بقدرماحقق من نجاحات وأرباح إلا أنه حقق أيضا الفشل مشفوعا بثلاث خسائر مالية فادحة ولكن بأسه
شديد وهو يقف بعد كل عثرة بكل قوة وعزم فتراه صامدا كــأن لم تضـرب رأسه صدمـة أو يوجع ظهـره حملا ثقيلا فترى وجهــه متهللا مستبشرا لم ترتسم على ملامحه علامات حزن أو فاقة أبدا ولكنه كان ينحني أمام هذه العواصف دون أن يسقط وإن تعثرت خطاه

فقد أكسبته الخسارة الأولى تجربة جيدة وصقلت قدراته على الصمود وتحمل النتائج وكأن قدره أن يتهياء بعد الخســارة الأولى
ليتلقى الخسارة الثانية التي كان حجمها أكبر من الأولى وعلى غرار تعثره في الأولى وبشيء مــن التوكــل على الله والصبر مع العزيمة أعاد بناء وضعه التجاري من الصفر أيضا وتوسعت أعماله التجارية وتعددت فروع المؤسسة إلى أربعة فروع إضافة لمركزه الرئيسي وازدهرت أعماله لأنه كان يشرف عليها بنفسه

وكثر مـن حوله المنافقون والنفعيون حتى أنه لم يعد يستطيع أن يفرق بين الصادقين والكاذبين من قراباته فقد غـرق في لجج مــن مظاهر الإحتفــاء والسؤال الدائـم عــن أحواله حتى فقد القدرةعلى تمييز الصالح من الطالح منهم فمن طالـب سلفة إلى طالب إعانة وتوالت أعطياتـــه لكـــل محتاج من قراباته حتى وصلت أعطياته غـــرف النوم والملابس وتعهــد الأطفال بالملابس واللوازم المدرسية وحتى السياره الجديده

وفجأة سكنت أمواج العطاء وانحسر المد عنه وعن تجارته حيث وجد نفسه وبدون سابق إنـذاروقد لحقت بــه الخسارة الثالثة وكانت هي الأشد والأعنف فقد كانت بحق خسائر مالية كبيرة جدا قياسا على مستوى تجارته ومركــزه المالـي والإجتماعي المتوسط أو الأقل قليلا ولم يكن لديه أملاك عقارية على الإطلاق مما اضطره لقفل أربعــــة فروع دفعة واحدة وفي مقدمتها مركزه الرئيسي في جده

مع الإبقاء على فرع شكلي ومتواضع جدا في خميس مشيط وبعد التصفية خرج مديونـا بمبالغ كبيرة
ووجد نفسه يقف وحيدا وقد انفض الجميع من حوله كما تنفض السباع عن فرائسها وتخيل لحظتها وهو يحدث نفسه لو أن ميتا
قد ووري الثرى وانفض المشيعون من حولــه فهم على الأقل يبكونـــه و يدعون له ولكنه ترك هاهنا غير مأسوفا عليه ولم يجد من يربت على كتفيه ولو مجاملة ولكن لاأحد لاأحد على الإطلاق



شخص واحد من دائنيه اقترح عليه أن يعلن ويشهر إفلاسه مع إثبات إعساره بموجب صـك شرعي قبل إقامة الدعوى
عليه بمبلغ مليوني ريال وبعدها يودع السجن لبضعة أشهر ثم يشمله العفو الملكي المعتاد في كل سنة قبل شهر رمضان المبارك ويخرج بالمليونين
وكـان مدينا لهذا الشخص بملغ مائة وستون ألف ريــال


ثبت نجم عينيه في عيني هذا الرجل بحدة وهو ينظر إليه طويلا ثم وجه حديثه إليه قائلا بلهجة هادئة جدا وبصوت
يكاد يهد جدران مكتب هذا الرجل من ثباته وقوة نبرته الجريحة بل إن أثر هذه النبرة وهذا الصوت
رغم هدوئه واتزانه هز كيان هذا الرجل حتى اضطر أن يغطي وجهه بشماغه وهو يقول بصوت تغلب عليه نبرات التأسف والخجل قائلا بلهجته الدارجة

(( واخزياه واخزياه واخزياه ))
واستطرد قائلا كافي كافي

فيما نجم يواصل حديثه لائما ومقرعا إياه فقد بداء حديثه مع هذا الرجل الصديق أيضا كرد فعل على اقتراحه حيث قال له وبا للهجة نفسها وبحزم اسمع يابو صالح قم الحين وانا وياك للشرطه وادخل السجن باللي لك في ذمتي ثم توقف لحظات وهو يجتر تنهيدة غاضبة تكاد من فرط سطوتها أن تفرق بين أضلعه حتى أنها تكاد أن تسوقه سوقا للبطش
بأبو صالح رحمه الله

ثم استطرد بحدة وهو يقول والله لو كان ميتين مليون ولمدة دقيقه وحده والله ما اقبلها على نفسي وكيف بعدها آقف
قدام المراية واترزز واعدل عقالي على راسي ثم اسمي نفسي رجال كيف اصير رجال في عيون مرتي كيــف اصيـر
رجال في عيون عيالي وربعي وجماعتي ثم استطرد بلهجة زاجرة آمرة قامعة وهو يقول بكبرياء انا راس مالي
في هالدنيا نصيبي من طاعة الله ونوماسي ومراجلي والله لو على رقبتي ياشيخ ما اسويها وانا وانا ابو.....

ثم اغرورقت عينيه بدموع أسف وأسى أن يُظن به هذا الظن ثم نهض وهو يكفكف دمعته بشماغه ويقول
اللهم إني أعوذبك من غلبة الدين وقهر الرجال

ثم خرج وهو يقول لأبو صالح الله لايشتكرلك رح اشتكني
لم يرد عليه أبو صالح ولم يودعه
ولكنه زاره بعد فترة في منزله معتذرا ومعه شقيقه الدكتور ومعترفا أنه أخطاء ولكن من شدة تعاطفه معه صدر منه
هذا الرأي والإقتراح

كان من ضمن الدائنين رجل أعمال قحطاني سمع بمالحق به فجاء إلى منزل نجم زائرا فرحب به نجم وقدم له القهوة وأثناء تقديمه القهوة لضيفه القحطاني حاول نجم أن يشرح له ظروفه ولكن القحطاني قاطعه قائلا
انا والله ماجيتك في بيتك طلاب دين وعسى الفلوس تفدى رجليك
بس انا ابيك تكرم وتلبي دعوتي للعشا دعوة خاصة لك انت وعيالك
وكان لهذا الموقف الرجولي النبيل أثره الشديد على نجم الذي تفاجاء بأدمعه تنحدر من عينيه حتى فقد السيطرة عليها ويد كريمة تمتد إلى كتفيه من رجل كريم ونبيل بحق

وفي منزل القحطاني وجد كل الحفاوة والترحيب على خروفين قدمهما القحطاني على الطريقة العربية مفاطيح كان قد حكى لزوجته كل مادار بينه وبين القحطاني فوالله إن في بعض الرجال كثير من الرجال وفي قليل ممن تحسب عليهم ومنهم الرجولة هم في الحقيقة مجرد صور وأشباه