دبي - ابتسام الشاعر / سعيد الوشاحي (البيان) : أفاد خبراء ومختصون في البيئة البحرية أن إنزال الكهوف الصناعية الصديقة للبيئة خطوة مهمة للمحافظة على الكائنات البحرية، إذ تسهم مع مرور الوقت في زيادة الثروة السمكية بنسبة تفوق الـ30%، مشيرين إلى أن حظر الصيد في موسم التكاثر لبعض أنواع الأسماك سوف تكون نتائجه أكثر إيجابية مع انتشار هذه الكهوف في السواحل التي تكثر فيها الهائمات والعوالق البحرية التي تشكل غذاء مناسباً للأسماك، في الوقت الذي رصدت فيه جمعية صيادي الأسماك بدبا الفجيرة عودة بعض الأسماك المهددة بالانقراض بفضل تجربة الكهوف الصناعية في المنطقة.


نموذج لأهم انواه الكهوف الصناعية

تدهور وتصحر
وقال الدكتور عيسى عبداللطيف خبير بيئي: إن الشعب المرجانية من أغنى النظم البيئية البحرية، حيث توفر الحماية وأماكن التكاثر بالإضافة إلى الغذاء لأنواع متعددة من الكائنات البحرية، ولذلك نجدها غنية بأنواع كثيرة من الأسماك، كما أنها توفر الحماية للسواحل والموانئ من الأمواج العاتية، ولكن لأسباب مختلفة نجد الشعب المرجانية حول العالم عانت من التدهور والتصحر، والكثير من الحيود المرجانية تم تدميرها لفتح طرق الملاحة للسفن أو لإنشاء الموانئ البحرية أو التوسع الحضري، مشيراً إلى أن ذلك له تأثير كبير على التنوع البيولوجي وانتاجية البحار من الثروة السمكية، ولهذا السبب لجأت الكثير من الدول لإلقاء حيود صناعية شملت طائرات وسيارات وسفنا قديمة أو كهوفا وأشكالا أخرى مصنوعة خصيصاً لهذا الغرض.

تصحر بحري
وأوضح أنه في ظل التصحر البحري للدولة كان لا بد من مواجهة التهديد البشري الذي يواجه الشعب المرجانية، من خلال توفير مشدات اصطناعية، لحماية الأسماك وتوالدها، ولتستقر عليها الكائنات المختلفة التي تعد المصدر الأساسي لغذاء الأسماك الصغيرة حتى تكبر وتغادر المكان، مشيراً إلى أن الكهوف الصناعية التي يجرى إنزالها سوف تكون بدائل للشعب المرجانية، وسوف تسهم في الحصول على أنواع مختلفة من الأسماك على مدار العام خصوصاً بعد وضعها بمدة كافية، كما سوف تسهم في توزيع ونشر الأسماك إلى أماكن أخرى محيطة بها، خاصة عند إقامتها في مناطق محمية.


صورة لتكاثر الأسماك بمنطقة الكهوف في الفجيرة

كثافة عالية
وأوضح عبداللطيف أن الكهوف الصديقة للبيئة تتيح الفرصة لالتصاق وجذب الكائنات الأولية الدقيقة كالطحالب والاسفنجيات التي بدورها تكون مصدرا مهما لغذاء الأسماك، كما أن هذه الكهوف ذات كثافة عالية لا تتحرك من مكانها بسهولة في ظروف البحر القاسية، وتبقى لفترة زمنية طويلة وتكون مناسبة لجذب أنواع مختلفة من الأسماك، كما أنها تغطى مساحة سطح مناسبة لنمو الطحالب والحيوانات البحرية، ويمكن استزراع الشعاب المرجانية عليها .

تجربة
ووصف المهندس حسن اليماحي مدير بلدية دبا الفجيرة، إسقاط الكهوف الصناعية لإكثار الأسماك بالخطوة الإيجابية، وذلك استناداً على تجربة سابقة قامت وزارة التغير المناخي والبيئة وبالتعاون مع البلدية، وكان لها الفضل في إنعاش الثروة السمكية بالمنطقة بنسبة تجاوزت 30%، خصوصاً في أنواع الاسماك المحلية المفضلة لدى المستهلكين.


حسن الخديم

وأوضح أن وزارة التغير المناخي والبيئة تشرف على مراقبة التطور البيولوجي للكائنات البحرية ضمن مجموعة كبيرة من «الكهوف الصناعية» والتي اسقطت بالتدريج في كل من المحميات الطبيعية المتواجدة بالمنطقة، منها محمية الفقيت والبدية، وضدنا والعقة، بالإضافة إلى المحمية الصناعية التي شيدت ضمن مبادرات حملة البيت متوحد في عام 2013 والتي تعرف باسم محمية «ضدنا» البحرية، وهي محمية صناعية للأسماك بمنطقة ضدنا تبلغ مساحتها 360 ألف متر مربع بطول 600 متر وعرض 600 متر، تحتوي على 450 كهفاً صديقاً للبيئة، وتمنح الصيادين مخزونا جيدا من التنوع السمكي، حيث يسمح الصيد فيها.

هائمات بحرية
وأشار اليماحي إلى أن اختيار البيئة البحرية للسواحل الشرقية من الدولة والمطلة على المحيط لإسقاط الكهوف يرجع لوجود كميات كبيرة من الهائمات البحرية والعوالق التي تشكل غذاء مناسبا للأسماك، وتسهم في تكون الشعاب المرجانية وإنعاش منطقة المحميات الطبيعية والصناعية بسرعة تفوق نجاح المشروع في منطقة الخليج العربي، مشيراً إلى أن تجربة إسقاط الكهوف في السواحل الشرقية لاقت نجاحا باهرا بعد أن شكلت بنية مرجانية ونباتية سريعة رصدت خلال 6 اشهر فقط من واقع عام كامل تحتاجه تلك المحميات لبناء الشعاب المرجانية والحشائش البحرية على تكوينات الكهوف.


عيسى عبد الرحمن

انتعاش الثروة
وفي السياق ذاته أكد سليمان الخديم رئيس جمعية صيادي دبا الفجيرة ونائب رئيس جمعيات الصيادين على مستوى الدولة، على انتعاش الثروة السمكية بعد إعادة إحياء البيئات الآمنة للأسماك، مبيناً أن إسقاط الكهوف الصناعية والمشدات في السواحل القريبة من الشاطئ، يسهم في تكوين بيئات آمنة للاسماك التي تجد ملاذها في تلك المساكن الصناعية الغنية بالحشائش البحرية والشعاب المرجانية المتنامية.

وأوضح الخديم أن جمعية صيادي الأسماك بدبا الفجيرة رصدت عودة بعض الاسماك المهددة بالانقراض بفضل تجربة الكهوف الصناعية، إلى التواجد في المنطقة، مثل سمك الزريدي بنسبة تقدر بـ 10%، فضلا عن تكاثر سمك الشعري والسمان والكوفر التي تعد من الاسماك المحلية الأكثر طلباً من قبل المستهلكين.


حسن اليماحي

فوائد التجربة
وأوجز نائب رئيس جمعيات الصيادين بالدولة فوائد «الكهوف الصناعية» على الصيادين والثروة السمكية، في أن المشروع يعيد للأحياء البحرية بيئاتها الطبيعية للسكن، وهو جاذب للمستهلكين، حيث يمنحهم تنوعا كبيرا في نوعية الاسماك المستخرجة منه، فضلاً عن انه يمثل ملاذا آمنا لتكاثرها خصوصا إذا ما طبقت قوانين الصيد الصحيحة، مضيفاً أن المشروع يشكل للصيادين مصائد قريبة من الساحل بالذات في الأوقات الحرجة مثل سوء الاحوال الجوية التي تمنع خروج الصياد إلى مسافات طويلة في عرض البحر .

قوانين
أوضح سليمان الخديم أنه مع القوانين المنظمة لعملية الصيد وحماية الأسماك في مواسم تكاثرها سيكون لمشروع إسقاط الكهوف الصناعية جدوى، خصوصاً وأن نطاقها لا يتجاوز مسافة ميل بحري .