الرياض - فايزة إبراهيم (واس) : لشهر رمضان الكريم عبقه الخاص في المجتمعات والمناطق المختلفة، ويبقى له من الذكريات الشيء الكثير في أذهان من عاصروه قديما وحديثا مع ما يجده المسلم من مشاعر روحانية وإيمانية تتلازم مع هذه الشهر الكريم.



ورصدت "واس" لعدد من الجدات والأمهات والفتيات خاصة ممن يعملن في شهر رمضان ويمثلن جانبًا من جوانب الأسر المنتجة الحديث عن عدد من العادات والتقاليد في رمضان.

وأعادت الجدة فاطمة يسلم الأذهان إلى الذكريات الرمضانية قبل أكثر من سبعة عقود في مدينة الطائف فقالت: "إن مدفع الإفطار والمسحراتي والعديد من مظاهر رمضان في مدينتها الطائف لازالت في ذاكرتها وبصورة مفصلة وبعد مرور أكثر من 75 عامًا حيث الاستعدادات قبيل حلول الشهر والتجهيزات والمشتريات على نطاق المنزل والشوارع وخاصة الحارات ومع الإعلان عن قدوم رمضان تمتلئ الشوارع ويخرج الجميع لصلاة التراويح بفرح ولايهدأ المارة إلا بعد صلاة الفجر".

وأشارت إلى أنه في السابق وعلى الرغم من حرارة الشمس كانوا يستيقظون مبكرا لإعداد الطعام الطازج حيث لم تكن هناك أدوات تبريد وحفظ، مما يجعلهم يقومون بإرسال الطعام إلى منازل الجيران والمحتاجين في نفس اليوم ولاتجد طعامًا ملقى في الشارع.



وأضافت: "كان الجميع يشتري على قدر حاجته ويعطي جاره ونتشارك الإفطار يوميًا مع الأقارب والجيران، أبوابنا مفتوحة للجميع وطوال الوقت ويعرف بعضنا بعض كعائلة واحدة، وقبيل الإفطار والسحور نتبادل المأكولات والطهي فبعضنا لايمتلك وسائل الطبخ أحيانًا، وتمتد السفرة للمارة بمشاركة الجميع".

وحول أوقات البيع قديما فقد أوضحت الجدة فاطمة أنهم كانوا يخرجون للبيع في الظهيرة ويبللون ملابسهم بالماء ويرشون الشارع كذلك بالماء للتبريد لقلة توفر أدوات التبريد في ذلك الزمان وكانوا يستخدمون المراوح اليدوية "المهفات" المصنوعة من الخوص، وقالت: "كنا نبيع ونتبادل الأحاديث ونعين بعضنا، ونعرف جيدا ما يريده الآخرون ونوفره، وكنا صادقين مع غيرنا بعيوب ومحاسن مانبيعه، دعايتنا كانت بسيطة وعنواننا الأمانة، كنا ندين المحتاج ولا نطالبه أن يوفي بدينه، كان مجتمعي بسيطًا ومتماسكًا.

وعن السلع التي كانت تقوم ببيعها فبينت أنها باعت أدوات الزينة والعطور مع أخيها الذي يبيع الملابس ويقوم بالتجول داخل الأحياء وينادي بصوت عالٍ ( فرقنا ) وهي كلمة كان ينادي بها بين البيوت لتفتح الأبواب ويدعوننا للدخول بكل ترحيب وعرض البضاعة المتوفرة معهم للبيع.



وأشارت إلى أنها بعد أن تزوجت استمر عملها في بيع الملابس وأدوات الزينة التي كان يجلبها التجار من خارج المملكة، والتي يقبل عليها الكثير في رمضان وفي موسم الزواجات والأعياد.

وختمت حديثها بقولها: "الحقيقة أن طعم المأكولات القديمة مختلف، حيث يباع الآن بأضعاف سعره الأول، ولا زلت أعد أطباقي التي تميزت بها منذ طفولتي ولازال الطلب جاريا رغم رغبة أبنائي في تقاعدي من هذا العمل، الآن أطبخ وأبيع براحة ورضا، قديما كنا نبيع للحاجة ومساعدة أسرنا).

من جهتها قالت الفتاة مشاعل سالم الحاملة للشهادة الجامعية: "لقد اكتسبت طواعية مهنة إعداد وتسويق الحَلْوَيَات من والدتي التي اشتهرت بإعدادها وبيعها منذ أكثر من 50 عامًا حيث توفر الأدوات البسيطة جدا والطعم المميز، ومنذ طفولتي ومع مراحل دراستي وتخرجي عملت على مساعدتها وأخذ الخبرة".



وأكدت أن شهر رمضان والأعياد ونهاية الأسبوع من الفترات المميزة التي تختلف فيها المنتجات من حيث النوعية، وعلى رغم مرور الزمن وعملي الآن بالبيع عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأنواعها وعرضي الحَلْوَيَات القديمة والحديثة إلا أن هناك أصنافًا قديمة يكون طلبها في رمضان بشكل أكبر على الرغم من وجود البارعين في صناعة المأكولات والحَلْوَيَات.

ولفتت النظر إلى أن الأجواء الرمضانية ومع اقتراب الأعياد تشكل رافدًا ماديًا عاليًا مع ما تجده الأسر المنتجة من تشجيع ودعم من قبل الدولة - رعاها الله - والمجتمع والمحيطين، وقالت: "إن موسم رمضان الآن مع التطور في الحياة وتوفر أدوات التبريد والحفظ إضافة الى استخدام الأدوات والمواد الأكثر أمانًا ووجود الرقابة وإمكانية معرفة مصادر المأكولات والتواصل مع الباعة جعلنا نتصل بأشخاص وفي مواقع جغرافية مختلفة".



من جانبها قالت سارا حمود التي تعمل في مهنة "الخياطة" إن الخياطة قديما كانت مهنة أساسية للرجال والسيدات وكان الجميع يجلب الأقمشة من بداية شهر رمضان استعدادًا لرمضان والعيد، وبسبب كثرة الزبائن جعل العديدات من بناتي وأخواتي والجارات نساعد بعضنا بعضًا حيث عملت والدتي وخالاتي من القديم بهذه المهنة.

وأشارت إلى أنه في بداية الشهر الكريم يتم استقبال الأقمشة لخياطتها وبيعها، والبحث عن التصميمات والطرازات جديدة ويكون بعدها تزيين الشعر وبيع الإكسسورات، مبينة أن شهر رمضان هو شهر الخير ويكون فيه التعويض عن قلة المبيعات في العام كله على الرغم من وجود مواسم المدارس ومناسبات الزواجات.

وبينت أنها وأخواتها وبناتها الكبيرات لا يزلن يسترجعن ذكريات تلك المدة وانتعاش العمل الذي لم يعطلهن عن أداء العبادة والواجبات المنزلية والعائلية.

مشيرة إلى أن عملها خلال الفترة الماضية جعل بعض بناتها وقريباتها يعملن على بيع الملابس التراثية والجلالبيب الرمضانية التي تقوم هي بخياطتها وتجد طلبا كبيرا.

إعداد : فايزة إبراهيم - تصوير: نورة فوزي

تم تصويب (66) خطأ في فواصل منها (مختلف ،حيث) والصواب (مختلف، حيث)