الرياض (واس) : شرفت مكتبة الملك عبد العزيز العامة بتسميتها باسم الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود - رحمه الله - وأنشأها الملك عبد الله بن عبد العزيز - رحمه الله - بالرياض لترصد التراث وتفعّل الثقافة وتصنع المعرفة، وتقدم معلومات موثقة ووافية عن تاريخ المملكة، ولا تزال مستمرة في تقديم عطائها وإنجازاتها في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله - بما يتسق وأهداف رؤية المملكة العربية السعودية 2030 لشأن ثقافي ومعرفي متميز كأحد الخطط التي وضع مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية استراتيجيته عليها.



ورفدت المكتبة الذاكرة العربية بمقتنيات بلغت ( 2.5 ) مليون كتاباً ومادة معرفية، وشيدت عدة مراكز وفروع لها داخلياً وخارجياً، وتبذل جهداً كبيراً ومتواصلاً لتزويد فروعها ومشروعاتها بالكتب والموسوعات والمراجع والمجموعات العلمية لرفد الحركة الثقافية والمجتمعية محليا وإقليميا وعالميا لتمكين الإنسان من المعرفة في كل مكان ووقت.

ولم تتوان المكتبة منذ إنشائها قبل ربع قرن في بذل الجهود لتحقيق مساراتها الستة والمشتملة على نشر الثقافة وحفظ التراث وصناعة المعرفة والتواصل الحضاري والمسؤولية الاجتماعية والشراكات العالمية وذلك من خلال خطوات عدة منها علي سبيل المثال لا الحصر إطلاق الموسوعات الوطنية، و تأسيس نادي كتاب الطفل، وإنشاء مركز دراسات الفروسية، وتخصيصها لجائزة عالمية - جائزة الترجمة - لتفعيل الدور الحضاري بين الأمم واثراء القيم الإنسانية، وإقامة معارض الحج لإبراز قيم المساواة والتسامح والتعايش الإنساني المشترك، ونحاول أن نستعرض من الجهود التي بذلتها المكتبة لتحقيق هذه المسارات.

ونهجت المكتبة منذ انشائها على عقد الشراكات مع المؤسسات ذات الصلة من مكتبات وجامعات ومؤسسات ثقافية ومتاحف، داخل المملكة وخارجها، ومن ابرز الشراكات العربية والدولية، المتحف البريطاني، وشركة oclc الامريكية، وجامعة الدول العربية، واليونسكو، وجامعة بكين، والمنظمة العربية للثقافة والعلوم، والمكتبة الوطنية في جمهورية الصين الشعبية، ومعهد العالم العربي في باريس.

وشيدت المكتبة ضمن هذا المسار عدة مراكز وفروع لها في الداخل والخارج إيماناً بأن نجاح التحول إلى مجتمع المعرفة يصب في اتجاه تحقيق التنمية بمفهومها الشامل، فعلى الصعيد الداخلي بلغ عدد فروع المكتبة بالرياض ستة فروع للمكتبات الرجالية والمكتبات النسائية ومكتبات الأطفال، كما راعت عبر أنديتها الثقافية عوامل مهمة لتفعيل دورها تجاه المؤسسات الخيرية والمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة وتحصين الناشئة بالمتابعة، وتعد أولى المكتبات المتخصصة التي تعنى بالمرأة والطفل.

وعلى الصعيد الخارجي فهناك مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية بالمملكة المغربية في الدار البيضاء زودت بمكتبة ومركز معلومات وقاعات للندوات والمؤتمرات، بالإضافة إلى مكتبة الملك عبد العزيز العامة في جمهورية الصين الشعبية بجامعة بكين تتضمن مركزاً للدراسات العربية الصينية، إضافة الى مركز للمعارض وقاعات للمحاضرات، كما اقتنت المكتبة أفضل الإصدارات وأحدثها.

وأطلقت المكتبة من خلال هذا المسار موسوعات عدة منها موسوعة المملكة العربية السعودية التي تتضمن سلسلة من المجلدات التوثيقية الشاملة عن المملكة ومناطقها الثلاث عشرة، تحوي تسجيلا شاملا لجوانبها التاريخية والجغرافية والحضارية والثقافية والفنية والاقتصادية والاجتماعية والتشريعية والسياحية بالإضافة الي رصدها الدقيق لحركة التطور والإنجازات التي تحققت للمملكة، بالإضافة إلى موسوعة المملكة العربية السعودية للأطفال والناشئة والتي غطت من حلالها جوانب الحياة بالمملكة في الماضي والحاضر.

وأصدرت المكتبة مئات الأعمال العلمية المحكمة في المجالات كافة، إضافة الى إنتاج عشرات الكتب في مواضيع تاريخية وفكرية وادبية، ودعم الكتّاب لإصداراتهم التي تتوافق مع الأهداف العامة للمكتبة.



ووفر نادي كتاب الطفل اعدادا كبيرة ومتنوعة من الكتب القصصية والتعليمية والتربوية والوطنية؛ خدمة لأربع فئات عمرية من الأطفال، تبدأ من سن الثانية وحتى الخامسة عشرة، ويقدم اشتراكا سنويا للطفل برسوم رمزية غير ربحية، كما يشمل النادي اشتراكات مجانية للأطفال الأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة وابناء شهداء الوطن والمؤسسات الخيرية.

وقامت اللجنة العلمية بالمركز بالعمل على رصد وتجميع وتنظيم ما نشر عن الخيل والفروسية من نتاج فكري عربي وأجنبي متمثل في مختلف مصادر المعرفة، بحيث تكون نواة لبناء قاعدة معلومات في هذا المجال، وانقسم المركز إلى قاعدتين فرعيتين إحداهما للإنتاج الفكري العربي وأخرى للإنتاج الفكري الأجنبي حيث بلغت ما يقارب 5790 مادة، تم من خلال ذلك اصدار كتاب فروسية والذي يعتبر باكورة انتاج المركز ويقع في مجلدين باللغتين العربية والأجنبية.

وحرصت المكتبة من خلال هذا المسار على إرساء التفاعلات الثقافية بين الشعوب والحضارات المختلفة وتنوعها وثرائها ودعم كل ما يخدم المبادئ الإنسانية ويعزز المعرفة لإقامة جسور التفاهم بين الأمم والشعوب، وذلك عبر جائزة الترجمة وهي جائزة عالمية لتفعيل الدور الحضاري بين الأمم واثراء القيم الإنسانية، تُقدم من اللغة العربية وإليها، يحصل عليها علماء عرب وأجانب في كل دورة وتحتضن جوائزها عواصم عالمية، حيث أقامت تسع دورات في تسع عواصم، حصل عليها تسعون عالم وباحث، كما نظمت المكتبة العديد من معارض الحج التي طافت عواصم عالمية عدة وحظيت بترحيب وحضور العديد من رؤساء العالم وإعلامه وتم نقله بأكثر من خمس لغات، فضلاً عن أهمية معروضاته التي تجاوزت 230 قطعة متحفيه.

وشملت خطوات مسار التواصل الحضاري كذلك إقامة معارض الأميرة أليس التي تحكي تفاصيل رحلة الأميرة أليس حفيدة الملكة فيكتوريا إلى المملكة العربية السعودية عام 1938م، والتي تعد أول زيارة لأحد أفراد العائلة المالكة في بريطانيا للمملكة، وأهمية هذه الزيارة في توطيد العلاقات السعودية البريطانية طوال العقود الماضية، عبر تقديم صور نادرة لتأريخ المرحلة وكيف كانت الأميرة متعايشة مع الناس في مختلف مناطق المملكة وتنقلها بالزي النسائي السعودي وشغفها بتوثيق اماكن مختلفة في رحلتها للمملكة.



وقدمت مكتبة الملك عبد العزيز العامة في هذا المجال مواردها وخبراتها لإنجاز أهم مشروعين معرفيين أصبحا ايقونة العمل العربي المشترك، أولهما الفهرس العربي الموحد، إلى جانب مساعدة المكتبات العربية على حوسبة فهارسها العربية في وقت قياسي، وتخفيض تكاليف العمل الفني عبر تبني العمل المشترك، بالإضافة إلى قائد ومنظم لرفع مستوى جودة وكفاءة العاملين في جميع الدول الأعضاء.
كما شمل ذلك المسار كذلك إطلاق المكتبة الرقمية العربية، لرصد المحتوى الرقمي العربي في أماكن وجوده وتيسير الوصول إليه.

وأنشأت المكتبة ضمن هذا المسار قاعدة الملك عبد العزيز التاريخية، تضم كل ما نشر عن الملك عبد العزيز آل سعود - طيب الله ثراه - أو عن المملكة العربية السعودية في عهده في مختلف الاتجاهات، كما تغطي القاعدة كل الانتاج الفكري المنشور بالإنجليزية والفرنسية والألمانية ولغات اخرى، كما ضمت القاعدة كل ما كتب عن وفاته.

وشمل هذا المسار كذلك إنشاء المجموعات الخاصة لحفظ وحماية التراث الوطني والتراث العربي والإسلامي بشكل عام، وإتاحته للباحثين والمحققين والمهتمين.

واستمرت المكتبة في صياغة الأفكار الرامية لتعميق الحس القرائي وتجذيره في وعي الافراد بما يخدم هذا التوجه الوطني والمجتمعي المهم في خطط التحول الوطني، عبر جملة من مشروعات يأتي ابرزها المشروع الوطني لتجديد الصلة بالكتاب، حيث أطلقت المكتبة في هذا المسار المكتبة المتنقلة في الهجر و القرى والمدن، والمناسبات الوطنية، وحافلات مصادر التعلم عبر انشاء منصات لمسارح الطفل بجانب الحافلة، إلى جانب إنشاء مكتبات المطارات للوصول بالكتاب إلى شريحة المسافرين لمضاعفة فرص إقبالهم على القراءة، بالإضافة إلى برامج القراءة الحرة بالتعاون مع وزارة التعليم، فضلا عن الفعاليات المختلفة، بالمشاركة الفاعلة في المناسبات الوطنية، والمهرجانات الثقافية والتراثية، والفعاليات الأسبوعية.