برلن - هايل براكسيس (دويتشه ïيله) : تنظيف اللحوم وغسلها قبل قليها، عادة يقوم بها جل الناس في مطابخهم، لكن ما قد لا يعرفه الكثيرون أن غسل لحوم الدواجن قد يأتي بنتائج عكسية. فبدل أن تساعد في القضاء على الجراثيم، تساهم في انتشارها. كيف ذلك؟



في الكثير من وصفات الطبخ يُنصح بغسل لحم الدواجن بالماء قبل الطهي. لكن ما مدى فائدة هذه النصيحة؟ وهل هي فعلا ضرورية أم أن الآثار الناجمة عن غسل لحم الدواجن أكثر ضررا من تركه بدون غسل؟

البكتيريا المعدية الموجودة في لحوم الدواجن النيئة لا يمكن إزالتها لا بالماء البارد ولا الدافئ. عند قلي اللحم المبلل بالماء، يتناثر في الهواء خليط من الماء والدهون بالإضافة إلى الجراثيم المحتمل تواجدها في لحوم الدواجن النيئة، وبذلك تصل تلك الجراثيم بسهولة إلى داخلنا ونستنشقها مع الهواء. هذا الأمر قد لا يحصل لو تجنبنا غسل اللحم قبل قليه، حسب ما نشر موقع "هايل براكسيس" الألماني المتخصص في النصائح الطبية.

أكثر من نصف عينات لحم الدجاج (51.8 في المائة) التي تم فحصها في عام 2017 تضمنت بكتيريا مسببة للإسهال، في حين لم تكن هذه النسبة تتجاوز 31.6 في المائة في عام 2011. وهو ما أكده جواب للحكومة الألمانية على إحاطة من حزب الخضر، نشره موقع "راينشه بوست".

وعند غسل لحوم الدواجن يزيد خطر انتقال البكتيريا إلى أماكن أخرى في المطبخ، مثل لوح التقطيع أو حوض غسل الصحون كما قد تصل هذه البكتيريا إلى مواد غذائية أخرى.

لكن إذا كان هناك إصرار على تنظيف لحم الدواجن قبل تحضيرها للطبخ، فينصح موقع "هايل براكسيس" بتنشيف اللحم جيدا في فوطة مطبخ ناشفة وبعد الانتهاء منها ينبغي رميها في القمامة أو تنظيفها في الغسالة. كما يُنصح بالتخلص من الماء الناتج عن تجميد اللحم والحرص على عدم احتكاكه بالمواد الغذائية الأخرى، لأن هذا الماء يحتوي على الكثير من الجراثيم.

ويبقى الطبخ الجيد للحوم الدواجن خير وقاية من البكتيريا، فبخلاف ماء الحنفية الدافئ فإن درجة الحرارة أثناء الطهي والقلي مرتفعة بشكل يقتل الجراثيم ويقضي عليها.

تم تصوي خطأين أثنين

جراثيم وميكروبات في كل مكان .. فما الحل؟
ليست كل الجراثيم مضرة بالصحة. ففي حالة بكتيريا السالمونيلا التي ينقلها البيض الفاسد، فإن الشخص السليم بحاجة إلى تناول مائة بيضة فاسدة ليمرض. أما في حالة بكتيريا الليجيونيلا (الفيلقية) التي تتكاثر قرب المسطحات المائية في المناخ الحار والرطب، فيكفي فقط استنشاق مائة من تلك البكتيريا ليصاب الإنسان بالمرض.



من الغريب أن السنتيمتر المربع الواحد من مقعد المرحاض يحتوي على أقل من عشرة ميكروبات، وبذلك يعتبر هذا أحد "أنظف" الأماكن في البيت، إذ يمكن لبعض النوافذ مثلاً أن تؤوي عدداً أكبر بكثير من الميكروبات والفطريات، ذلك أنها تنظف مرة كل ستة أشهر.



مكان العمل يعتبر مرتعاً للبكتيريا ونواقل الأمراض، إذ يصل معدل الميكروبات في السنتيمتر المربع الواحد من طاولة المكتب إلى ثلاثة آلاف جرثومة، أي أكثر بأربعمائة مرة من مقعد المرحاض. وفي مكان العمل، تعتبر لوحة مفاتيح الكمبيوتر أكثر الأماكن تلوثاً بالبكتيريا والجراثيم.



الأوراق المالية والعملات المعدنية تعتبر أيضاً مرتعاً للجراثيم، ذلك أنها تنتقل من يد إلى يد ومن شخص إلى آخر. وتعرف باحثون من نيويورك على ثلاثة آلاف نوع من البكتيريا موجودة على الأوراق المالية. كما أمكن - باستخدام طرق قياس دقيقة - التعرف على آثار للكوكايين على بعض الأوراق المالية!



الثلاجة أيضاً مخزن حقيقي للجراثيم، فدرجات الحرارة المتدنية والرطوبة داخلها تعتبر عوامل مثالية لنمو مسببات الأمراض، ناهيك عن وجود الغذاء الكافي من دهون وسكريات، والتي تساعد أيضاً على نمو الفطريات، التي يصعب التخلص منها حتى مع التنظيف المتكرر للثلاجة.



في المستشفيات، يجب الالتفات بشكل خاص إلى نظافة اليدين، ذلك أن تناقل أي مسببات للأمراض في المستشفيات قد يعني خطر الموت. لذلك يحتوي الكثير من المستشفيات على موزعات لسوائل معقمة بجانب المغسلة، والتي يُنصح باستخدامها بعد غسل اليدين بالماء والصابون.



هذه البكتيريا الخطيرة للغاية تعرف باسم (MRSA)، ولا تفيد ضدها أي مضادات حيوية. وحتى بدون غذاء يمكن لهذه البكتيريا أن تصمد لمدة تصل إلى سبعة شهور، سواء على أرض المنزل أو فوق الطاولة أو في السرير.



قامت عيادة في مدينة هامبورغ الألمانية بتنفيذ تجربة ناجحة تمكنت فيها من تقليل تواجد الجراثيم على مقابض الأبواب من خلال استخدام مقابض نحاسية. وأظهرت التجربة انخفاض عدد الجراثيم على المقابض المصنوعة من النحاس بنسبة النصف.



هل تعني هذه المعلومات التوقف عن مصافحة الناس؟ ربما يكون التخلي عن المصافحة في المستشفيات أمراً مستحباً، ولكن خارج المستشفيات يمكن الاستعاضة عن التخلي تماماً عن المصافحة بالانتباه أكثر إلى النظافة الشخصية، سواءاً عن طريق غسل اليدين بانتظام أو تنظيف لوحة المفاتيح والفأرة في كمبيوتر العمل بشكل دوري، أو حتى عدم ملامسة المواد الغذائية بعد ملامسة الأوراق المالية والعملات المعدنية مباشرة.


الكاتب: فابيان شميدت/ ي.أ