أبها (واس) في أعماق جبال عسير وسهولها، تخطّ الطبيعة أعظم لوحاتها
الجيولوجية التضاريسية، وتقف "الأعمدة البازلتية" شامخة كشواهد زمنية تحكي فصولًا من التاريخ البركاني العريق للمنطقة، فهي ليست مجرد تكوينات صخرية جامدة، بل منحوتات طبيعية هندسية، تشكّلت عبر ملايين السنين؛ لتجسّد التقاء الجمال الطبيعي مع عمقها العلمي.
23 ذو القعدة 1446هـ 21 مايو 2025م
وتُعد تكوينات "الأعمدة البازلتية" في منطقة عسير من أبرز الظواهر التضاريسية النادرة على مستوى المملكة، والتي تجذب أنظار الزوّار والمهتمين بالعلوم الأرضية، حيث تتكون من صخور "البازلت" وهي صخور نارية بركانية نشأت بفعل تدفقات الحمم التي بردت ببطء على سطح الأرض، ما أدى إلى انكماشها وتشققها مكوّنة أعمدة هندسية ذات أضلاع غالبًا ما تكون سداسية أو خماسية أو رباعية، بدقة طبيعية مذهلة.
ويؤكد المشرف على مركز الدراسات الزلزالية بجامعة الملك سعود ورئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية لعلوم الأرض د.
عبد الله محمد العمري، في حديثه لوكالة الأنباء السعودية (واس): أن منطقة عسير غنيّة بتلك التكوينات، وتنتشر في عدة مواقع مثل: محافظة محايل عسير، ووادي يعوض بمحافظة الحرجة (جبل مشرف)، و(قرن مُجعل) شرق مركز تندحة، ووادي العسران، والمنطقة الساحلية بين القحمة والبرك، والتي تقع ضمن سلسلة الجبل الأسود.
وأشار العمري إلى أن هذه التكوينات التضاريسية كانت معروفة منذ القدم، إذ وصفها الهمداني في كتابه "صفة جزيرة العرب" بأنها جزء من سلسلة "
سراة جَنْب"، الممتدة من شمال ظهران الجنوب إلى شمال سراة عبيدة، التي تعرف اليوم باسم حرة السراة, وتغطي هذه الحرة مساحة تبلغ نحو 700 كم²، وتضم جبالًا شاهقة مثل جبل فِرْواع بارتفاع 3004 أمتار عن سطح البحر، وجبل ظلم بارتفاع 2575 مترًا عن سطح البحر.
وبين أن "
الأعمدة البازلتية" تشكلت نتيجة تبريد الحمم البركانية وانكماشها الطبيعي مما أدى إلى تكوين أشكال هندسية متنوعة تشمل الأضلاع السداسية والخماسية والسباعية، وتختلف ألوان الأعمدة تبعًا للمكونات المعدنية والكيميائية، حيث يغلب عليها اللون الأسود، وقد تميل إلى الرمادي أو البني المحمر نتيجة وجود معادن مثل الأوليفين والبيروكسين، مبيناً أن تلك التكوينات لا تقتصر على عسير فحسب، بل توجد أيضًا في مواقع عالمية مثل: بوابة العمالقة في أيرلندا، ومنتزه يلوستون الوطني في الولايات المتحدة، وتركيا وآيسلندا.
من جانبه أوضح المتحدث الرسمي لهيئة المساحة السعودية طارق أبا الخيل أن "
الأعمدة البازلتية" تكونت نتيجة لانكماش حراري يحدث عندما تبرد الحمم البركانية وتتصلب، ما يؤدي إلى تكوين شقوق عمودية بزوايا قائمة على سطح التبريد، وغالبًا ما تظهر هذه التكوينات بشكل عمودي، لكنّها قد تنحني أو تميل بحسب ظروف التبريد.
وأشار أبا الخيل إلى أن تلك الأعمدة تشبه في تكوينها تشقق الطين عند الجفاف، لكنها تحدث في الصخور النارية، خاصة في البازلت، وقد تظهر أيضًا في صخور انديزيت، تراكيت، و ريوليت، مبينًا أن تلك التكوينات تعود إلى أعمار تضاريسية تتراوح إلى 30 مليون سنة، وقد وُجدت في الحرات البركانية الغربية مثل حرة البرك، وتُعد هذه الظاهرة ذات أهمية علمية كبيرة، إذ تتيح للباحثين دراسة النشاط البركاني القديم في شبه الجزيرة العربية.
وأكد المتحدث الرسمي لهيئة المساحة أن "الأعمدة البازلتية" تُعد معلمًا تضاريسِياً فريدًا، يجذب محبي الطبيعة والمهتمين بالعلوم التضاريسية، وتشكل عنصرًا واعدًا في السياحة البيئية، داعيًا إلى إدراجها ضمن مسارات السياحة التضاريسية في منطقة عسير.
بدوره أكد الباحث والمهتم بالسياحة التضاريسية في منطقة عسير د. عبد الله بن علي آل موسى، على الأهمية التضاريسية والسياحية لتلك الظواهر، مبينًا أن تشكّل "الأعمدة البازلتية" يعد جزءًا مهمًا من التراث التضاريسِي لأي منطقة، ويقدّم دليلًا واضحًا على النشاط البركاني الذي شهدته الأرض في العصور السحيقة، مضيفاً أن تواجد تلك التكوينات في منطقة عسير يعكس البنية التضاريسية النشطة للمنطقة، ويعزز من تحويل تلك المواقع إلى معالم سياحية طبيعية، إضافة إلى بعدها العلمي، خاصة الأعمدة التي تحتوي على نقوش قديمة -كما في قمة قرن القاعة- التي تجسد أبعادًا تاريخية، ربما تشير إلى وجود حضارات أو تجمعات بشرية كانت ترتاد تلك المواقع, وتعد مجالًا خصبًا للباحثين والمهتمين بالطبيعة والتراث التضاريسِي.
تعقيب: تكوينات تعامد صواهر بركانية، والعجيب ابضاً ان كل عمود على قمته نقش ثمودي ربما بالخط المسند.

ملاحظة: اللاتينية من اضعف اللغات، والاستشهاد بها (تقزيم) بحق اللغة العربية،، مخالفة للولاء،،،

جولوجيا،، يالعربية (تضاريس) ظاهر الأرض، اما بواطنها من رواسب إلى اخاديد تُبَطِنُها الصفائح تفصلها الأرفف.
مواقع النشر