سهل إنا نغضب الناس ،، ولكن !!
من الصعب نضحّكهم ،،
هذا هو موضوعي : قصة حصلت لي فأحزنتني ،، ولكن !!

رواية (النكته) فن يتميز به القليل
وأتصور إن الله ما وفقني في هذا الفن

ليش ؟؟
أحياناً أقول لربعي اسمعوا نكته ،،
وأقولها لهم وأخلص وما ضحك أحد

وأحيانا ،، أجي لربعي متحمس بقول لهم شي صار لي
يضحكون من البداية ،، على كل كلمة والثانية ويبفطسون ضحك
وأنا ،، مبحلق عيوني ،، همن يضحكون زيادة ،، وتطول السالفة

أصعبها ،، كانت أول ما رجعت من أمريكا
عشت فيها حول 20 سنة ،، بدايتها درست
ويعدها توظفت بشركة ،، وما ردني إلا عيالي
شحنت الكدلك والفان ،، وشحنت العفش وجيت للرياض

المشكلة الأولى ،، الناس تأقلموا على وضعي بأيام
وأنا ،، صار لي سنين ما تأقلمت مع أحد
الناس بوادي وأنا في حفرة !! ومع هذا
توظفت بالجامعة على مرتبتي القديمة ،، بسيطة !!
وبديت أسوق ،، أي سواقه !! مصارعة ثيران
مشاوير ،، أي مشاوير ،، كل شوي استأجر تكسي ،،
أقوله سوق قدام سيارتي ،، عشان الحقه وما أضيّع
وسواقة الناس ،، كل واحد طاير ،، وبواري ،،
وكل ما سمعت بوري ،، وقفت أشوف ويش يبي
والناس هواش ،، وأنا بينهم ،، وأحياناً ما أدري إني السبب
وأنا ،، و كدلكي ،، مخشوه ،، وصار مدمن بواري
وأعدموا جنوبه وصداماته ،، ما كمّل سنة
حتى سقفه ،، ما أدري كيف وصلوا له !!
ضيق صدري هالكدلك ،، وديته للحراج
وبعد كم هوشه ،، بعته ،، بكلب سرق أهله
وزدت عليه كم ألف ريال !!
وشريت جيب بترول (عمره خمس سنين) !!

بعدين لاحظت أول ما سقته إني ما أسمع بواري
لاحظت فرق تعامل الناس معي وشفت ابتساماتهم
حسبتهم يحترموني على سكبتي !!
إثرهم خايفين من الجيب ،، خايفين على مواترهم

صرت أطلع البر ،، أدور أي جبل ،، أي طعس
صرت ما أخاف من الجرفان ،،
صرت أكره سواقة الأزفلت
بعد أسبوع من مغمرات هالجيب ،، جانا رمضان !!

إخواني وأخواتي ،، هذه مقدمة القصة

بداية النكته كما حصلت !!

كان الجو بارد ،، عصر الثالث من رمضان
صليت العصر وتوجهت بالجيب من الرياض
متوجها شمالا إلى هضاب (بنبان) ،،
طبعاً ليس هناك أي طريق نهائياً
بدأت النزهة شمالا وجنوبا وشرقا وغربا
أصعد الجبل ومنه إلى الوادي
ومن شبك المطار إلى طريق القصيم
ورايحين ورادين ومطبات وتغاريز
وضامن طعام الإفطار في المنزل
كنت فرحاً بما فرّج الله علي بهذا الجيب

ولكن مفاجأة ،، باتجاهي من (بنبان) نحو الجنوب الشرقي
لمحت من فوق أحد التلال (جيب جديد) جوار شبك المطار
أردت أن أتأكد مما رأيت ،، فقلت سأقترب منه أكثر
هضاب وتباب وشعيبات وجبيلات متفرقة
كنت لوحدي،، من فوق جبلٍ يدنوه تبة تعانق شِعباً
فصدعت رأس الجبل التالي نحوه ،، ولأجس نبض (الجيبي)
وإذا بأخينا يأخذ صغاره ويلوذ بالفرار ،، ماذا دهاه ؟!
لماذا هرب عند اطلاتي ؟! ماذا رأى ؟! ما الذي أخافه ؟!
لماذا يقسو على سيارته الجديد في هذه المنطقة الوعرة ؟!
فعلاً ،، هو هارب ،، فمن من هو هارب ؟!
دعوني أذهب مكانه ،، كي أتبين الحقيقة ؟!
هل قتل أحدا ورماه هناك ؟! لا ،، لن يفعل ذلك برفقة أطفال
سأنزل من الجبل إلى الوادي ثم أصعد مكانه جور الشبك !!
يا للهول ،، الشبح !! هنا وهناك ،، طائرات عسكرية
طائرات إف 16 و 17 ،، ولا أرى سوى أطرافها
طائرات وصواريخ في مخابئها ،، حاجات تخوف ،،
رادارات دور ،، ومنصات صواريخ بيض وحمر !!
دعوني أهرب معه ،، هو أبخص مني بما يجري
وأنا كنت مغترب عن الديار سنين ،، إذا ،، سأتبعه
فعلا كنت احلم بعد عودتي للسعودية بالبراري
وأن استبدال سيارتي الناعمة بشيء أكثر عملية
وهذا سبب استعراضي لعضلات هذا الجيب
وكأنما أقسمت أن لا تلمس العجلات الإسفلت
وها قد جاءت الفرصة ،، ليس فقط للاستعراض ،،
بل واللحاق بالهارب !! هروبه عجيب (مريب) !!
لم يعد سبب هروب الجيب الجديد مهم عندي
أصبح المهم عندي هو وجوب الهرب لا غير
طبعاً تتفقون معي بأن ألي خلاه يشرد الشردة هذي
مقنع بما فيه الكفاية بأن أهرب معه ،، أو حتى أسبقه
فكيك ،، جيبي قديم وبطران ،، وماني خايف عليه
العكس عند صاحب الجيب الجديد ،، عض شليله !!
يمغط لازان الخد ،، بس يهدي بالمقاص والجروف
طبعاً،، وين يبي يروح ،، وراه وين ما يزبن ابزبن معه
يمكن انه شاف شيئ ما شافته !!
يمكن يعرف طريق أزين !!
جيبه جديد ،، ما يقدر يزيد عن60 كم
وأنا أقل ما أمشي 90 كم
المشكلة ،، لاحظت إنه مثلي بايعها بزبيبة
طيب ،، لماذا ؟؟ إتفقنا أنا وياه على الهروب ؟!
طيب ،، حتى ولو هو عازم على الهرب ،،
فانا لحظتها ماني متأكد أنا أطارده أو متوهم بخوفه فتبعه
ثلث ساعة بين شعبان وحصى وطلعة جبل ونزلة شعيب
وغبارنا غطى منطقة دائرة حـــــــ13ــــــــوال كم

لا إله إلا الله ،، ثم ماذا !!

أخيرا أستسلم !! فعلاً ،،

أستسلم أخينا راعي الجيب الجديد ،، شــافني وصـلته
يوم لحّمت فيه مرار ،، وجوارته تكرار
هدى سرعته ،، وأشر بيديه ،، وبالغترة

فعلاً،، كان يرجو ،، بل ويأمل الوقوف التام ....
فعلاً شفته كان واضح جدا إنه خايف على نفسه
وكان باين خوفه على عياله إلي يصرخون ،،
وكان جزء من خوفه على جيبه إلي تغير لونه
جيبه إلي تجشّـم الحصى والرضم !!

وقف المسكين ،،
وترجل من جيبه ،،
غترته في يد ،،
ونظارته كسرتين في الثانية

صعبت عليه الخطوات
جاني يترنح ،، في مشية بطيئة
كان مسكين يتصبب عرق
وكان الجو ربيعي بارد
كان مستميت على كلام
حاول كلمتين بريق ناشف
يتلكلك بالكلام ،، وفحمان
كانه طالعله درجة 40 طابق

والله ،، حزنت عليه
وتعاطفت على منظره وصياح عياله
فكيت الباب ونزلت من الـ(جيب)
وسألته مشكك: بالله عليك ليش شارد
قال: يا أخي والله ثم والله العلي العظيم أن هذه أول مرّة أجي هذا المكان وما كنت أدري بوجود معدات عسكرية هنا بس حبيت أتمشى أنا وعيالي نجرب السيارة برى الأسفلت – والله ثم والله ،، ،،

قاطعته ،، وقلت: يا أخي خوفتني ،، شفتك شردت فهجيت وراك

قال صاحب الجيب الجديد : أيش ؟ ايش تقول؟ انت منتب دورية؟ يا شيخ حرام عليك !! هبلت بي وبعيالي ،، حسبي الله عليك !! حــســـــــبي الله

. . .

ثم ركب سيارته وغادر المكان ،، دون سلام ،،

حزنت على هذا الرجل وعلى أطفاله وسيارته،،
حاولت أهدئ من روعه ،، الله يسامحه ويسامحني
ما زلت أتألم عندما أتذكر تعبيرات وجهه ووجيه عياله

يبدوا إنه شاف هذا الجيب القديم جايه
وتصور الجيب القديم دورية عسكرية

والمشكلة ،، يوم أقول لأحد بالقصة المؤلمة لي
أحصل الكل يضحك كل ما أقول هالقصة !!
. . .
لم أنشر هذه القصة سوى في منتديات الرياض قبل أعوام