الجزائر - لمين شيخي / حميد ولد أحمد (رويترز) - قال التلفزيون الرسمي الجزائري إن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عاد للبلاد يوم الأحد بعد أن أمضى أسبوعين في مستشفى بسويسرا وسط احتجاجات حاشدة تشكل أكبر تهديد لحكمه المستمر منذ 20 عاما.



وهبطت طائرة حكومية تقل الرئيس في مطار بوفاريك العسكري جنوب غربي الجزائر العاصمة. وعادة ما يستخدم كبار المسؤولين ذلك المطار. وعرضت قناة النهار مشاهد لما وصفته بركب سيارات يقل الرئيس.

ويتظاهر عشرات الآلاف من الجزائريين من مختلف الطبقات الاجتماعية ضد قرار بوتفليقة الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في أبريل نيسان رافضين النظام السياسي الذي يعاني من الجمود وسيطرة المحاربين القدامى منذ استقلال الجزائر عن فرنسا عام 1962.

وفي أوضح مؤشر حتى الآن على تعاطف قادة الجيش مع عشرات الآلاف من الجزائريين الذين يريدون تنحي بوتفليقة قال رئيس أركان الجيش الفريق قايد صالح يوم الأحد إن ”الجيش الجزائري والشعب لديهما رؤية موحدة للمستقبل“ ولم يشر للاحتجاجات.

وقالت قناة النهار إن حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم في الجزائر دعا جميع الأطراف السياسية يوم الأحد إلى العمل معا لإنهاء الأزمة السياسية. وأضاف أن الحزب يريد أيضا المصالحة الوطنية والحفاظ على أمن واستقرار الجزائر.

ولم يبد الجزائريون أي رغبة في التراجع رغم عرض بوتفليقة تقليص فترة رئاسته إذا فاز في الانتخابات.

وقال طالب بمدرسة ثانوية كان من بين آلاف المتظاهرين يوم الأحد ”نريد رحيل بوتفليقة وكل عصابته. عليهم ترك هذا البلد“.



*صدوع في الحصن
وبدأت تظهر صدوع فيما كان يوصف بأنه ”حصن“ حول النخبة الحاكمة مع انضمام عدد متزايد من حلفاء بوتفليقة ومنهم أعضاء في الحزب الحاكم إلى الحشود الداعية لتنحي الرئيس.

وقال معلق على قناة النهار القريبة من الدائرة الخاصة بالرئيس إن نظام بوتفليقة قد انتهى.

ونقل التلفزيون الرسمي بيانا من الرئاسة يقول إن بوتفليقة عاد للجزائر بعد أن أجرى فحوصا طبية دورية في جنيف.

وندر ظهور بوتفليقة البالغ من العمر 82 عاما في مناسبات عامة منذ إصابته بجلطة دماغية في 2013. وظهر بوتفليقة في أبريل نيسان الماضي في مدينة الجزائر على كرسي متحرك.

وفي أحدث الاحتجاجات، خرج آلاف إلى شوارع العاصمة حاملين الأعلام الجزائرية ومرددين هتافات تقول ”لا للعهدة الخامسة“. وأغلقت العديد من المتاجر في الجزائر العاصمة وقال سكان إن خدمة القطارات توقفت.

وقال المتظاهر زكريا من أمام مكتب البريد المركزي ”خرجنا إلى الشوارع اليوم للاحتجاج على فترة الولاية الرئاسية الخامسة. نحن ضد العهدة الخامسة“.

ونظم تجار وعمال إضرابا في الجزائر العاصمة ومدن أخرى. وقال سكان إن المتاجر في العاصمة أُغلقت كما عُلقت خدمات السكك الحديدية دون تفسير.

وقال يزيد وهو موظف بأحد البنوك ويبلغ من العمر 57 عاما ”لم نستفد من أموال النفط بسبب الفساد وسوء الإدارة. لا بد من تغيير الأمور للأفضل ”.

ويشعر الشبان الجزائريون بالغضب من تراجع فرص العمل ومن ارتفاع معدلات البطالة ومن الفساد وسيطرة الصفوة من كبار السن.

وقال فريد (27 عاما) وهو عاطل ”النظام الراهن غير قادر على توفير فرص عمل“.


- موكب رسمي يُعتقد ان به الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة يشق طريقه في العاصمة الجزائر - رويترز.

*“نريد جيلا جديدا“
وذكر موظفون في مينائي سكيكدة وبجاية على البحر المتوسط أن المنشأتين شهدتها اضرابا عاما لكن الصادرات لم تتأثر.

وتمكن بوتفليقة من الاستمرار في السلطة بعد انتفاضات الربيع العربي التي أطاحت بحكام مستبدين في دول مجاورة في عام 2011 لأن الجزائر لديها احتياطيات أجنبية كافية لدعم الإنفاق الحكومي.

وتغاضى الجزائريون الأكبر سنا، ‬الذين ما زالوا يتذكرون الحرب الأهلية المدمرة التي شهدتها البلاد في التسعينات، عن حملات قمع المعارضة مقابل الاستقرار. وظهر بعضهم الآن في المظاهرات للمطالبة بالإصلاح.

وقال أحمد (63 عاما) وهو متقاعد ”نحتاج لجيل جديد يحكمنا ويؤمن مستقبلا أفضل لأبنائنا“.

ولكن بعضهم كان أكثر حذرا.

وقال عمر (60 عاما) وهو مدرس لغة عربية على المعاش ”التغييرات لابد وأن تكون سلمية بوتفليقة يجب أن يرحل دون عنف. وإلا سندفع الثمن“.

وحتى إذا ترك بوتفليقة منصبه لم يتضح بعد من الذي يمكن أن يحل محله.

وعلى مدى سنوات ترددت شائعات عن خلفاء محتملين لبوتفليقة لكن لم تظهر شخصية يعتد بها وتحظى بدعم الجيش والنخبة وليست في السبعينات أو الثمانينات من العمر.

وانتخب بوتفليقة في 1999 بدعم من كبار قادة الجيش متعهدا بإنهاء الحرب الأهلية التي اندلعت بعد إلغاء الجيش انتخابات في 1992 كان الإسلاميون يتأهبون للفوز بها.

وتفاوض على هدنة لإنهاء القتال الذي أودى بحياة ما يقدر بمئتي ألف شخص. وأثار بوتفليقة غضب كثيرين بالعفو عن المتشددين الذين ألقوا سلاحهم.

ومع بداية فترته الثالثة أصبح بوتفليقة أقوى رئيس بالجزائر منذ 30 عاما بعد معارك ضارية خلف الكواليس مع قوى الأمن. ولكن مع اكتساب الاحتجاجات الجماهيرية زخما وتخلي حلفائه عنه ربما يكون قد وصل إلى نهاية الطريق.