محمد السيد (الأناضول) : أثار تقرير منسوب لهيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) يفيد بتلوث الفراولة المصرية في الولايات المتحدة، وتسسببها في إصابة العديد من المستهلكين بفيروس التهاب الكبد (أ)، جدلاً واسعًا، منذ منتصف سبتمبر/أيلول الجاري، لم يتوقف حتى اليوم.



وأطلقت وسائل إعلامية مصرية على الجدل المثار "حرب الفراولة"، لا سيما بعد أن دفع التقرير العديد من الدول، وعلى رأسها الإمارات العربية المتحدة، الكويت والأردن، لتشدد الإجراءات على الواردات من الفراولة المصرية المجمدة.

كما أعلن السودان وقف استيراد الخضار والفاكهة والأسماك من مصر، لكن خبير مصري يبرأ الفراولة من نقل الفيروس، ويسوق لذلك 3 أسباب.

وتُصدر مصر لأمريكا نحو 6 % من إنتاجها الكلي للفراولة، والتي تصل إلى 46 ألف طن، وتقدر قيمة الصادرات الزراعية المصرية للولايات المتحدة بنحو 600 مليون دولار، وفق بيانات للحكومة المصرية، وهو ما منحها هذا الزخم.

بداية الأزمة، كانت في 8 سبتمبر الجاري، حينما أعلنت المراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) إصابة 89 شخصًا بفيروس التهاب الكبد الوبائي "أ"، في 7 ولايات أمريكية، يشتبه فى تناولهم عصائر في مقاهي العصائر الاستوائية، إذ أشار 54 منهم إلى العصائر كانت تحتوي على فراولة في مطاعم بفرجينيا.

وأعلنت وزارة الصحة الأمريكية، أن الإصابات بالالتهاب الكبدي وقعت لأشخاص عقب تناولهم فراولة مصرية مجمدة في الفترة من 5 إلى 8 أغسطس/آب الماضي، وعلى إثر ذلك فرضت قيودًا على بعض السلع والأطعمة.

بعدها تناولت وسائل إعلام مصرية وعربية تقريرًا منسوباً لهيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، يفيد باكتشاف حالات إصابة بالتهاب الكبد الفيروسي (أ) نتيجة تناول فراولة مستوردة من مصر، واكتشاف منتجات غذائية مصرية ملوثة بفضلات الإنسان، واستخدام مادة الفورمالين الخطرة والجير في بعض الأطعمة.



لكن جمعية حماية المستهلك السعودية، أصدرت بيانًا، الأربعاء الماضي، قالت فيه إنها تتواصل مع الجهات المصرية، بشأن التقرير، مشيرة إلى أنه (التقرير الأمريكي) لم يتضمن اكتشاف منتجات غذائية مصرية ملوثة بفضلات الإنسان، واستخدام مادة الفورمالين الخطرة والجير في بعض الأطعمة.

وكانت هيئة الغذاء والدواء السعودية، أعلنت أنها حللت عينات من الفراولة المصرية، وصدرت نتائج التحاليل المخبرية، مؤكدة خلوها من فيروس التهاب الكبد الوبائى، وذلك بعد أيام من منع أمريكا لاستيرادها.

غير أن الهيئة، أعلنت، في بيان أصدرته 17 سبتمبر/أيلول الجاري، اتخاذ إجراءات احترازية، وفحصت عينات الفراولة المجمدة الواردة من مصر فى أغسطس/آب الماضى، ثم أصدرت تعميمًا بتحليل عينات من أى شحنة فراولة قادمة من مصر.

وعن مدى إمكانية نقل الفراولة المصدرة لفيروس (أ)، كشف الدكتور خالد غانم، أستاذ الزراعات العضوية والمستدامة بجامعة الأزهر بمصر، أنه لا يمكن الجزم بتلوث الفواكه والخضروات المصرية المصدرة للخارج ببعض الأمراض، كحالة الفراولة المصدرة إلي أمريكا، وادعاء إصابة متناولي عصيرها بالالتهاب الكبدي الوبائي (أ).

وأضاف، فى حديث للأناضول، أن ذلك يعود لثلاثة أسباب، أولها أن فيروس (أ) يرتبط بالتلوث الخارجي للأغذية، ولا تحملها الأغذية بداخلها، وأن الفيروس ضعيف ولايستطيع البقاء خارج بيئية مدة طويلة، ولا يمكنه تخطي الوسائل المختلفة التي اتبعت لحفظ الأغذية مثل التجميد وغيره.
ورجح أن يكون الفيروس انتقل للعصير عبر أحد الأفراد الذين قاموا بتصنيع وتحضير العصير.

وتحدث عن السبب الثاني بالقول أن هذه الفراولة، وغيرها من المنتجات المصدرة للخارج، حاصلة علي شهادة من المعمل المركزي لتحليل متبقيات المبيدات والعناصر الثقيلة في الأغذية، وهو معمل معتمد دوليًا، وحاصل على شهادة الاعتماد الدولية طبقاً لنظام (الأيزو 17025) من هيئة الاعتماد الفنلندية (FINAS).

وأضاف أن السبب الثالث هو أن الدول لا تكتفي بهذه الشهادة، وتقوم بتحليل الأغذية وفق معامل خاصة بها.

ونوه إلي أنه بشكل عام تتعرض الخضروات والفاكهة، أثناء إنتاجها وتداولها، إلي نوعين من التلوث، أولهما التلوث البيولوجي، وهو أن تتلوث بالبكتريا والفطريات والفيروسات والديدان وغيرها، وتصل بطرق شتى بينها بمياه ملوثة بالنفايات العضوية كمياه الصرف الصحي، وهي غالبا محملة بالعديد من الممرضات مثل فيروسات مثل فيروس الكبد الوبائي (أ)، وغيره.

وأشار إلى أن الملوثات البيولوجية تنتقل للإنسان أيضا عند جمع المحصول من العمال حاملي بعض تلك الأمراض، أو عبر النقل والتداول والتصنيع والتخزين، حيث يحتمل أن تكون معدات النقل اوالسيارات أو المعاصر أوالمخازن ملوثة ببعض من هذه الميكروبات.

وبحسب غانم، فإن النوع الآخر من التلوث وهو التلوث الكيمائي، الذي ينتج من الافراط في استخدام الكيماويات الزراعية من أسمدة ومبيدات، فمثلا يؤدي الاستخدام المفرط فيه للأسمدة الأزوتية المعدنية إلي تكون "إيوني النترات" و"النتريت السامين"، وحيث يتم تخزينهما بنسبة عالية في بعض الثمار.

ونوه غانم إلى أن دراسات متعددة أجريت على بعض العينات، التي يتم جمعها من الأسواق المحلية فى مصر وتحليلها في وزارة الصحة، كشفت زيادة نسب المبيدات عن المسموح بها، وهذا غالباً يرجع إلي أن المزارع يجمع المحصول بعد الرش مباشرة بيوم أو يومين من دون ترك فترة أمان، والتي تقدر غالبا بعشرة أيام.

والغريب، بحسب غانم، فإن هذه الزيادات في نسب متبقيات المبيدات في الخضروات والفاكهة لا تظهر في الخضروات والفواكه المعدة للتصدير، نظرا للاشتراطات المشددة التي تضعها الدول المصدر إليها.

ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن التهاب الكبد الفيروسي (أ) أحد أمراض الكبد المعدية، التي تتراوح شدته ما بين التهاب كبدي بسيط يزول خلال بضعة أسابيع، إلى مرض شديد قد يستمر لبضعة أشهر، ويتعافى غالبية المصابين بالمرض بصورة تامة، وغالباً ما ينتشر نتيجة لتناول الأطعمة والمشروبات المحتوية على بقايا فضلات الإنسان الملوثة بالفيروس، بما في ذلك انتقاله عبر ملامسة الأدوات والأسطح المعرضة للتلوث بالفيروس.

ويمكن الوقاية من الفيروس عبر التقيد بالإرشادات الصحية، ومن ذلك غسل الخضار والفواكه جيدًا قبل استخدامها، وتجنب الشراء من الباعة المتجولين، غير المصرح لهم، أو مصادر البيع غير الموثوقة، مع غسل اليدين جيدا قبل تناول الأطعمة أو إعدادها، كما يتوفر له لقاح يعطى لشرائح محددة من المجتمع.