أبها (واس) نظمت هيئة الأدب والنشر والترجمة أمس ملتقى "الأدباء" في السودة بمنطقة عسير، بالشراكة مع شركة السودة للتطوير. واستهل الرئيس التنفيذي للهيئة د. محمد حسن علوان أعمال الملتقى بالترحيب بضيوف الملتقى من شعراء وأدباء ومؤلفين ومثقفين، وقدم لهم موجزاً عن استراتيجية الهيئة الهادفة لتعزيز جودة المحتوى الأدبي السعودي، ودعم تنوعه، وتعظيم مكانته في حياة الفرد بجميع الأعمار، وسط بيئة محفزة على الإبداع ومنفتحة على التبادل الثقافي والمعرفي مع العالم.



وتطرق د. علوان للوضع الراهن لقطاعات الأدب والنشر والترجمة في المملكة مستعرضاً نقاط القوة والفرص، إضافة لنقاط الضعف والتحديات في القطاعات الثلاثة، مشيراً إلى أن المرتكزات الاستراتيجية للهيئة ستعمل على إثراء المحتوى والوصول للمتلقي محلياً وعالمياً، وتطوير منظومة تنافسية مستدامة، ونشر ثقافة القراءة كممارسة أساسية في اكتساب المعرفة، وتعزيز التواصل الفعال مع أصحاب العلاقة.

كما عرج الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة على برامج قطاعات الهيئة، إضافة لإعلانه عن الفعاليات الكبرى التي ستطلق في الفترات المقبلة ومنها: "ملتقى الترجمة"، و"مؤتمر الفلسفة الدولي"، و"مهرجان الأدب"، و"مؤتمر الناشرين الدوليين"، ليختتم حديثه باستعراض ما ستقدمه الهيئة لكل من: الأديب والناشر والمترجم والمتلقي والمستثمر والقطاع غير الربحي.

عقب ذلك تحدث الرئيس التنفيذي لشركة السودة للتطوير د. حسام الدين مدني عن الجوانب السياحية والثقافية والعمرانية التي يتم تنفيذها في السودة، بمتابعة دقيقة من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظه الله-.



ثم انطلقت بعد ذلك جلسات الملتقى وافتتحها وكيل وزارة الثقافة للاستراتيجيات والسياسات الثقافية البراء العوهلي، الذي تحدث عن التشريعات ودورها في تمكين الحراك الثقافي والمهام التي تقوم بها الوزارة لقيادة وابتكار وتطوير اللوائح التنظيمية، ومراجعة وإصدار الأنظمة واللوائح وتفعيلها في القطاع، لأجل خلق بيئة ثقافية غنية تساعد على الإبداع والابتكار.

وقال العوهلي: "إن التشريعات ورسم السياسات الثقافية لمسارات القطاعات يمكّناننا من أن نسير وفق خارطة الطريق الأمثل لتحقيق طموحات ومستهدفات الاستراتيجية الوطنية للثقافة، كما يؤدي دوراً حيويا في مأسسة العمل الثقافي ككل، وتحويله من نشاطات مرتجلة للأفراد ومجموعات مهتمة إلى أطر تنظيمية تحقق الاستدامة الثقافية".

وتطرق العوهلي للتجربة الفريدة التي بدأت الوزارة العمل عليها تحت مسمى "مختبر السياسات الثقافية" التي تمثل طريقة تفاعلية مع المجتمع والعاملين في الحقل الثقافي بهدف صياغة سياسات مبتكرة تتطوّر بشكل مستمر بما يتناسب مع التطور الحاصل في القطاع الثقافي، فيما تتمثل مخرجات المختبر في العمل على مسارين رئيسيين هما: "سياسات التدخلات الطارئة التي تعتمد على حل مشكلات حالية قائمة تحقق مستهدفات سريعة بواسطة إشراك أصحاب المصلحة الداخليين والخارجيين واستكمال الجهود السابقة، فيما المسار الثاني يعمل على "تصميم السياسات الثقافية المبتكرة" وذلك من خلال تحديد الفرص والتحديات المستقبلية لتحقيق مستهدفات استراتيجية بواسطة إشراك وتفعيل دور المجتمع والخبراء في مجال صناعة السياسات الثقافية".



واختتم وكيل الوزارة للاستراتيجيات والسياسات الثقافية مشاركته بتأكيده على تطلع المختبر للعمل مع هيئة الأدب والنشر والترجمة لتعزيز المحتوى الأدبي السعودي، وتوفير بيئة محفزة على الإبداع، وتنمية المواهب، وتمكين الأديب السعودي في نتاجه الأدبي ونشره وتوزيعه، إضافة إلى المساهمة في وضع الأطر التشريعية والتنظيمية الممكنة لصناعة النشر، بما يسهم في نشر المحتوى السعودي محليا وعالمياً، وتحسين بيئة الأعمال في القطاع، ورفع مستوى التنافس بين دور النشر السعودية، وتنظيم قطاع الترجمة وتطويره بما يسهم في خدمة المحتوى الأدبي والمعرفي، وإيصال الأعمال السعودية إلى مختلف دول العالم.

بعد ذلك تناول ضيفا الجلسة الثانية أستاذة فلسفة النقد والأدب العربي في جامعة الملك عبد العزيز د. رانيا العرضاوي، وأستاذ النقد والنظرية بجامعة الملك سعود د. معجب العدواني دور النقد الأدبي في إثراء الحركة الأدبية، فيما أدار الجلسة ملاك الجبلي. وتناول الضيفان العلاقة بين المبدع والناقد الأدبي والتي تتسم دائماً بالتضاد والمواجهة، في الوقت الذي يفترض فيه أن يكون هناك تصالح بينهما لحاجة كل واحد منهما للآخر.



وتطرقت د. العرضاوي للتمييع الحاصل للنقد من خلال ما يعرف في التواصل الاجتماعي بـ"الترند" الذي قد يساهم في رفع من لا يستحقون وذلك وفق طرق أبعد ما تكون عن المنهجية في النقد والتقييم. بينما ذكر د. العدواني أن بعض النقاد يبالغون في تناول تجربة ما، وإهمال تجارب أخرى قد تكون تستحق المزيد من الالتفات، مشدداً على ضرورة الإلمام والمعرفة بوجهات النظر المتعددة سواء عند الناقد أو المبدع.

واستعرض سامي البطاط -مقدم برنامج "ظل كتاب"- في الجلسة الثالثة التي حملت عنوان "مبادرات أدبية" تجربته في تقديم العديد من الكتب عبر قناته الخاصة على موقع اليوتيوب، وحجم التجاوب الذي وجده محلياً وعربياً، والذي لم يكن يتوقعه خصوصاً وهو يقدم محتوى قد لا يكون جذاباً للجيل الحالي والذي يتركز في بعض الأحيان في كتب ومجلدات طبعات منذ مئات السنين.



فيما شاركه في الجلسة مؤسس صالون ضاد الثقافي وليد العميل، الذي تناول بدايات تأسيس الصالون الذي حظي بقراءة العديد من التجارب الأدبية بحضور كبار الأدباء في المملكة، مبدياً طموحه بأن تتوسع تجربة الصالون ليصل لجميع مناطق المملكة.

واختتم اليوم بالجلسة الأخيرة التي حملت عنوان "تطلعات الأدباء بين جيلين" وشارك فيها الأديب والناقد د. سعيد السريحي، والروائية آمنة بوخمسين، والكاتب ومقدم بودكاست المقهى رائد العيد، فيما أدار الجلسة معاذ المسلم. ورفض د. السريحي في هذه الجلسة فكرة الاحتفاء بالأديب وتسهيل الأمور له، مؤكداً بأن الأديب الذي يبحث عن التكريم زائف، وقال إن كل ما يبحث عنه الأديب هو أن يكتب بدون قيود: "فهو من ورّط نفسه بالكتابة ولا يريد أي تسهيلات، فيما الاحتفاء الحقيقي الذي يريده هو أن يجد إبداعه وسط أيدي الناس والمتلقين، الذي سيقيمون تجربته بالإشادة أو الهجر".



فيما استنكرت بوخمسين مصطلح "الفجوة" بين الأجيال الأدبية، مشيرة إلى أن مصطلح "الخط الزمني" أصح وأدق تعبيراً نظراً لما يحمله من انطباع عن كافة تفاصيل الأجيال بما فيها من فنون وآداب، قد يكون فيها الغث أو السمين بغض النظر عن الفترة التي قدم فيها. أما رائد العيد فتطرق في مشاركته لمتغيرات المشهد الثقافي وتطلعات الجيل الصاعد، مشيراً إلى أن "صراع الأجيال" هو وهم ينشره بعض من يعاني الضعف والخوف من ضياع مكانته.

هذا وتستمر فعاليات "ملتقى الأدباء" بجلسات إضافية ستقام يوم السبت (28 أغسطس 2021م)، تنشد هيئة الأدب والنشر والترجمة من خلالها بحث الواقع الراهن للمشهد الأدبي السعودي، عبر منصة يلتقي فيها المثقفون والأدباء من مختلف مناطق المملكة.


هيئة الأدب والنشر والترجمة تنظم "ملتقى الأدباء" في السودة
الرياض (واس) تنظم هيئة الأدب والنشر والترجمة ملتقى أدبياً في السودة بمنطقة عسير يومي الجمعة والسبت 27 و28 أغسطس الجاري بمشاركة أدباء ونقاد سعوديين، وذلك لتبادل الآراء والخبرات حول مستقبل القطاع الأدبي في المملكة، وتطلعاته، وفي ضوء الشراكة الحيوية التي تجمع الهيئة بالأدباء والمعنيين بنمو الحراك الأدبي السعودي.



وتتضمن أجندة "ملتقى الأدباء" في يومه الأول جملة من الندوات والجلسات الحوارية، يفتتحها سعادة الرئيس التنفيذي الدكتور محمد حسن علوان بعرض تعريفي لإستراتيجية هيئة الأدب والنشر والترجمة، تليها ندوة بعنوان "التنظيمات والتشريعات وأثرهما على الحركة الأدبية"، ثم ندوة بعنوان "دور النقد الأدبي في إثراء الحركة الأدبية" سيتحدث فيها الناقد د. معجب العدواني والناقدة د. رانيا العرضاوي، إلى جانب جلسة حوارية بعنوان "مبادرات أدبية" يتحدث فيها سامي البطاطي ووليد العميل، وجلسة "تطلعات الأدباء بين جيلين" سيتحدث فيها كل من د. سعيد السريحي والكاتب رائد العيد والروائية آمنة بوخمسين، وجلسة "رحلتي مع كتابي الأول" وتجمع المؤلفين مريم الحسن و الحسين معافا وولاء تكروني ومحمد العرادي للحديث عن تجاربهم في التأليف.

ويشهد الملتقى في يومه الثاني جلسة عن مستقبل الأدب السعودي بين الفرد والمؤسسة يتحدث فيها الناقد محمد العباس، إضافة إلى جلسة عن توجهات فرص الاستثمار في المجال الأدبي يقدمها الناشر خالد العتيق، فيما تدور الجلسة الثالثة حول "مستقبل أدب لأطفال واليافعين في المملكة" ويشارك فيها كل من الكاتبة والناشرة في أدب الطفل د. أروى خميس والمتخصص في أدب الطفل فرج الظفيري.

ويعد "ملتقى الأدباء" مناسبة سنوية تنظمها هيئة الأدب والنشر والترجمة من أجل مواكبة تطورات المشهد الأدبي السعودي ومتابعة مستجداته، وبالشراكة مع الأدباء والنقاد السعوديين في مختلف التخصصات الأدبية.

ومن المقرر أن تتناول كل دورة من دورات الملتقى موضوعات محددة، بحيث يصبح الملتقى بمثابة المنصة التي تتفاعل مع الحراك الأدبي، وتجمع بين الأدباء والنقاد، وترفع من وتيرة الحوار الإبداعي المفتوح بين صانعي الأدب السعوديين بمختلف اتجاهاتهم.