القطيف - جلال القديحي (واس) : يُحيي أهالي قرية سنابس في محافظة القطيف في كل عام من شهر رمضان الكريم تقليد "المسحراتي" الذي عرفت فيه المحافظة وقرها على إحيائه منذ عقود من الزمن.



وتشكل إطلالة المسحراتي في بداية شهر رمضان وهو يجوب الأحياء والقرى في محافظة القطيف، بإرجاع الذاكرة لعبق الزمن الماضي الجميل، وفرحة للأطفال الذين يحتفون به ويشاركونه الأدعية الرمضانية والأهازيج الشعبية والتراثية، من خلال قرع المسحراتي الطبل لإيقاظ الناس لموعد تناول طعام السحور.

وأوضح المسحراتي عيسى بن علي الصايغ، أنه ورث هذه المهنة عن عائلته في قرية السنابس بجزيرة تاروت، مبيناً أنّ أجداده عملوا في هذه المهنة لأكثر من ثلاثة عقود، مؤكدًا أهمية المحافظة عليها والاهتمام بها لتعريف الأجيال الجديدة على هذه المهنة بوصفها واحدة من المهن التي زاولها الآباء والأجداد، وارتبطت بتاريخهم القديم وأثرهم الحضاري، حيث أصبحت موروثًا شعبيًّا تتوارثه الأجيال.

وأضاف أنّ المسحراتي اعتاد على ترديد الأدعية والتهليل والتسبيح والأهازيج أثناء جولته بين الأزقة والأحياء بعد منتصف الليل حتى موعد السحور، لافتاً الانتباه إلى أنّ الأهازيج تختلف مع بداية الشهر الفضيل التي ترتبط بالترحيب بمقدم شهر رمضان الكريم، عن آخره والتي تتسهم فيه الأهازيج بتوديع الشهر الفضيل.



وبيّن المؤرخون أن نشأة المسحراتي ترجع منذ عصر الخلفاء الراشدين - رضي الله عنهم -، وقد نقلها الصحابة بعد ذلك إلى أصقاع الأرض التي هاجروا إليها، حيث بدأت مهنة المسحراتي بطرق الأبواب بالعصي بعد منتصف الليل، ثم أدُخل عليها الطبل في العصر الأموي ليزيد من وضوح الصوت، في حين أدخل العثمانيون المدفع كأداة تنبيه عالية الصوت للفطور والسحور.

وأضاف المؤرخون أنه جرت العادة في المنطقة الشرقية استخدام الطبول وترديد المسحر الأهازيج الدينية والتهليل بمشاركة الأطفال، والمرور بين الأزقة والأحياء بعد منتصف الليل، مبينين أنّ المسحّر يقوم بهذا الدور راجيًّا الأجر والثواب من الله العلي القدير لإيقاظ الناس للسحور، في حين أن بعض الأهالي في محافظة القطيف يهدون المسحراتي كسوة العيد عند اقتراب موعد عيد الفطر.

إعداد : جلال القديحي - تصوير : كفاح الخليفة

تم تصويب (4) أخطاء فواصل (,,,) والصواب (،،،)