العربية : دعا نائب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي عشية انتخابه رئيساً توافقيا للبلاد بعد سنة من الأزمة، المجتمع الدولي إلى تقديم دعم مالي عاجل لبلاده المنهارة اقتصاديا، واعدا اليمنيين بـ"استعادة الدولة" وحكم القانون. وأطلق هادي في خطاب الى اليمنيين مساء الأحد سلسلة وعود مؤكدا أنه سيعمل خصوصا على إصلاح النظام السياسي وإعادة أحياء الاقتصاد والمضي قدما في الحوار لحل قضيتي الجنوب والتمرد الحوثي في الشمال، فضلا عن إعادة اللحمة للقوات العسكرية والأمنية المنقسمة والقضاء على تنظيم القاعدة.

وعد بتشريعات عصرية تراعي الخصوصية اليمنية تشمل إجراء إصلاحات جذرية

436x328_3176_195897.jpg

ويأتي ذلك فيما يتصاعد التوتر في جنوب البلاد حيث يقاطع الانتخابات مناصرو الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال فيما تعهد التيار المتشدد في الحراك بمنع الانتخابات ودعا الى عصيان مدني الثلاثاء. وقال هادي في خطابه "نجدد طلبنا من الدول الشقيقة والصديقة الإسراع في تبني الدعم العاجل لليمن من خلال تحريك ما تم رصده في مؤتمر المانحين وأصدقاء اليمن".

واعتبر أنه "من المفيد تبني إنشاء صندوق طوارئ لمساعدة الحكومة اليمنية على تجاوز أزمتها الاقتصادية التي بدأت ترمي بظلالها على مختلف النواحي وفي مقدمتها المعيشية والإنسانية". كما دعا مجموعة العشرين الى تبني مؤتمر لدعم اليمن اقتصاديا. ويحتاج اليمن الذي يملك موارد محدودة جدا لمليارات الدولارات من الدعم الدولي من أجل الخروج من النفق الاقتصادي المظلم.

الدول المانحة تعهدت
وكانت الدول المانحة تعهدت في مؤتمر عقد في لندن عام 2006 بتقديم مليارات الدولارات لليمن ثم عززت هذه التعهدات مجموعة "أصدقاء اليمن" التي تشكلت مطلع 2010، الا أن السواد الأعظم من هذه الأموال لم تصل الى اليمن كما تجمد عمل مجموعة أصدقاء اليمن مع انطلاق الاحتجاجات المناهضة للنظام.

من جهته، وجه وزير الداخلية عبدالقادر قحطان نداء لناخبي اليمن البالغ عددهم أكثر من 12 مليون شخص للتصويت مؤكدا استعداد السلطات لمواجهة أي محاولات لمنع عمليات الاقتراع. وقال قحطان في مؤتمر صحافي في صنعاء الاثنين "ينبغي على الجميع أن يتجهوا للتصويت لأمن اليمن واستقرار اليمن".

وأضاف "لقد اتخذنا احتياطات واستعدادات أمنية لمواجهة أي طارئ وأي جماعات تريد أن تحول ضد حق الناس في الانتخابات وان تعتدي على الناس" مشيرا الى وجود "استعدادات خاصة في المناطق التي يحتمل أن يحصل فيها شيء" في اشارة على ما يبدو الى المحافظات الجنوبية.

الى ذلك، رسم هادي في خطابه لليمنيين صورة قاتمة للوضع الاقتصادي في اليمن الذي يعد من افقر دول العالم أصلا وانهكته الأزمة الأخيرة دافعة بمزيد من الشرائح الاجتماعية لما دون خط الفقر. وقال هادي "اعلم جيدا ان الاستقرار المنشود لن يتحقق اذا كان هذا البلد يضم بين جنباته جائعين وخائفين ومرضى بدون امل يمنحهم الطمأنينة".

وذكر نائب الرئيس الذي سيخوض الثلاثاء الانتخابات الرئاسية مرشحا توافقيا ووحيدا، ان نصف اطفال اليمن يعانون من سوء التغذية فيما يعاني ثلث الاطفال من سوء تغذية حاد داعيا جميع "القوى الحية" في المجتمع الى "المساعدة لمنع مزيد من التدهور".

وعلى الصعيد السياسي، شدد هادي على ان "اوجب الواجبات هو استعادة الدولة التي تم انهاكها لتعاود القيام بدورها الاساس" وهي اولوية ستنعكس ان تحققت "ولو بحدها الادنى" على مختلف نواحي الحياة في اليمن على حد قوله.

كما اكد ان الحوار الوطني الذي يفترض ان يدعو اليه بعد انتخابه رئيسا بموجب الآلية التنفيذية لاتفاق انتقال السلطة، هو "وحده القادر على كبح جماح التطرف وغلو المزايدين".

اما اولية مواضيع الحوار فهي بالنسبة لهادي مسألة صعدة (شمال) حيث التمرد الحوثي الشيعي والقضية الجنوبية، وذلك في ظل تصاعد مطالب الحراك الجنوبي بالانفصال عن الشمال والعودة الى دولة جنوب اليمن التي كانت مستقلة حتى العام 1990 والتي يتحدر منها هادي.

ويقاطع كل من المتمردين الحوثيين والحراك الجنوبي انتخابات الثلاثاء. واكد هادي انه لن يسمح "بافشال (مؤتمر الحوار الوطني) او الالتفاف عليه باعتباره آخر حصوننا".

ووعد نائب الرئيس بالعمل على "تبني تشريعات عصرية تراعي الخصوصية اليمنية وهو ما يعني تبني إجراء إصلاحات جذرية واعادة الاعتبار لسطوة القانون الذي يقوم على المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات ودعم التعددية السياسية كأساس لنظام الحكم مع مساندة منظمات المجتمع المدني والنقابات المهنية لتقوم بدورها الرائد بعيدا عن التسييس والتبعيَّة".

القضاء على القاعدة
وعن موضوع تنظيم القاعدة والارهاب الذي يشكل اولوية بالنسبة للمجتمع الدولي على ضوء تعاظم نفوذ التنظيم المتطرف وسيطرته على قطاعات واسعة من جنوب البلاد، تعهد هادي بوضع حد للارهاب على حد قوله. وقال ان القاعدة استغلت الظروف في اليمن "لبسط نفوذها على أكبر قدر من المناطقِ التي سادتها الفوضى وغابت عنها الدولة".

واضاف "ان مسؤوليتنا تقتضي وضع حد لهذه الاعمال الارهابية الخارجة عن الدينِ والقانون" مشددا على اهمية "الدعم الإقليمي والدولي من مساندة مادية ومعنوية" من اجل "استئصال سرطان كهذا ليس لتمدده حدود". ولم ينس هادي الاشادة بالرئيس المنتهية ولايته الذي يغادر السلطة بعد سنة من الاحتجاجات المناهضة لحكمه.

وقال "لم نكن لنصل" الى الحل السياسي في اليمن "لولا ان الرئيس علي عبدالله صالح تعالى على جراحه وترفع عن ردود أفعال لو انجر اليها كانت ستقود البلد الى وهدة الكارثة مغلبا سلامة وطنه على نزعة الإنتقام وهو ما نتمنى أن يحذو حذوه آخرون".