(( 43 ))
(( ليـلـــة العيــــــد ))
ليلة العيد
تذكرت للتو موقفا وقصة عجيبة حدثت لي لاأجد في نفسي حرجا أو عيبا أن أرويها لكم
عام 1406هـ كنت عائدا من أبها بعد أن أمضيت فيها ثلاثا عجافا من سني عمري إلى جدة
بعد تكبدي خسائر مالية فادحة
جدة التي أحببتها من كل قلبي بعد أن قدمت إليها من الرياض على فترتين بداية من عام 1396هـ وغادرتها عائدا إلى الرياض نهاية عام 1399هـ حيث بنيت فيها فيلا فارهة ولكني مالبثت أن بعتها منتقلا إلى جدة التي أحببتها منذ أو ل يوم وطأت قدمي أرضها عام 1384هـ
عدت إلى جدة بعد أن صدر قرار سعودة العمل في جمرك ميناء جدة الإسلامي وتمهيدا لإعادة بناء نفسي تجاريا من جديد فقد استأجرت شقة في إحدى عمائر الكعكي جنوب جوازات جده
وكان وقتها لدي ثلاثة أبناء وبنت واحده أكبر الأبناء كان في السابعة من عمره
وكان وضعي المالي مزري للغاية
وفي ليلة عيد الفطر في ذلك العام وردت بإسمي حوالة بنكية بمبلغ ستة آلاف ريال لمصلحة شخصين أحدهما سعودي والآخر سوداني وكانت لي أياد بيضاء على كليهما رحم الله أحدهما فقد توفاه الله فدعوتهما لاستلام الحوالة التي لاناقة لي فيها ولاجمل وليس لي حظ منها ولم يكن في جيبي حينها إلا خمسة ريالات فقط وثوب صوفي قديم بعد ان استهلك الزمن كل أثوابي الصيفية
سلمت الرجلين نقودهما وبعد أن اطمئنا عليها هما بالإنصراف فأشرت إليهما أنني أريد سلفة منهما وصدمني أنهما همهما بكلمات جاحدة مبررين موقفهما بأنهما يحتاجان ما حصلا عليه
وتذكرت أياما مضت كان الإثنان يحصلان مني على الفديو وغرفة النوم وكساء أطفالهما مع اللوازم المدرسية
بكيت والله بكاءا مريرا ليس لأنهما رفضا إقراضي ولكن لاضطراري اللجؤ إليهما مفترضا فيهما كل خير فسامحهما الله وعفى عنهما
فتحلق أطفالي من حولي وقد راعهم غزارة أدمعي ولم تمضي سوى نحو دقائق ثمان أو تسع حتى رن الهاتف وكان المتحث أبو نواف وهو زوج إبنة خالتي أختي من الرضاعة وكان شخصا شفافا رقيقا في مشاعره واضحا في مواقفه
أبو نواف كان يقيم مع زوجته في جدة وكان التكليف مرفوعا بيني وبينه وبين إبنة خالتي وكنت حينها أعزبا لم أتزوج بعد وكانت حالتهما المادية مستورة فكانا يأخذان مافي جيبي ويتقاسمانه معي وكنت قد نصحتهما بالإنتقال إلى خميس مشيط بسبب مشاكل عائلية حيث أخذا بنصيحتي بالإنتقال بنفس وظيفته في أحد البنوك إضافة لفرص تجارية جيدة فحققا نجاحا وثروة جيدة ومن ثم انتقلا إلى الرياض
حيث هاتفني وهو يمازحني ضاحكا فانتهرته قائلا هات ماعنك وبطل ميوعه
فقال وهو يضاحكني ياخوي يابو سعود لاتزعل مني أنا حولت هدية عيد ية لسعود واخوانه في بنك الراجحي فرع البلد وكان أذان العشاء يوشك أن يرفع فقذفت بالسماعة مهرولا إلى سيارتي البليزر الذي يشبه الدبابة في حركاته وانتفاضاته وانطلقت مبهذلا خلق الله بحركات بهلوانية
وعند البنك قفزت بسيارتي على الرصيف غير مبال بشيء وانطلقت إلى بوابة البنك التي كانت تتحرك للإغلاق
( ولا في الأفلام الهنديه *) وعبرتها بعزم وحاول الموظفين إقناعي بانتهاء الوقت وكل عام وأنت بخير ولكن أحدهم نصحني بمراجعة المدير في الطابق الثاني
فاندفعت نحو مكتبه حتى وقفت على رأسه لاهثا ولكنه حاول إقناعي ببعد العيد فأخرجت من جيبي الريالات الخمسة المتفرقة هذه كل ما أملك من النقد ولدي أربعة أطفال وأمهم ينتظرون كسوة العيد ولن أبرح المكان إلا بالحوالة أو تسلفني بمبلغها
طيب كم قيمة الحواله ؟
والله مدري كم
عطني اسم المحول
وفي لحظات صرف لي المبلغ سبعة آلاف ريال وعبر تلفون المدير هاتفت ام سعود أن تنزل من العمارة مع الأولاد وستجدني في انتظارها
وفرتكت ابوها إلا قليلا في ملابس العيد والألعاب
تذكرت ذلك الموقف الذي حصل لي في ليلة عيد قبل 24 سنه
واليو اليوم
فأما بنعمة ربك فحدث
أملك فيلا كبيرة مع حوشها الواسع وعدد من السيارات الجديدة
لأبنائي عداي فلا زلت أعتمد عليهم أو أسرق سياراتهم بالدور
بسم الله ماشاء الله
ولازلت أذكر وأتذكر ظروف فقري ومامر علي فأحمد الله وأشكره
ولا أستحي أو أستعر من ذلك كما يفعل بعض الناس وخاصة أهل البرستيج
من الذين يتناسون ماضيهم وفقرهم وكأن الفقر وصمة عار أو أمر غير أخلاقي
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ } {وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ }
{الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ }
{وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً }
{إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً }
{فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ }{وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ }
مواقع النشر