تونس - منال بن يحي (يوث) : تندرج جريمة الاغتصاب في باب العنف الجنسيّ الذي يُعرّفه القانون الأساسيّ لسنة 2017 المتعلّق بالقضاء على العنف ضدّ المرأة في تونس بكونه «كل فعل أو قول يهدف مرتكبه إلى إخضاع المرأة لرغباته أو رغبات غيره الجنسيّة باستخدام الإكـراه أو التغـرير أو الضّغط وغيرها مــن وســائل إضعاف وسلب الإرادة وذلك بِغـضِّ النّظر عن عـــلاقة الفاعل بالضحيّة». أصبحنا نسمع بجريمة اغتصاب كأي خبر يومي سياسي أو اقتصادي أو وطني، فأحياء الفقر والجوع والبطالة والحرابش والزطلة جعلت بعض شبابنا يميل للعنف الجنسي لعله يشبع الرغبات المكبوتة بعد استعماله للمواد اللازمة للهروب من الواقع والوضع المتردي الذي تعيشه البلاد، فحال البلاد مثل حال العباد.



السيناريو متكرر فبعد قضية اغتصاب فتاة 15 سنة بقبلاط التي هزت الشارع التونسي بمختلف شرائحه، فنحن اليوم أمام جريمة أخرى بشعة تعرضت لها فتاة 10 سنوات بضاحية واد الليل التي تعمد فيها المجرم إلى تحويل وجهتها إلى مكان مجهول وقام بإرغامها على احتساء الخمر والرقص عارية ثم اغتصابها ليلة كاملة وألقى بها في أحد الحقول في طريق بجايهة من ولاية منوبة

الاغتصاب في تونس
اعتمد تحليل عالم النفس النمساوي “سيكموند فرويد” على النموذج “البنوي” للنفس المتكون من هو وهي مجموعة من الاتجاهات الغريزية الغير منسقة بينما يمثل الأنا الجزء الواقعي المنظم في حين الأنا العليا هي شخصية المرء في صورتها الأكثر تحفظاً وعقلانية، بمعنى أنه لا يتحكم في أفعال الشخص سوى القيم الأخلاقية والمجتمعية والمبادئ، مع البعد الكامل عن جميع الأفعال الشهوانية والغرائزية فهو يتكون مما يتعلمه الطفل من والديه ومدرسته والمجتمع من معايير أخلاقية.

فإذا عكسنا هذه الدراسة العلمية للبنية الثلاثية كوظائف عقلية على واقعنا لنجد أن ضعف الأنا الأعلى هو نتيجة ففقدان الرادع والوازع الأخلاقي والديني وانحدار القيم الذي ساهم في تزايد ظاهرة الاعتداء الجنسي، فافتقر المجتمع لمناهج تربوية وسلوكية ودنية قيمة أنتج شخصية ضعيفة وعنيفة لا تستطيع أن تقاوم غرائزه

كما يعتبر غياب الإحاطة النفسية والاجتماعية في ظل التهميش والمخدرات وتأخر سن الزواج من أبرز العوامل التي زادة من تفاقم ظاهرة الاغتصاب فالشخصية مجرمة عانت من حرمان العاطفي في طفولة والقسوة والإقصاء والنبذ، فقد يكون دافع الاغتصاب الجنسي هو انتقام الشخص من ذوي آباء الطفل لرد الظلم الذي أصابه من قبلهم، أو يكون الانتقام نتيجة تعرض الشخص للاغتصاب في صغره من قبل الكبار.

وقد أكدت المختصة في علم النفس الطفل والمراهق “إيتاء عومار” في لقاء خاص أنه لا يمكن تحديد شخصية معينة للمغتصب لكن يمكن أن نتحدث عن عوامل نفسية واجتماعية دفعته للقيام بالعملية اذ يمكن للطفل المعتدي عليه أن يتحول لمنتقم من الأطفال انتقاما لما حدث له في صغره، فهو يشعر بنوع من التلذذ فكأنه ينتقم لما تعرض له في طفولته من انتهاك جنسي وبالتالي يصبح من الشواذ جنسي خاصة إن لم يتلقى علاج نفسي منذ طفولته.

تم تصويب (4) أخطاء