بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الأبحاث تنفي العلاقة بين التوحد ولقاحات الأنفلونزا

تمر اللقاحات بعدة مراحل قبل ترخيصها في تجارب في المختبرات على الحيوانات وبعد ذلك تدخل في مراحل أخرى لمعرفة أعراضها الجانبية الشائعة والنادرة :

المرحلة الاولى :-

يشارك فيها أقل من عشرين متطوعا وتدرس في تلك المرحلة الاعراض الجانبية الشائعة جداً.

المرحلة الثانية :-

ويشارك فيها مئات الاشخاص وتلاحظ في هذه المرحلة الاعراض الجانبية الموضعية التي تظهر مكان اللقاح مثل الاحمرار او الانتفاخ كما يشاهد فيها مدى حدوث الاعراض الجانبية العامة مثل ارتفاع درجة الحرارة.

المرحلة الثالثة :-

وتشمل عشرات الآلاف ويتم في هذه المرحلة رصد الاعراض الجانبية النادرة والتي قد تحصل كحالة لكل مئة او الف حالة تلقت التطعيم . بعد نجاح اللقاح خلال مراحله الثلاث تقوم بعض الهيئات الطبية العالمية مثل هيئة الغذاء والدواء الامريكية fda بإصدار ترخيص لهذا اللقاح . كما تقوم أيضا بمراقبة مأمونية اللقاح حتى بعد ترخيصه.

ماهي المواد الحافظة ولماذا تضاف للقاح ؟

هي مركبات تضاف للقاح لقتل ومنع نمو الميكروبات مثل البكتيريا والفطريات في حالة كون اللقاح يتم سحبه من زجاجات صغيرة لاستخدامه لعدة جرعات ومن تلك المواد الحافظة مادة « الثيميروزال « والتي تم استخدامها منذ ما يقارب ثمانين عاماً.

ماهو الثيميروزال ؟

هي إحدى المواد الحافظة التي تم اضافتها الى بعض اللقاحات منذ عام 1930 م . يمثل الزئبق حوالي 50 % من تلك المادة والتي يتم تحويلها في الجسم إلى « ايثيل الزئبق « أو مركب « ثيوسالسيليت « . هذا المركب يستطيع قتل ومنع نمو البكتيريا داخل اللقاح وقد أشارت الملاحظات من خلال استعماله للحيوان والانسان على فاعليته كمادة حافظة وأمانه في اللقاح عدا ظهور تفاعل موضعي بسيط مكان حقن اللقاح على الجلد حسب ماذكرته هيئة الغذاء والدواء الامريكية.

يستخدم الثيميروزال كمادة حافظة في اللقاحات بتركيز ,003 % وحتى ,01 % وفي النسبة الاخيرة يكون مقدار الثيميروزال 50 ميكروغرام لكل 5 مل بمعني أنه يحوي 25 ميكروغرام زئبق لكل نصف مل من اللقاح وهو مقدار الجرعة تقريبا . ولكن استعمال المواد الحافظة المحتوية على الزئبق في اللقاحات قد تناقص بشكل كبير منذ عام 1990 م . ومنذ ذلك الحين والهيئات الطبية المختصة بالرقابة على الادوية عموما واللقاحات بصفة خاصة تسعى الى سحب الزئبق من اللقاحات حيث نجحت في ازالة تلك المادة من جميع اللقاحات حيث اصبحت التطعيمات الروتينية التي تعطى للاطفال الاقل من 6 سنوات لاتحوي الزئبق أو أنها تحوي كمية ضئيلة جدا لاتتعدى واحد ميكروغرام عدا لقاحات الانفلونزا غير النشطة . في حين رخصت fda لاستعمال لقاح الانفلونزا الخالي من الثيميروزال للاطفال من عمر ستة اشهر وحتى 5 سنوات.

في اكتوبر من عام 2001م توصلت «الهيئة الامريكية لبحث أمان اللقاحات» أن المشاهدات في ذلك الوقت غير كافية لقبول أو نفي العلاقة السببية بين بعض المشاكل العصبية ، مشاكل النمو ، التوحد ، فرط الحركة وقلة الانتباه ، صعوبات الكلام من جهة وبين الثيميروزال من جهة أخرى . ولكنها أكدت انه من الحكمة ازالة الثميروزال من اللقاحات لتقليل تعرض الاطفال للزئبق من خلالها.

وفي عام 2004 م أعادت الهيئة دراساته للتأكد من علاقة بعض التطعيمات ومن اهمها اللقاح الثلاثي للحصبة mmr بالتوحد لدى الاطفال حيث نفت النتائج أي علاقة محتملة بين تلك اللقاحات وظاهرة التوحد عند الاطفال . وقد شملت الدراسة مناطق عدة في الولايات المتحدة الامريكية ، بريطانيا ، الدنمارك والسويد .

ماهو التوحد ؟

التوحد هو مرض يعيق النمو والتطور العصبي للطفل ويتصف بضعف التفاعل والتواصل الاجتماعي ، سلوك وحركات مقيدة ومتكررة وعادة تبدأ هذه الاعراض والعلامات قبل بلوغ الطفل سن الثالثة . نسبة حدوث المرض طفل الى طفلين لكل 1000 طفل ولم يتم التوصل بالتحديد الى اسباب ودوافع ذلك المرض ولكن على مايبدو ان له روابط جينية بالاضافة الى ان بعض الفرضيات قد عزت اسباب المرض الى التسمم ببعض انواع المعادن الثقيلة ومنها مشتقات عنصر الزئبق والذي يضاف الى بعض التطعيمات كمادة حافظة وقاتلة للجراثيم عندما تستعمل الزجاجة الصغيرة « الامبولة « لعدة جرعات ولكن الابحاث والدراسات الاخيرة نفت تلك العلاقة بين اللقاح والتوحد . قد يرتبط التوحد في حوالي 10 الى 15 % من الحالات ببعض الامراض الجينية وفي احيان اخرى بأمراض في الجهاز العصبي.

* ماهو الزئبق وما تأثيره على صحة الإنسان ؟

الزئبق عنصر منتشر في اماكن كثيرة حول الارض . الزئبق الموجود في الماء ، النباتات ، الحيوانات والتربة هو على هيئة املاح غير عضوية . كما يتواجد في بعض المستحضرات التجميلية وكريمات تبييض البشرة . يمتص الزئبق بسهولة من الجسم على هيئة ميثيل الزئبق فيما يصعب تحريره من الجسم بعد ذلك حيث يؤدي الى مضاعفات صحية تطال الجهاز العصبي ، الكلى ، القلب والدورة الدموية وغيرها من اعضاء الجسم.

* هل اعطاء لقاح الانفلونزا المحتوي على الثيميروزال إجراء امن للأطفال ؟

تعتبر معظم الهيئات العلمية ومنها هيئة الغذاء والدواء الامريكية ان لقاح الانفلونزا باحتوائه على الثيميروزال آمن بسبب قلة الكمية المضافة والتي لم ترصد بسببها أي اعراض صحية عدا إحمرار أو انتفاخ في مكان الحقن على الجلد .

الابحاث الاخيرة تشير إلى أن الاطفال الاقل من سنتين والكبار الاكثر من 65 سنة هم عرضة الى مضاعفات الانفلونزا لذا ينصح بالتطعيم لهذه الفئة العمرية بالتحديد والاطفال بصفة عامة.

* هل يمكن للسيدة الحامل تلقي لقاح الانفلونزا المحتوي عل الثيميروزال ؟

من خلال دراسة عملت على 2000 سيدة حامل لم يكن هناك تأثير سلبي على الأم أو الجنين بعد تلقي لقاح الانفلونزا. ولان الام الحامل قد تكون عرضه اكثر من غيرها الى مضاعفات الانفلونزا فان فوائد إعطائها اللقاح تفوق اضرار كمية الثيميروزال القليلة اذا افترضنا ان لها ضرراً بهذا المقدار.

فيما سبق كان الحديث عن اللقاحات بصفة عامة بما فيها اللقاحات الروتينية للاطفال أما فيما يتعلق بلقاح انفلونزا الخنازير على صفة الخصوص وبعد تناقل بعض النشرات والتقارير عبر بعض وسائل الاعلام ، الايميل والمنتديات حول التشكيك في مأمونية لقاح انفلونزا الخنازير فقد ذكرت منظمة الصحة العالمية على موقعها انها احاطت علما بتلك التقارير الاعلامية التي ابدت قلقا ازاء مأمونية اللقاحات المضادة للانفلونزا الجائحة وذكرت أنه لابد من طمأنة عامة الناس وابلاغهم بان الاجراءات التنظيمية القائمة فيما يخص ترخيص تلك اللقاحات بما في ذلك الاجراءات الخاصة بتسريع الموافقة التنظيمية هي اجراءات صارمة ولاتعرقل مأمونية اللقاحات او عملية ضبط الجودة . الجدير ذكره انه اثناء جائحتَيْ عام 1957 و 1968م حدث تأخر كبير في وصول اللقاحات لاستعمالها كوسيلة فعالة للتخفيف من وطأة المرض خلال أشد مراحله كما انه لم تكن لقاحات الانفلونزا موجودة عندما اكتسحت جائحة 1918 م العا لم وأودت بحياة زهاء 50 مليون نسمة . فيما اوصت منظمة الصحة العالمية باجراء رصد مكثف للكشف عن مأمونيتها ونجاعتها . ومن جهة اخرى قامت وزارة الصحة بحملات توعوية للتعريف بذلك المرض وكيفية الوقاية منه واتخاذ كافة التدابير الوقائية والعلاجية لحصر المرض ومنع انتشاره سيما مع بدء العام الدراسي ، موسم الحج واحتمال ظهور موجة عدوى الفيروس الثانية مع دخول فصل الشتاء كما أهابت بالجميع الالتزام بما تصدره الوزارة من بيانات رسمية بهذا الخصوص وعدم الانسياق خلف المعلومات غير الموثقة وغير الدقيقة التي يتم تداولها من جهات غير رسمية .

بعد قراءة هذا المقال وماسبقه قد يكون القارئ الكريم في حيرة من أمره هل يتلقى اللقاح ويعطيه لابنائه ام يتبع ماتطرقت اليه بعض وسائل الاعلام والتي لا تعدو آراء ومعتقدات شخصية حتى لو كانت صادرة من اطباء فهم لايتحدثون باسم جهة بحثية او منظمة علمية فاللقاح او الدواء يحتاج الى مسح شامل من قبل جهة علمية رسمية تملك المختبرات الخاصة والامكانات اللازمة لاخضاع اللقاح لمزيد من البحث والتقصي لإثبات سلامته من عدمه في مكوناته الاساسية والاضافية ونسبة كل منها كما تملك قاعدة البيانات الاساسية عن كل مادة ومدى ضررها لتحديد مدى امكانية حدوث مضاعفات على المدى البعيد وعندئذ نقف وقفة عقلانية ومنطقية فالافراد المتحدثون عن ضرر اللقاح قد لايكون لديهم الامكانات لاثبات الضرر ولكن يتركز حديثهم على أن أحد مكونات اللقاح يعزى إلى مضاعفات معينة لم يتم توثيقها علميا وفي هذه الحالة يظهر دور الهيئات والمنظمات العلمية في الافصاح عن البراهين من خلال دراسات موثقة تمت خلال سنوات عديدة سابقة على تلك المادة المنسوب منها الضرر ايا كانت وذلك لاثبات او نفي تلك المضاعفات كما وعمل فحص دقيق للقاح ككل والتنسيق مع الهيئات العلمية المحلية والدولية للتأكد من سلامة ومأمونية اللقاح وهذا ماذكرته الوزارة انها تسعى إليه حيث اكدت حرصها على الحفاظ على صحة وسلامة الجميع وانها لن تسمح بتلقي أي لقاح إلا بعد التأكد من مأمونيته وعدم وجود آثار جانبية جراء استخدامه والقيام بالتحاليل والفحوصات اللازمة وفق الأنظمة والإجراءات المعمول بها ... مع دعواتنا ان يحفظنا الله واياكم من كل مكروه .
مع تمنياتى للجميع بالصحة والعافية ...والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته



د..خالد بن عبد الله المنيع