ضموا الصف وواصلوا العمل للإطاحة بالعقيد
ترى فيم يفكر القائد؟
مارك مالوك ـــ براون
[align=justify]ليست ليبيا فقط هي التي تتعرض الآن لخطر الانقسام. فهناك إشارات واضحة بدأت بالظهور تدل على الانقسام في النهج الذي يتبعه المجتمع الدولي. وليست هذه هي المرة الأولى التي يمكن أن يكون فيها معمر القذافي على وشك تحقيق انقلاب علاقات عامة على معارضيه الغربيين. يجب علينا الآن أن نعلن النصر بخصوص المساعدات الإنسانية ونعيد توحيد مواقفنا.
كان مؤتمر لندن الذي عقد أخيرا، شأناً اتسم بالاضطراب. فقد طنطن الألمان والإيطاليون مطالبين بوقف إطلاق النار ونفيَّ العقيد القذافي. وقام آخرون، وبخاصة الاتحاد الإفريقي، بالابتعاد عن ذلك. وفي هذه الأثناء أصرت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على أن المهمة العسكرية لم تنته، مع ملاحظة ديفيد كاميرون، رئيس وزراء المملكة المتحدة، بأن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1973 يمكن أن يعطي الحلفاء أساساً قانونياً لتسليح المعارضة الليبية.ولمنع هذه التصدعات من أن تصبح انقسامات علنية، يجب أن يتم الآن الإعلان بأن القرار 1973 ومنطقة الحظر الجوي التي فوض بفرضها لأغراض إنسانية قد حقق نجاحاً مدوياً. على الأرجح فقد تم إنقاذ أهل بنغازي والمدن الأخرى من مذبحة على يد قوات القذافي. لقد أحسن العالم صنعاً بوقف هذه المذبحة وينبغي أن يحافظ على تغطية جوية كافية للحؤول دون عودة أي تهديد. لكن ينبغي عليه أيضاً أن يوضح بجلاء أنه لن يكون هناك تدخل عسكري أوسع.
المرحلة التالية ليست للمساعدات الإنسانية، بل مرحلة سياسية بكل ما في الكلمة من معنى: رحيل العقيد القذافي. ومحاولة إنجاز ذلك تحت مظلة التفويض الصادر عن الأمم المتحدة مثار جدل بالنسبة إلى جميع الحكومات التي تخشى أن يستخدم الغرب الدوافع الإنسانية ذريعة لتدخل أوسع، على غرار التدخل في العراق. والمفارقة هي أنه لا يوجد تقريباً أي شخص يختلف مع الطرح السياسي القائل إن العقيد القذافي الجريح والمنعزل، سيشكل مرة أخرى تهديداً للسلام والأمن. وسيتذكر كثيرون كيف حاول كما قيل أن يغتال الملك عبد الله، ملك المملكة العربية السعودية، عندما كان ولياً للعهد، وعلاقاته التي تتسم بالعداء الشديد مع دول الجامعة العربية، وتمويله الروتيني لحركات المعارضة في البلدان الإفريقية التي كان زعماؤها يشكلون تحدياً له.
ويجب أن تتمثل الخطة الجديدة في العودة إلى الأمم المتحدة لاستصدار قرار جديد يبني على القرارين الأولين، لكنه يضع بدلاً منهما هدفاً سياسياً صريحاً. إن العقوبات والإحالة إلى محكمة الجنايات الدولية ومنطقة الحظر الجوي توفر منظومة تدابير قوية بالفعل. ويمكن أن يضاف الآن إلى هذه الإجراءات الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي باعتباره الحكومة الشرعية المؤقتة.
وعندها يمكن لهذا المجلس أن يأخذ مقعد ليبيا في الأمم المتحدة وأن يتولى رسمياً المسؤولية عن معظم السفارات التي انشق سفراؤها وأعلنوا انضمامهم له. ويمكن أن يعطى حرية الاستفادة، بشروط، من الأصول الليبية الدولية المجمدة ومن الإيرادات النفطية. ويمكن لاستراتيجية جديدة تشدد الخناق غير العسكري أن تساعد في تفتيت النظام بعد هروب وزير الخارجية السابق، موسى كوسا، إلى بريطانيا.
وتستطيع الأمم المتحدة حينئذ، أن تعلن أن أية تعاملات تجارية مع النظام الذي سيصبح غير شرعي في طرابلس هي تعاملات غير قانونية. ومن شبه المؤكد أن تؤدي هذه الجبهة الدولية الموحدة إلى موجة أخرى من الانشقاقات عن النظام وربما إلى الإطاحة السلمية به، مع رحيل متفاوَض، أو غير متفاوض عليه للعقيد القذافي.
ويمكن أن تتوصل الأمم المتحدة أيضاً إلى اتفاق يسمح بتسليح الثوار. وفي الوقت الحالي، القرار الأول الصادر عن الأمم المتحدة يحظر بيع أية أسلحة. والقرار 1973، رغم أماني واشنطن ولندن، لا يغير ذلك. وربما يتوقف بعضهم عن تغيير ذلك خشية إشعال العنف، كما أن تحقيق النصر العسكري يمكن أن يستغرق وقتاً طويلاً. إن خطوط التموين الصحراوية الطويلة التي أزعجت جنرالات الحرب العالمية الثانية تشير إلى أن هناك حالة من الجمود العسكري طويلة الأمد. وهذا أمر مرجح بشكل خاص لأن الثوار يفتقرون إلى التدريب، والتنظيم، والقيادة، إلى جانب افتقارهم إلى الأسلحة ـــ وهي حقيقة تثبتها الوقائع في ميدان القتال. هناك الآن حاجة إلى الدبلوماسية السريعة والمتمرسة لإعادة توحيد المجتمع الدولي حول منصة ''وجوب رحيل العقيد القذافي''، استناداً إلى التهديد الذي يشكله للسلام والأمن الدوليين. هذا ينقل الجدل من نقطة الاختلاف ـــ بأن التدخل هو لأسباب إنسانية ـــ إلى نقطة اتفاق على أن العقيد القذافي يشكل خطراً غير مقبول على شعبه وعلى جيرانه وعلى العالم. إن الصراحة والمباشرة تكونان مفيدتين أحياناً في العمل الدبلوماسي.
الكاتب مؤلف كتاب ''الثورة العالمية التي لم تنته'' The Unfinished Global Revolution، ونائب أسبق لأمين عام الأمم المتحدة، ووزير بريطاني سابق. وهو رئيس الشؤون العالمية في شركة FTI الاستشارية.[/align]
مواقع النشر