حمدى الديب (العالم اليوم) : سبقت دول العالم المتقدم مصر في البحث عن بديل لنقص الطاقة وتنوع مصادرها، وفي ظل استمرار أزمات الطاقة والكهرباء حاليا في مصر من الضروري البحث عن بدائل طبيعية لإنتاج طاقة في المستقبل.



ويتمثل أحدها في أشجار «الجاتروفا» والتي يتم زراعتها في المناطق الصحراوية، وتُروي بمياه الصرف الصحي المعالج، يبلغ متوسط عمرها 50 عاما وهي أشجار لا تحتاج إلى تسميد أو استصلاح أو مياه كثيرة لانها لا تحتاج لأكثر من 250 مليميترا من المياه كاستهلاك سنوي.

ومع بساطة زراعتها إلا أن عائداتها كبيرة اقتصاديا واجتماعيا وتنمويا بداية، يرى محمد رمضان، الباحث بالمركز القومي للبحوث بقسم التقنية الحيوية النباتية أن «الجاتروفا» هي بمثابة الذهب الأخضر، مضيفا أن نبات الجاتروفا من عائلة الإيوفوربية، وهي عبارة عن مجموعة من الشجيرات متعددة الأغراض، لها قدرة كبيرة على مقاومة الجفاف والملوحة.

ونباتات الجاتروفا تتم زراعتها في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية حيث تستخدم لاستصلاح الأراضي ولإنتاج الغذاء والصابون والمبيدات الحشرية والأدوية المضادة للسرطان.

كذلك أصبح نبات الجاتروفا في كثير من دول العالم المتقدمة من المصادر الواعدة كبديل للطاقة التقليدية، حيث تحتوي البذرة على نسبة من الزيت تصل إلى 35-55 %، والزيت له قدرة عالية على الاحتراق، ويمكن استخدامه مباشرة في بعض أنواع المحركات كوقود حيوي أو مضاف إلى زيوت الديزل بنسب محددة. وتكمن أهمية هذا النبات في احتوائه على الزيت الذي يستخرج من بذوره والغير صالح للاستعمال البشري.

وأوضح رمضان أنه يمكن زراعة نبات الجاتروفا بمياه الصرف الزراعي على الرغم من ارتفاع نسبة الملوحة في تلك المياه أو مياه الصرف الصحي بعد معالجتها جيدا للتأكد من سلامة استخدامها بطريقة آمنة مزايا بلا حساب.

من جانبه، أكد محمد حمدي أستاذ الاقتصاد الزراعي أن دراسات المركز القومي للبحوث أثبتت ان الصحراء الشرقية وصحراء مصر بشكل عام من أكثر الصحاري التي تصلح لزراعة «الجاتروفا»، ولكن كيفية الاستفادة هي مربط الفرس.

فشجرة الجاتروفا تعطي بعد عامين من زراعتها ما يصل إلى 5 كيلوجرامات من الكبسولات، تزداد تلك الكمية حتي تصل إلى 20 كيلو جراما تقريبا لحظة النضج حيث يتم التعامل مع تلك الكبسولات عن طريق إقامة مصانع لمعالجتها واستخلاص الزيوت منها «البيوديزل» حيث بلغت نسبة الزيت في البذور 35-55 % وفق موسم النضج، وتصل نسبة الدهون المشبعة إلى 20% وغير المشبعة 79% ولا يستخدم الزيت في الاستخدام الآدمي، لكنه يستعمل في إنتاج الزيت الحيوي كوقود «البيوديزل» وهو الايثانول أحد مشتقات البترول الذي لديه القدرة على تشغيل محركات الطائرات والصواريخ وليس المركبات فحسب.



ومن الجانب الاقتصادي يقول حمدي إن متوسط العائد من بيع الفدان الواحد «للجاتروفا» يقدر بنحو 7 آلاف دولار مع العلم أن الفدان يباع مرتين في الموسم الواحد، يضاف إلى ذلك الأيادي المصرية التي ستعمل على المشروع التي يقدر بما يقرب من مليون من أيدي الشباب والخبراء، فضلا عن حسن استغلال الأراضي الصحراوية وترشيد التصرف بمياه الصرف الصحي الذي يعاني منه كل مواطن تجربة ناجحة بالأقصر.

ويقول د أحمد عبد العاطي الخبير في مجال حماية البيئة إن الجمعيات العاملة في مجال حماية البيئة قامت بإعداد مشاتل لأشجار الجاتروفا في محافظات شمال وجنوب سيناء والسويس والدقلهية، لافتا إلى أنه من المستهدف تعميمها في جميع المحافظات، وعن أهم المناطق التي فعلت زراعة «الجاتروفا» بمصر ونجحت كانت محافظة الأقصر حيث أكد عبد العاطي أن زراعة الجاتروفا نجحت في صعيد مصر، خاصة بالأقصر، بالغابات التي تروي على مياه الصرف الصحي وذلك ضمن المشروع القومي للاستخدام الآمن لمياه الصرف الصحي المعالج في زراعة الغابات الشجرية.

ولفت عبد العاطي إلى إن الزراعات بالأقصر تفوقت على نظيرها في العديد من الدول وذلك بارتفاع معدلات النمو الخضري والاثمار بعد 18 شهرا من زراعة الشتلات، بينما وصل ذلك في العديد من الدول الأخرى إلى ثلاث سنوات، وأوضح أن محصول الشجرة الواحدة قد بلغ بعد سنتين من الزراعة 3-4 كيلوجرامات.

ومن المتوقع زيادة المحصول بزيادة عمر الأشجار والذي يصل إلى 12- 18 كجم /شجرة وأضاف عبد العاطي تم إنتاج الزيت الحيويBiodiesel من بذور الجاتروفا المنزرعة بالأقصر، وتم تكريره بأحد المعامل الإنجليزية.

وثبت من النتائج أن مستوى إنتاج هذا الزيت الحيوي أعلي من نظيره في البلاد الأخرى تجدر الإشارة إلى أن الزيت الحيويBiodiesel قد أصبح من الأهمية بمكان في دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وتشترط الدول الأوروبية أن يخلط بنسبة 5 - 8 % مع زيت الديزل في الاستخدام الصناعي والسيارات كأحد الشروط البيئية في تلك الدول مما أعطي أهمية كبيرة للتوسع في زراعة النباتات المنتجة لهذه النوعية من الزيوت ذات العائد الاقتصادي والتصديري المرتفع