سكاكا - واس إعداد : فهد الطريف - تصوير : أحمد الجروان تحتفل منطقة الجوف في نهاية الشهر الجاري بانطلاق النسخة العاشرة من مهرجان الزيتون (# زيتنا_من_ جوفنا) الذي يشرف عليه صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن بدر بن عبد العزيز أمير منطقة الجوف، في حين وصل إنتاج زيت الزيتون إلى 10 ملايين لتر مع نهاية عام 2016م من 15 مليون شجرة، قُدّرت قيمة مبيعاتها بنحو 300 مليون ريال.



وينافس حجم إنتاج زيت الزيتون الجوفي حجم الإنتاج العالمي لما يتمتع به من جودة عالية بفضل الله تعالى ثم بفضل موقع منطقة الجوف الجغرافي الموجود بين خطي العرض 30 و 45 في القسم الشمالي للكرة، بجانب ما تتمتع به من عوامل طبيعية جعلها موطنًا خصبًا لأصناف عديدة من الزيتون المتميز بنوعه المعروف بـ "النخب الأول" و"العصرة الأولى".

وأوضح خبير الزيتون في وحدة الزيتون بمركز الأبحاث والمراعي بالجوف د. بسام بن فارس العويش، أن ما يميز شجرة الزيتون في الجوف عدم استهلاكها الكبير للمياه، حيث أن الهكتار من أشجار الزيتون يحتاج لـ 6 آلاف متر مكعب من الماء، وهي من أكثر الغرسات التي تتحمل الجفاف ونسبة الملوحة، وتسقى عن طريق الري بالتنقيط.

وأفاد أن جدولة الري السليمة والعلمية بمعنى إعطاء الماء عند الاحتياج اللازم للشجرة يحقق إنتاجا وفيراً للزيتون وجودة عالية للثمار، مشيراً إلى أن الأبحاث والدراسات العلمية الزراعية أكدت أن شجرة الزيتون من أقل الأشجار المستهلكة للمياه حيث تساوي ربع استهلاك النخلة، وتتميز بإنتاجها العضوي الخالي من الكيماويات والمواد الحافظة.



وبحسب الإدارة العامة للزراعة في الجوف فإن منطقة الجوف تنتج سنوياً من 35 ألف إلى 45 آلف طن من زيت الزيتون، وثمر الزيتون، موزعة على 12 ألف مزرعة، و 3 آلاف مشروع زراعي، بالإضافة إلى وجود أكبر 6 شركات زراعية، وإنتاج الزيتون العضوي، والمجمع الصناعي الأكبر في منطقة الشرق الأوسط بعدد 23 معصرة زيت زيتون.

وأسهمت الزراعة الحديثة بإنجاح الزراعة المكثفة للزيتون للتوسع في إنتاج زيت الزيتون بمنطقة الجوف خاصة في ظل منع الزراعة للأعلاف، وشهدت منطقة الجوف عام 2016م زراعة ما يفوق على مليون شجرة من الزيتون المكثف بشركاتها التي لمست الجدوى الاقتصادية من الاستثمار بالزيت، وعدت منطقة الجوف أول من أدخل نظام زراعة الزيتون المكثف في منطقة الشرق الأوسط عام 2007م.

وحاليًا يصل عدد الأشجار في الزراعة المكثفة بالجوف إلى 5 ملايين شجرة، وبيّن د. بسام العويش أن عدد أشجار الزيتون باستخدام الطريقة المكثفة يصل في مساحة 1 هكتار إلى عدد 1600 شجرة زيتون، وفي زراعة الزيتون بالطريقة التقليدية بلغ 200 شجرة، مما يؤكد نجاح تجربة زراعة الزيتون بالطريقة المكثفة بالجوف.



وبدأت زراعة الزيتون بالطريقة المكثفة في العالم في كل من دولتي إسبانيا وإيطاليا في أواخر التسعينات من القرن الماضي، ومن ثم انتشرت في: اليونان، وأمريكا، وتونس، ومن ثم بدأت في منطقة الجوف عام 2007م، كأول وأكبر مشروع لزراعة الزيتون بالطريقة المكثفة نفذته إحدى الشركات الزراعية الخاصة.

ويعد إنتاج الزيت بعد مرحلة قطاف الزيتون وجمعه مرحلة بفرز الزيتون من بقايا الأشجار كالورق والأعواد، ثم يمر الزيتون بمرحلة غسل الثمرة، فيتم نقلها أوتوماتيكيًا للمرور بمرحلة الطحن حتى تتم عملية تصفية الزيت من بقايا الزيتون، ويطلق عليها بفرز ما يسمى "الجفت" إلى أن تتم عملية ترسيب "الزيت" لتصفيته من الشوائب خلال مدة لا تقل عن شهرين، بعدها تتم تعبئته.

وللمحافظة على زيت الزيتون بعد عمليات العصر يتم ضخ الزيت بعد الاستخلاص آليا لخزانات استانلس مزودة بوحدات من النتروجين للمحافظة على جودة المنتج حتى الوصول للمستهلك النهائي، ويتم تعبئة الزيت عن طريق الترسيب وليس الفلترة للمحافظة على خواص المنتج من الفيتامينات والمعادن كون التعبئة بنظام الفلترة تفقد المنتج كمية من الفيتامينات والمعادن المفيدة للصحة العامة وهذا ما يميز زيت زيتون الجوف عن باقي المنتجين.



وتتلمس الشركات الزراعية منطقة الجوف كل ما هو جديد في مجال التسويق والمبيعات كونها تستهدف إرضاء أذواق ورغبات المستهلكين في الأسواق المحلية، والخليجية، والعربية، والعالمية، حيث دأبت على طرح أشكال جذابة من عبوات الزيت، وبأحجام مختلفة، مشترطة حصول الموردين على شهادة (ISO22000 &Haccp) لضمان سلامة الزيت داخل العبوة.

وتأتي في المرتبة الثانية من صناعات الزيتون في الجوف، "الزيتون المخلل" حيث تنتج سنوياً من 30 إلى 40 ألف طن من ثمر الزيتون، وتستفيد المنطقة من مخلفات عصر الزيتون والمسماة "الجفت" وذلك بخلطها نواتج تقليم أشجار الزيتون بعد الفرم لتنتج "حطب الزيتون" المستخدم في مجال التدفئة والشواء، علاوة على إنتاج الصابون من متبقي الزيت العضوي، والشامبو، وزيت الأطفال.

وحصل زيت زيتون الجوفي على عدد من الجوائز العالمية، وشهادات الجودة، وشارك في عدد من المعارض العالمية، وفي ذلك السياق وأكد رئيس مجلس الغرف السعودية رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في الجوف رئيس مجلس الأعمال السعودي الأردني د. حمدان بن عبد الله السمرين أن الأرقام الكبيرة التي يحققها زيت زيتون في الجوف محفزة للاستثمار فيه خاصة في ظل الظروف المناسبة التي تحظى بها المنطقة للإنتاج على مستوى عالمي.



وقال إن التوجه الجديد للمملكة العربية السعودية وفق رؤية المملكة 2030 الذي يحفز الاعتماد على مصادر أخرى للاستثمار بعيدًا عن النفط، يجعل من زيتون الزيتون من العوائد الاقتصادية المجدية في المملكة، حيث أن شجرة الزيتون يتنوع الاستثمار في مخرجاتها إلى أكثر من خمسة استثمارات، بحيث لا تقف عند الاستثمار في ثمار أو زيت الزيتون.

وفي ذلك الجانب، كشفت إحصائية الهيئة العامة للإحصاء عن أن منطقة الجوف تمتلك 80 % من إنتاج الزيتون بالمملكة، و تحتفي منطقة الجوف سنويا بزيتونها عبر مهرجان الزيتون منذ عام 1428 هـ، الذي أسهم في عرض مختلف منتجات شجرة الزيتون، وإيجاد سوقا للاستثمار في هذه المنتجات والتنافس في إنتاج الأجود منها.

ويعد مهرجان الزيتون الذي يشرف عليه صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن بدر بن عبد العزيز أمير منطقة الجوف، وتنظمه أمانة منطقة الجوف سنوياً الفرصة الأفضل للمزارعين لتسويق إنتاجهم من خلال معرضاً للزيتون والفعاليات المصاحبة، وآخر للأسر المنتجة تنظمه جمعية الملك عبد العزيز الخيرية.



وأوضح رئيس اللجنة العليا للمهرجان أمين منطقة الجوف المهندس عجب بن عبد الله القحطاني أن مهرجان الزيتون كان بمثابة نقطة التحول، حيث اقترن اسم الجوف بالزيتون فلا يكاد تذكر الجوف إلا ويذكر الزيتون معها، واليوم أصبحت ماركة زيت الجوف ذات ثقة عالية في السوق ومطلبا للمتسوق بعد أن نجح المهرجان في التسويق لها.

وأشار إلى أن مزارعي المنطقة أصبحوا يعون أهمية التسويق وطرقه، فقد استطاعوا تسويق كامل إنتاجهم خلال الدورات السابقة للمهرجان التي شهدت صفقات وأرقاما كبيرة في مبيعات الزيت.

ومن جهته قال المدير التنفيذي للمهرجان حسين بن علي الخليفة إن احتفال المنطقة لهذا العام بالنسخة العاشرة من مهرجان الزيتون ستكون مميزة بداية من حفل الافتتاح الذي سيحمل قالبا مختلفا لهذا العام إضافة لجملة الفعاليات والمعارض المتنوعة، مؤكدا أن المهرجان حقق سمعه عالية وأصبح من أكبر المهرجانات السعودية.

وبين الخليفة أن 60 مزارعاً يشاركون في معرض الزيتون الأكبر خليجيا يعرضون زيت الزيتون والزيتون المخلل، ومنتجات الزيتون الجوفية من الشامبو والصابون وورق الزيتون والحطب وشاي الزيتون، ويعد معرض الزيتون هو الحدث الأبرز في المهرجان.



وخصص المهرجان فعاليات نسائية مستقلة تظم معارضاً نسائية وفعاليات خاصة بالمرأة ودورات وورش تدريبية، وعد داعمًا لأبناء ومحفزًا لمنطقة الجوف بداية من توظيفهم للعمل بلجان المهرجان، وإشراك الموهوبين منهم في الفعاليات المصاحبة، ناهيك عن فتح المجال للمشروعات الصغيرة للاستفادة من مهرجان الزيتون.

ويهتم المهرجان في كل عام بالأسر المنتجة من خلال إقامة معرضا لها تشارك فيه 300 عارضة يعرضن المشغولات اليدوية، والسدو، والمأكولات الشعبية، وإنتاجهن من صابون زيت الزيتون، بجانب فعاليات متنوعة تلبي ذائقة زوار المهرجان من الآباء والأمهات، والأطفال، أعدها فرع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في الجوف.

ومن المقرر أن تشارك شركة سابك في المهرجان بقافلة العلوم التي هي عبارة عن رحلة علمية ترفيهية تفاعلية بخمسة أقسام أساسية تتمثل في: الكيمياء، تقنية المعلومات، الطاقة والاستدامة، البيئة، والابتكار، وتشمل مجموعة من الأنشطة وورش العمل والتجارب الهادفة إلى تعزيز علاقة النشء بالعلوم والمعارف والتقنية، فضلاً عن إكسابهم مهارات عملية في تطوير الذات وتنمية حس المبادرة والعمل بروح الفريق لخدمة المجتمع.



كما تشارك شركة أرامكو السعودية بمبادرة للأسر المنتجة في تدريبها على شتل الزيتون، والهيئة العامة للرياضة بخيمة ثقافية تضم عددًا من الفعاليات، بينما يشارك مركز براعم التحدي بخيمة فعاليات تسعى لدمج ذوو الاحتياجات الخاصة بالمجتمع.

وفي السنوات الأخيرة تبنى المهرجان فكرة "مجاز" بحيث أن كل ما يعرض بمهرجان الزيتون بالجوف من زيت يحمل ملصق "مجاز" أي تم فحصه قبل عرضه عبر مختبر أمانة الجوف من خلال التأكد من: نسبة الحموضة، التزنخ، الرطوبة، خلط الزيت بآخر، المعادن الثقيلة، الغش التجاري، والتذوق، وهذا الملصق لا يقبل التزوير أو إعادة لصقه بعد نزعه.

وما يميز مهرجان الزيتون بالجوف جائزة "فهد بن بدر بن عبد العزيز" أمير منطقة الجوف التي تسعى إلى تحفيز المزارعين ورفع إنتاجهم من الزيتون وزيته مع المحافظة على مواصفاته، حيث خصّص الأمير فهد بن بدر بن عبد العزيز أمير منطقة الجوف جائزة أفضل زيت بلغت قيمتها 300 ألف ريال و 200 ألف ريال لأفضل إنتاج ثمر زيتون من خلال فريق مختص يبدأ عملية التقييم منذ اللحظة الأولى لانطلاق المهرجان.



كما أولت حرم سمو أمير منطقة الجوف صاحبة السمو الملكي الأميرة سارة بنت عبد الله بن عبد العزيز الأسر المنتجة في مهرجان الزيتون جل اهتمامها وذلك بتخصيصها جائزة "سارة بنت عبد الله بن عبد العزيز للأسر المنتجة".

وجائزة الأميرة سارة بنت عبد الله جائزة سنوية تشتمل على مسار ذوات الاحتياجات الخاصة وقيمتها 160 ألف ريال موزعة على ثلاث مراتب، نصيب الفائزة الأولى 100 ألف ريال، والثانية 40 ألف ريال، والثالثة 20 ألف ريال، إلى جانب مسار الأسر المنتجة وقدرها 80 ألف ريال موزعه على الفائزات بالمراكز الثلاثة الأولى في مجال صناعات: السدو، المأكولات الشعبية، والمشغولات اليدوية.