ميسون ملحم (دويتشه ﭭيله) : التفاوت في الوصول إلى الموارد من أهم مشاكل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والإعلام الجديد وجد في هذه المنطقة تحديداً جمهوراً متحمساً لهذا النوع الجديد من الصحافة. فهل يتمكن الإعلام الجديد من تقليص التفاوت في المجتمع؟



إن كانت مؤسسة DW قد خصصت أيام المنتدى العالمي للإعلام لموضوع غياب العدالة والتفاوت في الوصول إلى الموارد حول العالم، فإن هذا الموضوع هو القضية الأبرز على مدار العام في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وقبل ثمانية أعوام ومضت بارقة أمل عندما انطلقت احتجاجات الربيع العربي لتحصيل بعض من المساواة والعدالة الاجتماعية في البلدان التي شهدت حراكاُ في المنطقة، وقد لعبت وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الجديد دوراً بارزاً في دعم الحراك من ناحية، وفي توجيه دفة الاحتجاجات من ناحية أخرى. فكيف أصبح دور الإعلام الجديد اليوم في التعاطي مع الأزمات والتفاوت وغياب العدالة في المجتمع؟ وهل مازال الإعلام الجديد جديداً؟



من يهدد الإعلام الجديد؟
في لقاء لها مع DW عربية على هامش مشاركتها في فعاليات منتدى الإعلام العالمي في بون قالت الصحفية المصرية عبير السعدي إن الإعلام الجديد لم يعد جديداً، وإن الصحفيين المواطنين باتوا يتعرضون لما يتعرض له الصحفيون التقليديون من ملاحقة وتضييق، وأضافت أن تحالفاً بين السلطة والثروة يطارد الإعلام الجديد حول العالم، سواء من خلال حجب الموقع وتكميم الأفواه في الديكتاتوريات، أو من خلال الضغوط الاقتصادية والتشريعية في الدول غير الدكتاتورية.

رأي لم يتفق معه الصحفي المغربي علي آنوزلا مدير موقع "لكم" المستقل، الذي أكد في مقابلة له مع DW عربية على أن الإعلام الجديد أعطى الجمهور وسيلة جديدة للاحتجاج تمكنت من الالتفاف على الصعوبات التي تعرضت لها الاحتجاجات في السابق، مستشهداً بحملة المقاطعة الأخيرة في المغرب.

"ديمقراطية الإنترنت" دعمت المقاطعة في المغرب
قبل حوالي شهرين ظهرت دعوات على شبكة الفيسبوك بدت عفوية ودعت المواطنين في المغرب إلى مقاطعة مجموعة من المنتجات لغلاء أسعارها بحسب دعوات المقاطعة. دعوات لم يعرف حتى اليوم من يقف وراءها ولم تتبناها جهة بعينها، ولكنها سلطت الضوء على قضية التفاوت في الوصول إلى الموارد في المجتمع، وسرعان ما تمكنت من إنتاج حركة احتجاج سلمية ألقت بظلالها مباشرة على الشركات المستهدفة بالمقاطعة، وتمخضت خلال ثمانية أسابيع فقط عن تقديم وزير مغربي لاستقالته على خلفية الاحتجاجات.

تنظيم المقاطعة في العالم الافتراضي أعطى المحتجين، بحسب الصحفي أنوزلا، وسيلة للالتفاف على جميع أنواع الرقابة والضغط والقمع الذي كانت تتعرض لها احتجاجات الربيع العربي عندما كانت تنزل إلى الشارع، والتي "تمكنت السلطات من قمعها واحتوائها" واعتبر آنوزلا المقاطعة في المغرب جيلاً جديداً من هذه الاحتجاجات أكثر فاعلية وأقل كلفة لأن مجاله هو الفضاء الأزرق وبسبب ما سماه "ديمقراطية الإنترنت"


- خلال فترة قصيرة تحولت دعوات المقاطعة في المغرب إلى حركة احتجاجية انتشرت في المغرب

تفاوت في الوصول إلى المعلومات
التفاوت في الوصول إلى الموارد، لا يقتصر على مصادر الغذاء وضروريات الحياة. فقد برهنت الأحداث السياسية حول العالم في السنوات العشر الأخيرة على أن الإعلام الجديد قد يلعب دوراً في تفاوت ماهية الوصول إلى المعلومات. الصحفية المصرية عبير السعدي اعتبرت أن المشكلة تكمن في "طوفان في المعلومات بات اليوم متوفراً بدلاً من شح المعلومات في السابق" وأكدت على أن الجانب المظلم لوسائل الإعلام الجديد هو في تضارب المعلومات بالنسبة للمستخدمين وفي سرعة انتشار خطاب الكراهية وخاصة في مناطق الأزمات المشتعلة كسوريا وليبيا.

السعدي قالت إن ما أتى به الإعلام الجديد هو تمكين أي شخص يمتلك وسيلة التواصل من أن يصبح صحفياً، لذا رأت أن التحدي الأهم لدى صحافة اليوم هو تدريب المواطنين الصحفيين، وخاصة في مناطق الأزمات، على كيفية التحقق من موارد الأخبار وعلى أخلاقيات المهنة.

لكن آنوزلا بدى أكثر تفاؤلاً تجاه الإعلام الجديد ورأى أن المستقبل له خاصة وأن وسائل الإعلام عبر التاريخ لم تلغ بعضها البعض حسب قوله، وإنما تطورت جنباً إلى جنب، وقال آنوزلا إننا اليوم نعيش في عصر السرعة، لذا فمن المتوقع حدوث تطبيع سريع بين الإعلام الكلاسيكي والإعلام الجديد خلال فترة زمنية أقل مما نتوقعه اليوم.