منى (واس) : يقع مسجد الحديبية قرب مكة المكرمة على طريق جدة القديم، في مكان يعرف الآن بالشميسي، يبعد قرابة 24 كيلو مترًا من المسجد الحرام وقرابة 2 كيلو متر من حد الحرم، وبني المسجد الحديث بجوار المسجد الأِثري القديم المبني بالحجر الأسود والجص.



وسميت منطقة الحديبية نسبة إلى بئر الحديبية قرب الشجرة التي بايع الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - تحتها ما عرف في التاريخ ببيعة الرضوان، وهناك رواية تعيد التسمية إلى شجرة حدباء كانت في ذلك الموضع، وتعرف الآن بمنطقة الشميسي وتقع إلى الغرب من مكة المكرمة وخارجة عن حدود الحرم.

وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه من المهاجرين والأنصار ومن لحق بهم من العرب وساق معه الهدي وأحرم بالعمرة، إشارة إلى خروجه السلمي، حتى إذا كان بعسفان وهي بلدة صغيرة في شمال مكة المكرمة تبعد عنها بـ 80 كيلو مترًا، جاءه من يخبره بأن قريشاً قد سمعت بخروجه وأعدت العدة لقتاله، فسلك عليه الصلاة والسلام طريقاً مخالفاً حتى إذا وصل إلى ثنية المراد وتعرف اليوم بفج الكريمي، هبط إلى الحديبية على طريق مكة المكرمة - جدة القديم، وعندها بركت ناقة الرسول - صلى الله عليه وسلم - القصوى، فضج الناس وقالوا خلأت القصواء، فرد عليهم - صلى الله عليه وسلم -: ما خلأت، وما هو لها بطبع ولكن حبسها حابس الفيل.



وقال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : " لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة سألونني فيها صلة الرحم إلا أعطيتهم إياها "، وقد بدأ الحوار بين قريش والنبي محمد "صلى الله عليه وسلم"، وانتهى الأمر بكتابة عهد بينهم سمي بعهد الحديبية في المنطقة المسماة الآن بالشميسي .

وفي هذه المنطقة في السنة السادسة للهجرة تمت بيعة الرضوان تحت الشجرة حينما دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس إلى البيعة، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} وقال تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ المُؤْمِنِينَ إذْ يُبَايعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}.



وفي السنة نفسها وقع الصلح بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمشركين لمدة عشر سنين، وكتبه سيدنا علي ابن أبي طالب - رضي الله عنه -، ونقضه المشركون بعد سنتين ما عَجَّلَ بفتح مكة، والصلح معروف بصلح الحديبية.

وتعد منطقة الحديبية اليوم ضاحية من ضواحي مكة المكرمة، وكان يسكنها عدد كبير من القبائل المعروفة ثم هجرتها إلى مكة المكرمة وجدة بحثًا عن المعيشة وفي السنوات الأخيرة انتعشت الحياة من جديد في ضاحية الحديبية وشهدت زحفًا سكانيًا كثيفًا وفي ظل المشروعات التطويرية التي تشهدها مكة المكرمة وتكونت عدة أحياء على يمين وشمال القادم إلى مكة المكرمة .