أنقطع التيار الكهربائي وعم الظلام أرجاء البيت
وساد الهدوء أجواء منزلنا
وبينما كنت أهم للخروج من باب غرفتي لأبحث عن شمعة أضوي بها الحجرة
كانوا قد سبقوني وسمعتهم يعبرون الممر للصعود لسطح المنزل
وكانت العادة عندنا أنه في حالة إنقطاع الكهرباء نصعد للأعلى لننام في الهواء الطلق
التصقت بالباب لأسترق السمع عليهم أكثر وأكثر
وياليتني مافعلت
يتهامسون بصوت خافت لكن الهدوء ساعدني في سماع بعضاً منه
صعدوا للأعلى وخلفوني لهموم لا تطيق حملها الجبال
أشعر بنيران الغيرة تكاد تحرقني
فتحت شباك غرفتي وألتصقت بها ولم يغمض لي جفن
فقد كنت أعد عليهم سكناتهم وحركاتهم وهمسهم وضحكهم
تسأله بخبث ويجيبها بطيبة
وما بين كل سؤال وأخر تقارن بيني وبينها
أسمعها ما كان يسمعني إياه ويوهمني بأنه لي وحدي
وأمتدحها وحقق مطلبها وقارن بيني وبينها
ولم تكن المقارنة في صالحي
تملكتني حالة من الغضب كنت سأقع ضحيتها حيث هممت مرتين أن أصعد لهم في الأعلى
وأخرب عليهم جوهم المصطنع
ولكنني تراجعت
ما خبتت النيران المعتمرة في صدري
حتى أقسمت ثلاثاً أن هذا فراق بيني وبين أبو محمد
ومن شدة الأمر على نفسي وخوفاً أن أتراجع لأي طارئ
قلبت حجرتي وفتشت في الأدراج على ضوء عود ثقاب
حتى حصلت على مصحفي
وفتحته ووضعت يدي وحلفت اليمين التي لا أزال تحتها
في ساعة غضب بادرت لهذا
ولن أحمل غيري وزر تصرفي
نمت بعدها بأسواء ما نامه بشر
لكنني شعرت ببعض الراحة
لازمت فراشي طوال المدة المتبقية ولم أغادر غرفتي
وعادتني هي وهو مراراً وتكرارا
ليطمئنون علي وحاولوا أن يحملوني لمشفى ما علموا أن مابي بسببهم لا بسبب علة فأتطبب منها
قالت هي لأبو محمد نم عندها الليلة فلا يجب تركها بمفردها
وشعرت بأنها تتفضل علي ولم أقبل بهذا فحلفت عليه
صعدت علي خالتي والتي صعود الدرج يكلف عليها وندمت لمنظرها وهي تتوكأ على أولادي
لتصل إلي لتطمئن على صحتي التي ما كان بها من شيء
أنه إعتلال القلب يا خالة لكن كيف لي أن أبوح به لك
وخصمي في هذا من تبيعين الدنيا من أجله
مضت الأيام مسرعة وقربت ليلة العدل في المبيت
وهاهو أبو محمد يطرق باب حجرتي
ليكون أول لقاء بيني وبينه بعد زواجه وبعد ما فعلته بدون علمه
يتبع حين متسع
مواقع النشر