النفط إلي أين ؟؟؟
مما لاشك فيه أن النفط يقوم بدور كبير في تحديد أنماط السوق الدولية فهو السلعة المحركة لأغلب السلع الآخري فنجد عند ارتفاع أسعاره تتجه أغلب السلع إلي الارتفاع تأثراً بالنفط، ففي عام 2007 حقق النفط مكاسب سعريه كبيرة لم يصل إليها منذ اكتشافه في أوائل القرن الماضي وسارت الأسعار في الأشهر الأولي من عام 2008 علي نفس المنوال حتى تجاوز برميل النفط حاجز 110 دولار، ومن المعلوم أن النفط يدخل في أغلب الصناعات سواء كانت أساسية أو تحويلية بل يمكن القول أن النفط يعتبر المحرك الرئيسي لعمليات التنمية سواء للدول المنتجة أو الدول المستهلكة.
وخلال عام 2007 علي الرغم من أن دول منظمة أوبك لم تتخلي عن سياستها الإنتاجية الساعية إلي إحداث التوازن في السوق الدولية إلا أن الأسعار ظلت ترتفع يوماً بعد يوم ومن المعروف أن أسعار النفط لا تتحدد بالعرض والطلب فقط أنما هناك العديد من الأسباب أدت إلي ذلك، فالأوضاع السياسية والاقتصادية خلال عام 2007 شهدت العديد من المتغيرات والتأثيرات الشديدة التي أدت في نهاية الأمر إلي وصول الأسعار إلي ما آلت إلية، فعام 2007 يعتبر عام النفط والدولار، فقد شهدت أغلب الأسواق العالمية الكثير من التوترات السياسية والاقتصادية مما كان له الأثر الأكبر في تخطي سعر برميل النفط حاجز المائة دولار، وتدني أسعار الدولار أمام كافة العملات الآخري وبخاصة أمام اليورو فقد وصل سعر صرف الدولار أمام اليورو إلي 1.54 دولار، ذلك الارتفاع في أسعار النفط وانخفاض الدولار كان لهما الأثر الأكبر في استمرار الأسعار علي نفس منوالها الصعودي طوال العام، ويرجع ذلك الارتفاع في أسعار النفط إلي العديد من العوامل من أهمها:-
- العوامل السياسية: تأزم العلاقات الإيرانية - الغربية بشأن برنامج إيران النووي، تردي الوضع الأمني في نيجيريا، انسحاب كبرى شركات النفط العالمية من فنزويلا، والاجتياح التركي لشمال العراق.
- العوامل الاقتصادية التي أسهمت في ارتفاع أسعار النفط تخفيض أوبك للإنتاج في بداية عام 2007 في وقت استمر فيه الطلب العالمي على النفط في النمو، وانخفاض نمو إنتاج دول خارج أوبك، واستمرار انخفاض الدولار الأمريكي مقابل العملات الدولية الأخرى، وانخفاض صادرات بعض دول الخليج خلال أشهر الصيف بسبب زيادة الطلب على الكهرباء، الأمر الذي أدى إلى أمرين: زيادة الاستهلاك المحلي من النفط على حساب الصادرات، وتحويل كميات من الغاز الذي يستخدم في حقن حقول النفط إلى محطات الكهرباء، مما خفف من الضغط في بعض الآبار وخفض الإنتاج.
- أثر أزمة الائتمان العقاري في الولايات المتحدة، فقد أخطأ كثير من الخبراء والمحللين في فهم العلاقة بين الأزمة وأسواق النفط حيث توقعوا انخفاض الطلب العالمي على النفط، وبالتالي انخفاض أسعاره، مع أن العكس هو الصحيح، فقد قام البنك المركزي الأمريكي (الاحتياطي الفدرالي) بتخفيض أسعار الفائدة، الأمر الذي أدي إلى تنشيط الاقتصاد من جهة، وهروب المضاربين إلى أسواق النفط والمواد الأولية من جهة أخرى، وكلا الأمرين أدي إلي ارتفاع أسعار النفط.
- العوامل الطبيعية فقد كان لها أثر كبير في أسواق النفط العالمية وللسنة الرابعة على التوالي، فقد أسهمت الأعاصير في خليج المكسيك في تخفيض إنتاج الولايات المتحدة والمكسيك، كما أسهمت العواصف في إغلاق منصات الإنتاج في بحر الشمال، ومن ناحية أخرى أدت العواصف الثلجية في شمال أمريكا في نهاية العام إلى زيادة الطلب على النفط وتخفيض مستويات المخزون الأمريكي، الأمر الذي نتج عنه ارتفاع الأسعار في حدود أربعة دولارات للبرميل.
- العوامل الفنية فإنها تتمثل في أعطال المصافي وأنابيب النفط الناتجة عن عوامل فنية بحتة وفي أعمال الصيانة اللازمة في المنشآت النفطية، وقد أسهمت هذه العوامل في تخفيض إنتاج النفط في العديد من المناطق بما في ذلك ألاسكا وبحر الشمال وبعض دول الخليج، كما أسهمت في إغلاق العديد من المصافي أو أجزاء منها خاصة في الولايات المتحدة، أكبر سوق للنفط في العالم.
وعلي الرغم من ذلك الارتفاع في أسعار النفط إلى نحو 100 دولار للبرميل خلال عام 2007، إلا أن متوسط الأسعار لعام 2007 ارتفع في حدود 10 % فقط مقارنة بمتوسط أسعار عام 2006 (من نحو 65 دولارا إلى 72 دولارا للبرميل لخامي برنت وغرب تكساس).
أما متوسط سعر سلة أوبك فقد ارتفع بالنسبة نفسها تقريباً ليصل إلى نحو 67.80 دولار للبرميل في عام 2007، علما بأن أسعار النفط ارتفعت بمقدار 20% في عام 2006 و40% في عام 2005. إلا أن ما يميز أسعار النفط في عام 2007 هو الفارق الكبير بين أدنى مستوى للأسعار وأعلاها. ففي عام 2006 بلغ ارتفاع الأسعار من أدنى نقطة لها نحو 40%، بينما بلغ في عام 2007 أكثر من 90%.
وهنا يدور التساؤل إلي أي مدي يمكن أن تصل أسعار النفط خلال العام الحالي ؟
ويمكن الإجابة علي هذا السؤال عن طريق تتبع ما سوف تؤول إليه العوامل المسببة للارتفاع فبالنظر إليها نجد أن التوتر الإيراني الغربي لا يزال أمامه الكثير من الوقت لإيجاد حل له بالإضافة إلي استمرارية العوامل الطبيعية وخاصة الأعاصير التي تحدث في سواحل الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك ومدي تأثير تلك الأعاصير علي إنتاجية المصافي الأمريكية.
ولكن علي الرغم من ذلك إلي أن ارتفاع الأسعار دائماً ما يحفز الدول المنتجة وبخاصة الدول خارج منظمة أوبك علي زيادة الإنتاج مما يخلق نوعاً من زيادة المعروض العالمي من النفط مما يسبب في إحداث توازن جزئي في سوق النفط العالمية.

[/color][/size][/font][/b]