المدينة المنورة - علي بن أحمد الشهراني (واس) : عرفت تربية النحل وإنتاج العسل مهنةً توارثتها الأجيال في هذه البلاد المباركة، فهي من أقدم المهن التي مورست في مختلف مناطق المملكة، فهي من المهن التي يتمتع إنتاجها بعديد الاستخدامات، تارةً يأتي ضمن قائمة أهم الأغذية الصحية التي يحرص عليها الإنسان، وتارةً أخرى يكون للمريض العلاج الشافي، الذي ورد في مُحكم التنزيل، في قوله تعالى "يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاس".



هذه الامتيازات التي يتمتع بها العسل عن غيره من المنتجات الطبيعية دفعت بالعديد من الشباب لممارسة هذه المهنة، إذ بدأت معهم كهواية ‬دفعتهم للتنقل من منطقة إلى أخرى، بحثاً عن الأشجار والأزهار المناسبة لإنتاج العسل، وزادتهم الخبرة، شغفاً لتطوير مهاراتهم في هذا الصدد، والانتقال من مرحلة الهواية إلى مرحلة الاحتراف، باتخاذها مهنة رسمية، وأساس الدخل المالي المعتمد عليه، وهو ما يتوافق مع رؤية المملكة 2030، الهادفة في مضامينها إلى تشجيع الشباب على خوض تجارب جادة فيما يتعلق بالتجارة والعمل في مجال الاستثمار والاقتصاد، والتوجه لمختلف المهن، وتجاوز مفهوم الاعتماد على الوظائف الحكومية إلى إيجاد وتوليد الوظيفة.



â€ھوكالة الأنباء السعودية التقت بعدد من الشباب العاملين في هذا المجال، ومنهم الشاب تركي بن عايد الحارثي صاحب أحد المشاريع المتخصصة في تربية النحل وإنتاج العسل، الذي عدّ مشروع تربية النحل من المشاريع المربحة جداً، بناءً على كمية الطلب الذي تشهده منتجات النحل داخل المملكة وخارجها، مضيفاً أن العمل الذي يقوم به مربي النحل ليس بالهين حيث يتطلب منه اهتمام ومتابعة تبدأ في اختيار خلايا النحل الجيدة وتحديد المكان الذي يضع فيه هذه الخلايا التي تتطلب البحث عن المناطق الطبيعية الجاذبة.‬

وأشار إلى أن عدد خلايا النحل التي يمتلكها يشرف عليها بنفسه وانه اكتسب هذه الهواية، من والده الذي يملك عدد كبير من خلايا النحل المتخصصه في انتاج العسل البري، التي فتحت له مصدر رزق له ولعائلته.مبيناً ان الشاب السعودي قادرعلى الإبداع والتميز في اَي مجال أو نشاط â€ھمتى ما أعطي الفرصة والتشجيع والدعم، محذراً من بعض العمالة الغير مختصة في تربية النحل المنتشرين في مواقع مختلفة وخاصة على الطرقات لبيع العسل المشبوه والمغشوش والمعرض لأشعة الشمس الذي قد يشوه سمعة العسل المحلي.



وذكر أن تربية النحل في الماضي كانت تقليدية بدائية حيث كانت تجتمع في بعض أماكن جحوروفجوات الجبال وشقوق الأشجار،مضيفاً أنه في وقتنا الحالي أصبحت العملية أكثر تنظيماً وسهولة ومتعة وبتقنيات حديثة جعلتهم يتحولون من استخدام الخلايا التقليدية إلى الخلايا الحديثة.

وعن نظرة المجتمع للشباب العاملين في مجال النحل، قال الشاب خالد بن عطيه، في السابق كان العمل في هذه المهنة حكراً على العمالة الوافدة بسبب نظرة شباب الوطن الدوانية لها، إلا أن الوقت الحالي تغير الوضع تماماً اذا أصبح الشاب السعودي قادرعلى العمل والإبداع والتميز،وهذا ما لمسناه من خلال ثناء الناس وثقتهم في الانتاج.



وبدوره أكد المواطن الشاب سلطان الحارثي أهمية دعم مواهب الشباب واستثمارها، مؤكداً قدرة الشباب السعودي على إثبات جدارته في مختلف الأعمال، داعياً الشباب إلى إعادة النظر لهذه المهنة، الموسومة في وقتٍ مضى بالدونية، ما أدى إلى تراجع أعداد العاملين السعوديين فيها.

وحول الأسباب التي تدفع النحّال للتنقل والسفر بصفة متكررة، أوضح الحارثي أن ذاك يعود لتنوع البيئات في المملكة، الأمر الذي يعد ميزة ونعمة حبانا الله بها في هذه البلاد المباركة - له الشكر والفضل سبحانه -، لذا يرافق هذا التنوع وجود أنواع مختلفة وكثيرة من النباتات، وهذا يدفع النحّال للسفر باستمرار من منطقة لأخرى ومن محافظة لمحافظة غيرها، ليظفر بالتميز عبر إنتاج العديد من أنواع العسل، في خطوة نحو تلبية رضا عملائه الذين تختلف أذواقهم، مشيراً إلى أن عسل السدر والسمرة والضهيان والطلح والصيفي والعرفجة، أبرز أنواع العسل ذات الرواج في أوساط المجتمع.



وبين أن التفريق بين أنواع العسل يقوم على معيارين (الطعم، واللون) حيث يمتاز العسل بألوانه المتعددة فهماك (الأبيض، والكهرمائي، والأصفر، والعنبري، والأحمر، والبني، والأسود)، مرجعاً اختلاف الألوان إلى العدد من العوامل، لعل أهمها نوع الزهرة أو النبات وطبيعة البيئة.

وعن دور الإدارة العامة لشؤون الزراعة في دعم النحالين الشباب، أوضح مدير عام الإدارة العامة لشؤون الزراعة بمنطقة المدينة المنورة المهندس إبراهيم بن عبد العزيز الحجيلي، أن الادارة تعمل على إقامة ورش العمل والندوات الزراعية لرفع الوعي لدى النحالين لتحسين الإنتاجية والجودة واطلاعهم على الأساليب الحديثة لتربية النحل ومناقشة أهم المشكلات التي يواجهها النحالين وسبل تذليل العقبات وحلها،والقيام بجولات إرشادية وتوعويةعلى المناحل،إضافة إلى مساعدة النحالين على تأسيس جمعيات تعاونيه خاصة بالنحالين وتوزيع بعض الأدوات الخاصة بتلك المناحل.

وأفاد الحجيلي أن عدد النحالين في منطقة المدينة المنورة الحاصلين علي تصريح وترخيص من قبل الإدارة العامة لشؤون الزراعة بالمدينة المنورة يبلغ حوالي 211 نحّالاً، فيما يصل متوسط إنتاج العسل في السنة إلى 100 طن تقريباً، وعدد خلايا النحل تصل إلى إكثر من 14 ألف خلية، إضافة لوجود عدد من النحالين في مواقع مرتفعة في الجبال المجاورة للمنطقة يصعب حصرهم.

وأشار إلى عدد من ورش العمل والدورات التي نفذتها الإدارة خلال الأسابيع الماضية بمشاركة عدد من المحاضرين والمختصين، والعديد من الجولات الميدانية، التي اثبتت تميز وكفاءة الشباب السعودي في هذا المجال.

إعداد وتصوير/ علي بن أحمد الشهراني