الكويت (الأنباء) : تقف بنا الآيات في سورة الشعراء وقفة تأملية في تاريخ البشرية، فقد اجرى سبحانه سنّة إلهية لا تتغير، على الانسان ان يستفيد من القصص القرآني وان الله ينصر المسلمين وينصر المؤمنين رغم قلتهم، والقصص للعبرة والعظة، فدعوة نبي واحد غيرت وجه الأرض عندما دعا نوح عليه السلام (إني مغلوب فانتصر)، فوعد الله تعالى النصر مهما طال الزمن.



ونجاة الانسان لا تكون الا بتحقيق الايمان، حينئذ تكون الفئة المنصورة، وقد ذكرت قصة نوح عليه السلام مع قومه في القرآن الكريم في سور عديدة، وتخبرنا القصة ان نوحا عليه السلام ارسل الى قوم ليخرجهم من عبادة الاوثان والاصنام ويدعوهم الى عبادة الواحد الرحمن ويحذرهم من عذاب يوم أليم، وهذه هي المهمة الاساسية للرسل، ولكنهم استهزأوا به ومن الذين آمنوا معه، ووصفوهم بأنهم من اراذل القوم، وهذا هو حال الطغاة والمستكبرين في كل عصر، ورغم ان نوحا عليه السلام خاطبهم بالقلب المؤمن المليء بالشفقة والرحمة على قومه ومقابل هذا الاشفاق كان الرد القاسي بأنهم لن يرجعوا عن كفرهم، وقالوا مهما تكلمت فلن نسمع منك ويقولون (إن هذا إلا خلق الأولين)، تقليد اعمى وتعطيل لملكات المعرفة والعلم، وكان عاقبة تكذيبهم ان الله نجى نوحا والذين آمنوا معه واغرق المعرضين عن طريق الهدى وجعلهم عبرة لمن بعدهم (فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون ثم أغرقنا بعد الباقين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين).

تكذيب عاد
(كذبت عاد المرسلين)، كذبت القبيلة المسماة عاد رسولهم هودا وتكذيبهم له تكذيب لغيره من الرســـل لاتفاق الدعوة، والإشارة في هذه الآية تكررت في عدة مواضع للدلالة على ان تصديق الرسول الواحد تصديق لكل الرسل، وتكذيب الرسول الواحد تكذيب لكل الرسل (إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون)، صالح ذو نسب فيهم معروف بصدقه وحرص الرسول الكريم ان يصدق ويطاع، فيذكرهم بربوية الله الذي اوجدهم، ربوبية ايجــاد واعداد لكل ما يحتاجه البشر، ثــــم يعظهم محذرا لهم (أتتركون في ما هاهنا آمنين) اي أتحسبون انكم تتركون في هذه الخيرات والنعم سدى لا تؤمرون ولا تنهون وتستعينون بهذه النعمة على معاصي الله، وحذرهم ان تحل عليهم النقم وعدَّدَ نعم الله عليهم، والامن نعمة تستحق الحمد، فكان لهم زروع ونخل طلعها مسترخ رطب لا نوى لها وكانوا حاذقين ينحتون من الجبال بيوتا.

ملة الكفر واحدة
(قالوا إنما أنت من المسحّرين)، عندما يواجه الحق بالحجة يواجهه الكافر بالبطش والاستهزاء، واتهموه بالسحر ويقدحون في بشريته، والله لا يرسل الأنبياء الا بشرا، فطلبوا الآية، واذا طلب قوم الآية ولم يؤمنوا أبادهم الله، طلبوا ناقة عشراء فآمن بعضهم وكفر اكثرهم، وأمرهم الا يمسوها بسوء بعقر او غيره فعقروها واصبحوا نادمين، فأخذهم العذاب وهي صيحة نزلت عليهم فدمرتهم أجمعين.

لماذا لم يقل الله تعالى (أخوهم شعيب) وقال (شعيب)؟

(كذب أصحاب الأيكة المرسلين إذ قال لهم شعيب ألا تتقون)، فلماذا لم يقل الله تعالى «أخوهم شعيب» وقال «شعيب»؟ لماذا عندما ذكر الله هودا وصالحا ولوطا قال تعالى (أخوهم) ولكن عندما ذكر شعيبا لم يقل اخوهم؟ لأن الأيكة هي شجرة كانوا يعبدونها من دون الله، فلذلك الله سبحانه وتعالى لم يقل أخوهم شعيب، فشعيب عليه السلام ليس أخاهم في عبادة هذه الشجرة.

وكان نبي الله شعيب من انفسهم وإنما لم يقل هنا أخوهم شعيب لأنهم نسبوا الى عبادة الأيكة وهي شجرة وقيل شجر ملتف كانوا يعبدونه، فلهذا لما قال: كذب أصحاب الأيكة المرسلين لم يقل: اذ قال لهم أخوهم شعيب، فقال سبحانه (كذبت قوم نوح المرسلين إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون)، (كذبت ثمود المرسلين إذ قال لهم أخوهم صالح ألا تتقون)، (كذبت قوم لوط المرسلين إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون).



نوح عليه السلام

بدأ بالتشجير قبل الطوفان بـ 400 عام
كي يصنع السفينة