(((إخوة الشياطين)))

عام 1409هـ

عاد نجم لتجارة الخضار والفواكه ولكن بصورة مزدوجة كمزارع وتاجر
كان عشقه للزراعة لايوصف وكان امتلاك مزرعة حلما استراتيجيا من أحلامه الكبرى وقد تحقق حلمه بمنحة إلهية خالصة كان الله قد أكرمه برؤية الحبيب صلى الله عليه وسلم حين كان في أبها وقدر الله له وشاء أن يفوز بأكبر مشروع في حياته في المدينة المنورة

وصادف ذات يوم أن صلى بجانبه صلاة عصر شاب في مسجد قباء وبعد الصلاة تعارفا حيث استنتج الشاب بفراسته كعادة العرب أن نجم ليس من سكان المدينة المنورة وبعد السؤال والتعارف توسط نجم لهذا الشاب لدى الشركة العالمية التي يعمل على عقد نقل وترحيل جميع معداتها من المدينة المنورة إلى جدة ومن ثم إلى تركيا توسط له بشراء ثلاث قطع معدات ثقيلة ليوظفها للعمل من الباطن في توسعة الحرم النبوي الشريف بمبلغ متواضع قياسا على الأسعار السائدة في السوق ولأمر يريده الله عاد الشاب بعد نحو أسبوع ليسأل نجم إن كانت له حاجة في عقار أو مزرعة فتحمس نجم وأعرب للشاب عن رغبته في اقتناء مزرعة في المدينة المنورة فتواعدا نهاية الأسبوع ليريه عددمن المزارع في أبيار الماشي التي تبعد عن المدينة المنورة ب 27كم على طريق الهجرة باتجاه مكة المكرمة وجدة

وبعد أن أطلعه على عدة مزارع أسر إليه نجم أنه يود لو حصل على مزرعة بكر ليحييها بنفسه فذهب به إلى هضبة أبيار الماشي ووقف به على أرض ضخمة تتوسط عدد من المزارع القائمة وكانت أبعادها كبيرة جدا ولكنه توقف عندها مطرقا فسأله الشاب قائلا هاه وش رايك ؟ فرد عليه
إنها جميلة وتعجبني ولكنها كبيرة جدا وقد لا أستطيع دفع ثمنها
وبعزم وحزم قال له إنها ملكي


و سأله هل معك مبلغ حاضر الآن واستطرد قائلا أي مبلغ وكان برفقة نجم مكفوله السوداني مبارك فقال له نجم شف درج السيارة وهات المبلغ اللي فيه وجاء به وكان تقريبا خمسة وستون ألف ريال فقال الشاب أنا قبلت هذا المبلغ ثمنا لهذه الأرض ولك الخيار والتفكير لمدة سنة كاملة فرمقه نجم بنظرة فهم الشاب مغزاها وقال له لاتستغرب فأنت تسببت لي في شراء معدات أنا في أمس الحاجة إليها و بثمن بخس وأنا بودي أن أقابل المعروف بالمعروف وماعليك إلا حفر البئر وغرس بعض النخيل ومصدات الرياح وأنا كفيل لك بإخراج الصك الشرعي

وهذا ماحدث فعلا في وقت لاحق حيث عمل نجم بعشق على إحياء هذه المزرعة فغرس فيها أكثر من سبعمائة وخمسين فسيلة نخل بعضها بالشراء النقدي والآجل وبعضها فزعات وهبات من جيرانه الطيبين وجاهد جهادا كبيرا حيث كان يقوم بنفسه على حرث أجزاء كبيرة منها بالحراثة واستزرع شجيرات الليمون بذورا ومن ثم غرسها حيث كان عددها نحوا من خمسمائة شجرة ومثلها أشجار التين وعرائش الأعناب إضافة للمزروعات الإستراتيجية وفي مقدمتها النعانيع المدينية المميزة النعناع المغربي والحبق والدوش واللمام والعطرة ومن الثمار الموسمية الشمام البلدي والدبا إلى جانب بعض الخضار التقليدية الورقية كالخس والجرجير والكزبرة والبقدونس والخضار الأخرى مثل الطماطم والكوسا والباميا والباذنجان

وقد ترتب على هذا العشق في هذه المزرعة حفر أربعة آبار ارتوازية على متوسط أعماق 150مترا وسعة تدفق مياه بحجم 4و5بوصات وكانت سماكة المياه في الآبار تتراوح بين 25إلى 40 مترا وبأمر الله لايتوقف تدفق الماء حيث يمكنها التدفق طوال 24ساعة دون توقف إلا طوعا بإيقاف المكائن أو المولدات الكهربائية المشغلة للغطاسات في أعماق الآبار

وقد تعلم في هذه المزرعة حماية نوع من الثعابين غير المؤذية من جهل عمال الزراعة لطبيعتها فهي تتجول في المزارع بحثا عن الطيور والجرذان حيث يتجاوز طول بعضها 170سم وتتميز بلونيها الرصاصي الفاتح والغامق وهي مسالمة ولاتعتدي فكثيرا ما جائت قدمي نجم من جوارها دون أن يدري فتبادر إلى الإنسحاب دون أن تؤذي أحدا

ولكنها تقاتل بشراسة شديدة جدا إذا ما أحد حاول قتلها وقد شاهد نجم ذلك بأم عينيه ذات يوم خصومة حامية من أحد العمالة مع ثعبان وكأنه يقاتل رجلا شديد البأس حتى أن نجم انتهر ذلك العامل بشدة فولا هاربا ولكن الثعبان يعرفه كما يعرف بني جلدته ولن يتوانى عن لدغه إذا ما لقيه مرة أخرى ولكن ذلك العامل كان عاملا مؤقتا فصرفه بدون تردد


كان النمل الأسود البنغالي متفردا في تجارة النعناع بين المدينة المنورة ومكة المكرمة وجدة وكانوا مجموعات في عصابات مافيا فكانوا يستعملون السيارات الوانيت جديدة ويستبدلونها كل ستة أشهر بأخرى جديدة وكانت مزرعة نجم إحدى أكبر مزرعتين لإنتاج النعناع حيث تنتج يوميا ستمائة ( شكة نعناع ) ومتعارف على الشكة أنها حزمة كبيرة تجمع بين ستة عشر حزمة صغيرة وسعر الشكة الواحدة ريالين فيماهم يبيعونها في مكة المكرمة وجده ب 4ريالات بربح قدره 100%

وفوق ذلك فكرت هذه المافيا بفكرة لم تخطر ربما على بال الشيطان ولا بني إسرائيل فقد جاء أحدهم إلى نجم وطلب إليه أن يحتكر إنتاج مزرعته من النعناع على أساس سعر ريالين فطلب منه نجم عربون مصداقية خمسين ألف ريال فوافق وعلى الفور فتح طرفا من وزاره وأخرج الخمسين ألف ريال وذهب في الوقت نفسه لكل المزارعين وعربن لهم طبعا بإسمه ولكن مستترا خلف المافيا ففي حين كانت حاجة السوق مثلا 6000شكةو كانوا يحملون يوميا ربما ثمانية عشر ألف شكة وقد اكتشف نجم عن طريق الصدفة أنهم يتوقفون عند منحدر في منتصف الطريق ويفرغون الكميات الزائدة وقد حيره الأمر فليس في هذه المنحدرات سوى قطعان القرود فهل بينهم وبينها نسب أو علاقات ما ؟

ولكنه اكتشف السر بعد نحو شهرين من الإتفاق المبرم ففجأة ودون مقدمات أو تبريرات أصبحت كل كميات إنتاج مزرعته تترك بعد أن تأخذ العصابة منها مئة شكة فقط بينما خمسمائة تذهب سدى فغضب نجم وهدد بأخذ الخمسين ألفا فكان الرد بسيطا ومباشرا وبلهجة بنغالية متمسكنة ولكنها لئيمة كل اللئم
(أبويا أنا مشكين سوق مافي انتا ياخذ خمسين ألف أنا مافي زعلان )

ولكي يبيض البنغالي نواياه السيئة الخبيثة مع نجم يعرض عليه ريال واحد مقابل الشكة بدلا من ريالين وبطاقة مائة شكة يوميا بدلا من ستمائة أو يذهب لغيره من المزارعين الذين هم مستعدين للأمر الواقع فيقبل نجم كارها مثلما قبل غيره فقد كانت خطط هؤلاء الشياطين شيطانية بالفعل ومحكمة التخطيط والتنفبذ ولكن نجم فاجأهم بمالم يكن في حسبانهم ومن حيث لا يتوقعون

يتبع