حمص - أحمد الحمصي / محمد مستو (الأناضول) " لم يمنع الحصار المفروض على الريف الشمالي لمحافظة حمص وسط سوريا المزارعين من الاستمرار في عصر زيتونهم الذي يشتهرون به. الاستمرار جاء رغم توقف المعاصر تماماً بالمنطقة، جراء انقطاع الكهرباء وقلة الوقود وعدم دخول قطع الغيار اللازمة للأجهزة.



غير أن سكان ريف حمص لم يتركوا زيتونهم يتساقط على الأرض ويتلف دون الاستفادة منه، فلجأوا إلى أساليب بديلة وبخبرات محلية لعصر الزيتون. وتعتمد تلك الأساليب على أدوات بسيطة، تستخدم في الأساس لأغراض غير العصر.

يقول حسان جمعة، صاحب أحد معاصر الزيتون البدائية في منطقة سهل الحولة، إنه صنع معصرة بمبدأ عمل غسالة الملابس الأوتوماتيكية. ويضيف أنه بدأ المشروع صغيراً إلى أن وصل إلى وضعه الحالي بعد التوسعة وإضافة جهاز لغسيل الزيتون وجهاز طرد مركزي ومعدات احتياطية أراحت العمال أثناء العمل.

وعن مراحل عمل الآلات، يقول جمعة إن هناك آلة لغسل الزيتون ينقل بعدها لآلة أخرى يطحن بها تسمى "الفرامة"، ومن ثم ينقل لآلة الطرد المركزي التي تقوم بعصر الزيتون المطحون وإخراج الزيت والماء منه.

وفي مرحلة لاحقة تبدأ تصفية الزيت وفصله عن المياه، وهي المرحلة الأعقد، حيث تتم عبر استخدام حلابة الأبقار بعد إجراء تعديلات عليها تمكنها من فصل الماء عن الزيت.



وأضاف: كنا في السابق نتجه بمحصولنا من الزيتون باتجاه المعاصر الحديثة خارج ريف حمص، ولكن مع فرض الحصار لم نعد نستطيع إخراج المحصول ما حتم التفكير بحلول بديلة لإنقاذ المحصول من التلف. وبعد افتتاح المعصرة بات بمقدورنا عصر ثلاثة أطنان من الزيتون خلال اليوم الواحد وتحقيق نسب جيدة أراحت المزارعين.

من جانبه، يوضح عبادة أبو النصر، أحد عمال المعصرة، أن العمال يعانون من صعوبات كثيرة لأن معظم الآلات يدوية وتحتاج لجهد كبير وعمالة ضخمة، بعكس المعاصر الحديثة التي تتطلب عدداً قليلاً من العمالة.

ولفت أبو النصر إلى أنه بالرغم من ذلك، فثمة إقبال جيد على العصر من قبل المزارعين حيث لا بديل آخر، ونسب الزيتون التي تستخرج عبر المعصرة تعتبر جيدة.

يحيى أبو خالد، أحد مزارعي الزيتون، يقول إن المحصول كان يتساقط ويتلف دون أن نقدر على فعل شيء لكن بعد افتتاح المعاصر البدائية بدأنا بجني الثمار، والاستفادة من الزيت لقضاء احتياجاتنا اليومية عبر بيعه أو استخدامه في التغذية. ويقول "صبرنا كثيراً لتصل أشجار الزيتون لمرحلة الإثمار وكان لا بد من الاستفادة منها". ويعرب أبو خالد عن أمله في أن يكفي إنتاج الزيت لهذا العام لسد الحاجات اليومية، ولكن الموسم ليس مبشراً، بسبب ضعف الإنتاج.



وتأتي أشجار الزيتون في المرتبة الأولى من بين الأشجار المثمرة، التي يشتهر بها ريف حمص، وتتراوح أنواعها المزروعة مابين "النيبالي"، و"الكرديو"، و"الصوراني"، وهذا الأخير يعد أفضلها لاستخراج الزيت من حيث الجودة والمذاق.

وبلغ عدد أشجار الزيتون في المنطقة قبل سنوات نحو مليون ونصف المليون شجرة، إلا أن هذا العدد تقلص كثيراً بسبب هجرة المزارعين واندلاع الحرائق جراء استهداف قوات النظام لها، فضلا عن عدم توفر العناية السليمة ووحدات إرشادية تتولى توجيه المزارعين وتزويدهم بالأسمدة والعلاجات الضرورية.

ومن المتوقع أن يبلغ إنتاح الزيت في ريف حمص هذا العام ما بين 20 إلى 25 ألف طن من الزيت بتناقص ملحوظ عن العام الماضي الذي بلغ 40 طناً، وفق مزارعين.

ويسكن ريف حمص الشمالي، نحو 250 ألف شخص بينهم 20 ألف نازح، ويحاصره النظام منذ 5 سنوات، ويتعرض لقصف مدفعي وجوي بشكل متواصل.