جحيم غزة لا يعالج بالثرثرة




يوسف الكويليت
هل كان ممكناً تجنب الحرب على غزة، لو امتد اتفاق التهدئة إلى هدنة طويلة وقبل طرفا القضية بطرح القضايا سلمياً بما فيها رفع الحصار وفتح حوار يؤدي إلى خطوات جادة لسلام طويل؟ أم أن إسرائيل كانت تعد لمشروع تلك الحرب لضرورات انتقامية وتأديبية لإيقاف إطلاق الصواريخ، والقضاء على البنية الأساسية لحماس؟
قبل أن تنتهي الحرب وإعلان النتائج والتي ربما لا تجعل إسرائيل نفذت خططها كاملة وحصلت على انتصار يقبله الرأي العام داخلها، فإن الطريق سيكون طويلاً ومعقداً حتى لو قبلت مع حماس الوساطة المصرية بكل بنودها، فهي مرحلة قد لا تلغي التأزم في أي لحظة يجد الفلسطينيون أنهم في حالة حرب تجويع وحصار، وموت بطيء، كما حدث لما قبل الحرب عندما أغلقت عليهم جميع المنافذ..

عربياً سوف تكشف الأزمة من كان يؤدي واجبه الفعلي ومن ظل يزايد على الدم الفلسطيني في وقت كان سكان غزة بحاجة إلى الدواء والحليب والفراش، وسيارات الإسعاف وغيرها، كبديل منطقي وموضوعي عن تسيير التظاهرات ورفع الأصوات "بالدم والروح نفديك يا فلسطين"، وفي الليل يرقد في فراشه هانئاً مطمئناً على أداء الواجب، بينما لو كل أسرة عربية ساهمت بمجهود عيني لربما كان أهم وأجدى من كل المزايدات ليس على الشعب العربي في فلسطين، وإنما على الأمة العربية بأسرها..

حدثت حروب في لبنان واجتياح إسرائيلي لبيروت، ونفذت أمريكا مشروع احتلالها للعراق، وعند احتلال الكويت صفق الكثيرون وانقسم العرب بين عدة تيارات، ولا زالوا خارج الاهتمام العالمي بكل محنهم وقضاياهم السياسية والعسكرية، حتى إن الانتقال من صراع الأحزاب والإذاعات إلى الفضائيات التي تحركها عواصم عربية، أو هيئات تنتمي لها، أو تأتي من دعم إقليمي وخارجي، وضعتنا أمام فوضى إعلامية وسياسية أثبتت أننا أمة شعارات وفراغ تام لأي عمل يضعنا أمام مسؤولياتنا كأمة بعضوية صادقة..

بحسب الإحصائيات العالمية أن أقل الشعوب ثرثرة دول جنوب شرق آسيا، وأنها الأكبر في الأداء والالتزام بالعمل، وأن العرب يصرفون كل أوقاتهم في التلاسن وطرح الشكوك وعدم الثقة بالنفس، وأنهم في السلم الأخير من حيث الالتزام بالإنتاجية والأداء في العمل، وفي السلم الأول من الصرف على البحوث وتنمية الإنسان ووضعه في لائحة الاهتمام، وإذا كانت هذه الصورة هي الحقيقة فهل الأمة بهذا التناثر والظواهر السلبية تعالج أزماتها بروح الالتزام الأخلاقي والواجب العيني، أم أن التاريخ يكرر نفسه علينا وحدنا وأننا في حالة حرب طوائف لا تحتاج لمن يحركها طالما توجد في بنية العقل والثقافة العربية؟

غزة ضحية لأمة عاجزة تتاجر بنفسها وتقلب الهزيمة لانتصار وأما تزييف الحقائق فمنظر أكثر من غزة سيجرى على هذه الأرض وتلك هي الحقيقة البائسة، لأمة بلا رؤية أو فعل..


الرياض

((( التعليق )))


تبخرت كما تبخرت تطلعاتنا في ذياك الإجتماع الذي نكأت فيه جراحنا في غزة غزة التي علقت على سواري الشعارات التي تموضع تحتها نافخي الأبواق وبالفعل انبرى أساطين الثرثرة وهم يرسمون لوحات سريالية هزلية حول جسد غزة الجريحة بل وينثرون الخطب البلاغية على أشلائها بمباركة الحاوي الإيراني واستخفافافات المهرج الشهير
ولازال للمسرحية بقية من الفصول الهزلية في فنون الثرثرة وسلق الكبار والخاسر الأكبر هو غزه