماريين في مدننا المعاصرة.


مخطط توضيحي لسوق أثري مزمع إنشاؤه وسط الهفوف التاريخية (الوطن)

وأوضح أن الهفوف تتكون من تسلسل واضح في الفراغات العامة يبدأ من الشارع الرئيس مقابل سوق القيصرية ثم تتدرج الفراغات حتى تصل الخلايا السكنية، وكل فراغ من تلك الفراغات كان يصنف من خلال "فكرة العام والخاص"، الأمر الذي يجعل المدينة تتشكل من دوائر تكون في بعضها الفراغات العامة التي تكون خاصة في دوائر أخرى، ودون دراسة دقيقة لهذه الدوائر، سيظل التكوين المعماري للوسط التاريخي مستعصيا على الفهم، خصوصاً إذا عرفنا أن الذي يحكم حدود هذه الدوائر هي الأعراف والتقاليد التي كانت تحكم البيئة التقليدية، لافتاً إلى أن "الفريج" كاستجابة اجتماعية ربما تكون الخاصية الأكثر أهمية عند دراسة العمارة التقليدية في الهفوف، فمن هذه الخاصية تولد الكثير من الفراغات والأشكال العمرانية والكثير من الطقوس والمعاني للتعامل مع الفراغ العام والفراغ الخاص داخل "الفريج" نفسه، وهو تعامل يختلف عن الفراغ العام والفراغ الخاص في المدينة ككل، وارتبط الفريج بالنظام الاجتماعي في البيئة التقليدية جعله أكثر العناصر تعبيرا عن الحياة اليومية التي عاشها المجتمع التقليدي، وفكرة "النطاقية" تتجلى بوضوح عند التغلغل في الاستجابة الاجتماعية لـ "الفريج" فصناعة الحدود المكانية للفريج تمثل أحد السلوكيات الاجتماعية التي مارستها المجموعات البشرية ذات القرابة للتعريف بنفسها وبمكانتها الاجتماعية داخل المجتمع التقليدي في الأحساء.



المصدر : الوطن - الهفوف - عدنان الغزال