دومة الجندل - تيسير العلي (واس) : تستعد منطقة الجوف لاحتفالها السنوي بمهرجان التمور برعاية صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن سلطان بن عبد العزيز أمير منطقة الجوف الذي تنظمه بلدية محافظة دومة الجندل في نسخته الخامسة يوم الثلاثاء الموافق 11 رجب 1439هـ الموافق 28 مارس 2018م، ويستمر حتى 21 رجب.



ويأتي هذا المهرجان مع ما توليه الدولة من اهتمام بزراعة التمور، وما يوليه خاصة أبناء المنطقة من اهتمام ورعاية بتمور الجوف، وتعلقهم بشجرة النخلة المباركة حيث كانت بداية انطلاقة المهرجان عام 1435هـ بمحافظة دومة الجندل، وحقق نجاحا ملفتًا للأنظار، وعد نافذة تسويقية لمزارعي المنطقة، في حين تعود قصة تمر الجوف أو ما يطلق عليه الأهالي "حلوة الجوف" إلى قرنين من الزمان روتها كتب الرحالة الأوروبيين الذين عبروا المنطقة في عصور قديمة، وتذوقوا تمرها وشربوا من مائها العذب.

وقال رئيس بلدية محافظة دومة الجندل المهندس فهد بن عبد الرحمن المغرق لوكالة الأنباء السعودية: إن مزارعي المنطقة لمسو القيمة الاقتصادية لزراعة أشجار النخيل واستثمار إنتاجها من التمور عبر تسويقه في المهرجان، وسعت بلدية دومة الجندل إلى تطوير مقر المهرجان من خلال إضافة سوق للأسر المنتجة ومقاهي شعبية وواحة النخيل شكلت منها مزرعة نموذجية بالداخل لتجعل من الموقع مدينة متكاملة للزوار.



وأضاف إن المهرجان سيضم عددَا من الفعاليات والمعارض التي تصاحب معرض التمور، وهو الحدث الأهم بالمهرجان يعرض فيه أصناف مختلفة من التمور وصناعاتها المشتقة لمزارعي المنطقة، وخيمة النخيل ومعارض للفن التشكيلي والتصوير الفوتوغرافي والأسر المنتجة ومعرض مجلس شباب الجوف وعروض فلكورية لسلطنة عمان ضيف الشرف لهذا العام.

يذكر أن منطقة الجوف عُرفت منذ قرون بإنتاج التمور عالية الجودة لذيذة المذاق، ولا تكاد تخلو مذكرات المؤرخين والرحالة الأوربيون الذين زاروا المنطقة منذ القرن التاسع عشر من إشادتهم بالتمور التي تناولوها أثناء زيارتهم للمنطقة، حسب ما ورد في كتاب وادي نفاخ لأمير منطقة الجوف السابق عبد الرحمن السديري.



ويعد الرحالة السويدي جورج أوغست والن، الذي أتقن اللغة العربية أول من زار منطقة الجوف في إطار زيارته لشمالي الجزيرة العربية مرتين عام 1848م، وقال في كتاباته عن تمر الجوف: "إنه من أطيب أصناف التمر ونكهته تقارع نكهة تمر البصرة وبغداد، مضيفا " في الجوف أصنافاً عديدة وكلها جيدة، وقد أكلت منها 15 صنفاً".

وزارت الرحالة الإنجليزية الليدي آن بلنت الجوف عام 1879م ومكثت فيها بضعة أيام حيث تحدثت عن حلوة الجوف وقالت عنها: "إنه بالإمكان أن نستخلص أو نصنع منها السكر العادي"، كما ذكرت في كتابها رحلة إلى بلاد نجد في إحدى يومياتها" هناك من أنواع التمور في الجوف بقدر ما لدينا من أنواع التفاح في بساتيننا، وكل واحد يختلف عن الآخر اختلافا شديداً، والنوع الذي نفضله في الأكلات العادية ذو لون أشقر قليلاً قارش وأكثر استدارة من الحلاوة ومن الخطأ الاعتقاد أن التمور الطازجة هي الأفضل، بل العكس تزداد طراوة مع الوقت".



وتحظى النخلة بمنطقة الجوف بمكانة عالية عند الأهالي خاصة "حلوة الجوف" التي تعد واحدة من أشهر نخيل الجزيرة العربية وأطيبها على الإطلاق ذات حجم كبير وطعم لذيذ خاصة المكنوز منها، ومناطق الشمال عموماً تشتهر بأنواع "الحلا" وهو جمع حلوة، وتحمل في الغالب أسماء بعض المدن والمحافظات لكن تبقى حلوة الجوف هي الأكثر شهرة وقد ارتبطت بتاريخ المنطقة، وبقيت تمور الجوف حتى يومنا هذا محل إعجاب وإشادة من زوار المنطقة.

وتشهد حلوة الجوف إقبالاً كبيراً من المستهلكين عليها لكبر حجم ثمرتها وليونتها مما يسهل هضمها بالإضافة لاحتوائها على نسبة كبيرة من الفيتامينات والفوائد الصحية، كما يدفعهم إلى ذلك أيضاً تعدد استخدامات هذا النوع من التمور، إذ يستخدم في صنع أشكال عدة من الحلويات من أشهرها البكيلة و معمول التمر والكعك وغيرها، كما تزرع بمنطقة الجوف أنواع كثيرة من التمور منها الحسينية وقسبة مدق وبويضا خذماء.



وأوضح مدير عام الإدارة العامة لشؤون الزراعة بمنطقة الجوف محمد بن مرزوق العطوي، أن عدد أشجار النخيل بمنطقة الجوف يبلغ 1,200,000 نخلة، فيما يبلغ عدد مزارع التمور 5000 مزرعة تنتج ما يبلغ وزنه 11,000 طن.

وتعد الصناعة اليدوية بالمنطقة هي الأبرز للحفاظ على التمور ويطلق عليه التمر المكنوز، وتقول أم فيصل أحدى السيدات التي تقوم بكنز التمر بالجوف أن تخزين التمر يحتاج إلى إتباع طرق مثالية لتخزينه، فهناك طريقتان مميزتان لحفظ وتخزين التمور الأولى هي تخزين التمور في ثلاجات التبريد بعد تنظيفه ووضعه في علب من البلاستيك، والطريقة الثانية والتي تسمى بكنز أو ضمد التمور وتمر بمراحل عديدة أول مراحلها تكون بفرز التمر وتصنيفه حسب حجمه ولونه ونسبة رطوبته بحيث لا تتعدى 30%، وفي الثانية يتم تنظيف التمر وإزالة الشوائب الموجودة على سطحها كالغبار وغيرها، وفي المرحلة الثالثة يتم نشر التمر على غطاء يقيه من الأرض في الشمس لعدة أيام حتى تتبخر الرطوبة من حبة التمر وينضج زيادة.



بعد ذلك وفي المرحلة الرابعة والأخيرة تعبأ بعد تنظيفها في أكياس من البلاستيك المناسب مع ضغطها براحة اليد لتفريغ الهواء ثم ربطها وتركها تحت أشعة الشمس لبعض الوقت ثم بعد ذلك يتم رصد الأكياس فوق بعض على سطح مستوى مع وضع ثقلا عليها لتفرز دبس التمر المشهور.

إعداد : تيسير العلي.
تصوير : احمد الشمري