الجنادرية (واس) : اعتاد زوار جناح "بيت المدينة" في الجنادرية على مدار 25 عامًا، على سماع الصوت الشجي للمعلم "رضا" وحكاياته الدائمة مع "البليلة"، فلم يعد المعلم رضا بائعاً خفياً في بيت المدينة، بل أصبح مقصداً لزوار الجنادرية كافة، فكلما اقتربت من متجر المعلم "رضا" الذي لا تتجاوز مساحته 6 أمتار، كلما فاحت روائح البليلة الزكية، ذات الطعم المميز والخاص بنكهاته وخلطاته المعتادة.



ويقف المعلم رضا عثمان الزويتيني الشريف "55 عاماً"، المشهور بـ المعلم رضا على باب العنبرية لجناح المدينة المنورة، مردداً أهازيج شعبية يستقبل فيها زبائنه بالكمون والفلافل والليمون، (يا بليلة بلبلوكي، سبع جواهر ثمنوك، بدمع العين أغلوك)، وهذه الأهزوجة الجميلة في شعبيتها حفظها الصغار والكبار، من رواد المعلم الرضا، الذين كانوا ينتظرونه سنوياً.

ويروي الزويتيني تاريخه مع البليلة لوكالة الأنباء السعودية الذي امتد لأكثر من 33 عامًا، حيث يقول" تعلمتها واكتسبت خبرة في ذوقها، حتى زبائني أصبحوا من كل مناطق المملكة"، مضيفا " أكسبتني الجنادرية من خلال المشاركة فيها، شهرة واسعة، حتى أصبحت مطلباً للزبائن في التجهيز لبعض المناسبات".



ولا يتوقف المعلم رضا على صنع البليلة بطريقته الخاصة فقط، بل يشتهر أيضا بالبليلة المخللة، والترمس، والعاشورية، والسحلب، والحلبة، والفول النابت، والخل البلدي، وهذه الوجبات الشعبية تحتاج إلى خبرة طاهٍ عرف مذاق زبائنه، على حد قوله.

وأوضح المعلم رضا، أن المردود الاقتصادي لبيع البليلة وهذه الأكلات الشعبية داخل الجنادرية ليس مجزياً بشكل المغري، كما يظن البعض، لأننا نبيع الأكلات الشعبية تقريباً بنصف الأسعار الحقيقية، بيد أن الربح يكون معقولاً بحجم الزبائن الذين يتوافدون على المحال.



ويردد المعلم رضا مرة أخرى أهزوجة شعبية، يتناغم معها "بعنا واشترينا، أخضر بالليمون، من ورق الجنينة، يا عمي رضا خذ من بليلته، وذوق بليلته"، حيث يتزاحم الزوار بأعداد هائلة لشراء وجبة غنية من بليلة المعلم" رضا وفيه تختلط الزبائن، دون معرفة الأسبق للحصول على تلك البليلة، فرائحتها الجاذبة تكمن في بهاراتها المضافة، والطرشي، والليمون، والمخلل، لكن يجد البعض أن هناك سراً فيها، لا يعرفها إلا من يقف عليها، ويؤمن المعلم رضا بالقول المأثور قيمة المرء فيما يحسنه أو يتقنه.

وبين أن هذه المهنة أكسبته علاقات واسعة مع زوار الجنادرية، الذين يستأنسون بالحديث عنها، وسر مذاقها، حيث يعمل معه شباب سعوديين للإعداد والطهي، الذي يستغرق وقتاً طويلاً.

ويرى المعلم رضا أن العمل في هذا المجال ممتع، بقدر ما يعد مكسب للإنسان، وهو من التجارة الحرة، مبيناً أن تعلمه لهذه المهنة وأسرارها عرفها من خلال حارته، والموروث عن آبائه وأجداده، والأمهات الذين يجيدون فن الأكلات الشعبية.