المدينة المنورة - حسين بن عبد العزيز حافظ (واس) : تجسد سفر أهالي المدينة المنورة الرمضانية التي تنتشر داخل المسجد النبوي وفي ساحاته الواسعة والسطح مظاهر التآخي والتعاون قبيل صلاة المغرب الذي يعكس ثقافة وكرم أهالي طيبة الطيبة وعاداتهم الحسنة التي مازالوا يتوارثونها عبر الأجيال من خلال التعريف بأصناف الطعام والشراب المقدم خلال السفرة الرمضانية في طلب الصائمين من معتمرين وزوار ومقيمين لتشريفهم بالإفطار معهم وسط أجواء روحانية مفعمة بالإيمان طالبين الثواب والأجر من الله جلا جلاله.



ويستمتع المصلي والصائم بتناول إفطاره في رحاب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يشهد هذه الأيام توافد أعداد كبيرة من المعتمرين والزوار من داخل وخارج المملكة للصلاة والعبادة في كنفه والتشرف بالسلام على المصطفى عليه الصلاة والسلام وعلى صاحبيه رضوان الله عليهما بتناول الإفطار بعد يومٍ من الصيام منتشرين بين أروقته وساحاته في مشهد لإفطار جماعي يجسد معنى التلاحم والترابط بين المسلمين يجمعهم دين الإسلام باختلاف لغاتهم وألوانهم على مائدة واحدة في رحاب المسجد النبوي الشريف.

وسلطت وكالة الأنباء السعودية هذا الشغف الذي يحمله أهالي المدينة المنورة لخدمة زوار مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، الضوء على هذا الاهتمام الكبير الذي يقوم به الصغير قبل الكبير وهم يرسمون ابتسامات عريضة على محياهم في استقبال الصائمين النابع من اهتمامهم وحبهم لفعل الخيرات مزينين موائد الإفطار في المسجد بأجود وأطيب وأعرق المأكولات المدينية المعروفة والمشهورة، حيث أوضح مدير العلاقات العامة بوكالة الرئاسة لشئون المسجد النبوي الشريف جمعان بن عبد الله العسيري أن العاملون في المسجد النبوي يقومون على تهيئة المرافق والساحات لتجهيز السفر وإعدادها وتهيئة جميع السبل للقائمين على تقديمها وتحديد أماكن وضع السفر ومواقعها داخل المسجد وخارجه التي يتم استقبال هذه الموائد وسفر الصائمين بعد انتهاء صلاة العصر من خلال أبواب معلومة من جهات المسجد النبوي الأربع ودخول الموائد التي تحتوي على تمر وقهوة ولبن زبادي وخبز.



وأضاف أن الموائد والسفر يتم الإشراف على دخولها بواسطة مراقبين متواجدين على الأبواب، بينما يتم وضع الأطعمة بعد فرش السفر داخل المسجد حتى وقت أذان المغرب ويبدأ إفطار المسلمين ويجري قبل إقامة الصلاة رفع هذه السفر وبقايا الطعام بطريقة سريعة ومنظمة بالتعاون بين العاملين والمشرفين بالمسجد النبوي وأصحاب السفر، مبينا أن تقديم الوجبات تتم وفق اشتراطات عدة تشمل إحضار فرش مناسب يتسع للمائدة ومن يجلس حولها وأن تكون السفر من النوع السميك القوي الذي لا يتمزق عند رفعه من الأرض وعدم إحضار أي نوع من السوائل أياً كانت ماعدا اللبن والماء والمشروبات المعبأة آليا ويكون تقديم الوجبات في أطباق مناسبة تتوافر فيها الشروط الصحيحة منها أن يرتدي مقدمو الوجبات القفازات اليدوية خلال تجهيز الوجبات وتقديمها والاكتفاء بما يقدم على السفرة وعدم توزيع أي شيء خارج موقع المائدة.

أما خارج المسجد النبوي وساحاته فقال العسيري إن السفر الرمضانية الخاصة خارج المسجد يسمح بمدها أيضا من بعد صلاة العصر من خلال تقسيم الساحات إلى مربعات للصائمين للرجال وأماكن خاصة للنساء وممرات واسعة لعبور المشاة والعربات الخاصة بالخدمة حيث تحتوي هذه السفر على الأطعمة الساخنة المراقبة من أمانة المنطقة مثل الأرز واللحوم بأنواعها، بالإضافة إلى الفواكه والعصيرات المعلبة والتمر ولبن الزبادي والقهوة وحافظات مياه زمزم التي توفرها الوكالة، مؤكدا أن المكان بأكمله تشمله عمليات التنظيف بعد إفطار الصائمين وقبل إقامة الصلاة لتهيئتها لأداء صلاة العشاء والتراويح.



وفيما يخص أصحاب السفر الرمضانية أكدوا أن استعداداتهم لهذا العمل الخير الذي يتشرفوا بعمله يبدأ من وقت مبكرا من كل عام لهذا الشهر الفضيل شهر المغفرة والرحمة والعتق من النار حيث يقوم بعضهم بإعداد الإفطار بأنفسهم في منازلهم من خلال شراء وجلب أفضل أنواع التمور المميزة والمشهورة والشريك والدقة المدينية التي تشتهر بها المدينة المنورة.

وقال أحمد بن سليمان أحد القائمين على هذه الموائد: لقد توارثت هذا العمل المشرف الذي يتجاوز الأربعين عاما من والدي وسأورثه بإذن الله لأبنائي حيث نقوم بتجهيز أغراض السفر الرمضانية من وقتٍ مبكر يصل إلى شهرين قبل رمضان حيث تحتوي المائدة على أفضل أنواع التمر والخبز المحبب من نوع (الشريك) المديني واللبن الزبادي الطازج والقهوة العربية، مشيدا بتعاون مسئولي وكالة الرئاسة العامة لشئون المسجد النبوي من خلال التنظيم قبل وبعد الإفطار وكذلك تعاون عمال النظافة الموجودين في المسجد معنا لرفع محتويات المائدة لحرصنا جميعا واجتهادنا بالعمل على نظافة موقع المائدة في المسجد النبوي.



كما أفاد متعهد آخر لهذه السفر أحمد البربوشي أن تنظيم السفرة الرمضانية داخل المسجد النبوي بدأت من أكثر من 30 سنة، مبينا استعداداتهم لهذا العمل الذي يتشرفوا بعمله يبدأ منذ وقت مبكر قبيل دخول شهر رمضان طلبا للأجر والثواب في هذا الشهر الفضيل من خلال إعداد الإفطار بأنفسهم في منازلهم من خلال شراء وجلب أفضل أنواع التمور المميزة والمشهورة التي تشتهر بها المدينة المنورة وكذلك توفير كل المستلزمات الخاصة للموائد الرمضانية التي تحتوي أيضا على الشريك المديني المشهور والمحبب للجميع والفتوت واللبن والقهوة والشاي، مقدما شكره لإدارة رئاسة المسجد النبوي على التسهيلات والتعاون الذي يجدوه منهم.

من جهته أوضح عبد المحسن العبد العزيز متعهد آخر للسفر الرمضانية اعتاد على إقامة مائدته في ساحة المسجد النبوي الشريف، أنه يقوم بهذا العمل المبارك منذ أكثر من خمسة وعشرين سنة هو وإخوته بطبخ الأرز البخاري بالدجاج يوميا بنفسه من خلال سفرة قبل الإفطار وقبل السحور، مؤكدا أنه يعتز بشرف خدمة ضيوف الرحمن والزوار والمعتمرين وقاصدي مسجد الحبيب صلى الله عليه وسلم راجيا الأجر والثواب والقبول من الله عز وجل، كما أكد متعهد آخر وهو سنوسي بن زكريا عثمان أن هذا العمل خالص لله سبحانه وتعالى ونتشرف بعمله منذ 15 سنة داخل المسجد النبوي وفي ساحاته محتويا على الرطب والعجوة والسكري وروثانا والقهوة واللبن والدقة والزعتر والشريك والشاي وعصيرات متنوعة، فيما أكد متعد آخر أن الخيرين من أهل المدينة المنورة يسعون من خلال هذه الموائد الرمضانية لكسب الأجر والمثوبة من الله تعالى أولا ثم من أجل البهجة والفرحة التي يجدونها على محيا الصائمين من المعتمرين والزوار القادمين من خارج المملكة، موضحا أن السفرة الرمضانية الخاصة به في ساحة المسجد النبوي تحتوي على الأرز البخاري بالدجاج وفطائر الجبن والتفاح والبرتقال وعصائر مشكلة وسبموسة.



وقال أحمد يوسف أحمد صاحب سفرة رمضانية: إن تجهيز هذه السفر نبدأها نحن مجموعة مشاركة في السفرة قبل دخول شهر رمضان المبارك بوضع الميزانية المقررة لتجهيزها طوال شهر رمضان المبارك بتوزيع المبلغ المقرر على الأعضاء المشاركة في المجموعة بحيث تتساوى المبالغ ثم نقوم بشراء الاحتياجات كاملة وعند دخول الشهر يشارك الجميع في مد السفر التي تحتوي على عصيرات وماء وشريك ولبن زبادي وخبز وطبعا أفضل أنواع التمور المعروفة والمميزة في المدينة المنورة إضافة إلى إهداء السبح على الصائمين وتمر العجوة، معربا عن شكره لمسئولي وكالة الرئاسة العامة لشئون المسجد النبوي على التسهيلات والتعاون والتعامل المميز الذي نلمسه منهم قبل وبعد مد السفر.

من جهتهم عبر عدد من الصائمون زوار مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سعادتهم الغامرة بهذه التظاهرة الجميلة والإنسانية غير المستغربة من أهل المدينة المنورة المتمثلة في الموائد الكبيرة التي تقدم للصائمين بتنوع الوجبات الساخنة والباردة داخل المسجد النبوي وخارجه.



ويقول المعتمران من مصر حاتم إبراهيم وسامي عبد المجيد "إننا سعيدان جدا بما رأينا من تسابق أهل طيبة الطيبة لهذه الموائد الرمضانية الكثيرة وما تحتويه من أجود أنواع التمر واللبن والعصيرات والفاكهة والماء والخبز والقهوة وأنواع من الأرز وشعرنا حقيقة بروحانية إيمانية لا مثيل لها في رحاب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر الفضيل المبارك، مشيدين بالتوسع الكبير في المسجد النبوي والخدمات المتوفرة داخل وخارج المسجد أيضا نشكر حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله وكل القائمين على تقديم كل الخدمات للمعتمرين والزوار".

كما أعرب عدد من الصائمين من باكستان ينتظرون أذان المغرب عن سعادتهم الكبيرة باجتماع المسلمين بأشكالهم وأطيافهم وألوانهم كافة على مائدة واحدة ممتدة تجسد وحدة إسلامية رائعة في هذا المكان الطاهر بجوار رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام، منوهين بالتطور الكبير الذي يلمسوه في التوسعة الكبيرة والعملاقة للمسجد النبوي ومسجد قباء والميقات والمشروعات التي تسهل لهم في أداء شعائرهم وفروضهم بكل يسر واطمئنان وسهولة كبيرة.

وأشادوا بحسن الاستقبال الذي وجدوه من المسئولين منذ وصولهم لهذه المدينة المباركة وهو غير مستغرب على الحكومة السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله التي لاتألوا جهدا في تقديم أفضل وأرقى الخدمات لضيوف الرحمن والزوار والعمار.

أما الزائر تاج السر أمين علي من السودان فقال إن هذه الخدمات المقدمة التي نشاهدها محيطة بالمسجد النبوي تسر كل مسلم ومسلمة أتو لأداء مناسك العمرة وزيارة المسجد النبوي الشريف في أجواء روحانية رمضانية لها شعور لا يوصف مع تسابق أهل المدينة المنورة والابتسامة تعلو شفاهم في مد السفر الرمضانية داخل وخارج المسجد النبوي وبما تحتويه من مأكولات ومشروبات متنوعة وكذلك الخدمات التي وجدتها لحظة وصوله لهذه الديار المباركة بتسهيل كافة أمور السفر والمواصلات والسكن، داعيا الله تعالى أن يحفظ قادة المملكة وشعبها =.

إعداد : حسين بن عبد العزيز حافظ - تصوير : علي بن أحمد الشهراني

تم تصويب (46) خطأ فواصل وشرك افظ الجلالة