خرج أسامة في (أول ربيع الآخر 11 هـ = 27 من يونيو 632م)

على رأس الجيش الذي أعده رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في حياته،

وحرص الخليفة على أن يخرج بنفسه لوداع الجيش،

ممسكًا بخطام البغلة التي يركبها أسامة،

ثم أوصاه بوصية جامعة، جاء فيها:

"… لا تخونوا ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تحتلوا، ولا تقتلوا طفلا صغيرًا، ولا شيخًا كبيرًا، ولا امرأة، ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرًا إلا لمأكلة، وسوف تمرون بأقوام قد فرَّغوا أنفسهم في الصوامع، فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له".



سار الجيش حتى بلغ "أبنى" من أرض البلقاء بعد عشرين يومًا من تحركه من المدينة،

وشن غاراته كما أمره رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من قبل،

وقضى على كل من وقف في وجهه من أعداء الله ورسوله،

واضطر المرتدون من قضاعة للهروب إلى أماكن بعيدة عن طريق الشام،

ولو بقي هؤلاء في أماكنهم، لازداد الخطر على المدينة؛

لأن المرتدين من قبائل عبس وذبيان،

وكانت منازلهم إلى الشمال من المدينة،

قد زحفوا على المدينة بعد خروج جيش أسامة،

وكانت قضاعة من ورائهما تمثل خطرًا داهمًا، إذا هي آزرت عبسًا وذبيانَ في زحفهما على المدينة.



وكان هرقل بحمص حين جاءته الأنباء بما فعله جيش أسامة؛ فدعا بطانته،

وقال لهم:

"هذا الذي حذرتكم، فأبيتم أن تقبلوه مني، قد صارت العرب تأتي من مسيرة شهر؛ فتغير عليكم، ثم تخرج من ساعتها ولم يصبها شيء"،

ثم أمر بإرسال حامية قوية لترابط في البلقاء.

إذاً كان تسيير جيش أسامة في مثل هذا الوضع العصيب مهمة لا يقدم عليها إلا مثل أبي بكر الصديق رضي الله عنه
ودرس سياسي لكل حاكم وخليفة يأتي بعده
فكان لابد من إنفاذ مطلب النبي صلى الله عليه وسلم
فما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم وما أمر به لابد من التمسك به وتنفيذه
وهو كان يرسم للمجتمع ما الذي يجب عليه الأخذ به

وكان رضي الله عنه يرسل رسائله للروم وفارس
بأن هذا الدين باق ولو مات صاحبه باق بقوة تأسيسه وما غرسه المعلم في نفوس أصحابه
رحم الله أبا بكر الصديق ورضي عنه