سليم بدوي (أ ف ب) : يعرض ملف الصحراء الغربية مجددا على محكمة العدل الأوروبية في شقه الاقتصادي، حيث قدمت جبهة بوليساريو طعنا في الاتفاقيات الاتجارية بين الاتحاد الأوروبي والرباط، تتهم فيه المملكة بـ"نهب الموارد الطبيعية" للمنطقة. وفي رد منه، أعلن وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي المغربي ناصر بوريطة أن الرباط تتطلع إلى الدفاع عن "شرعية شراكتها" التجارية مع الاتحاد.



تعقد الثلاثاء والأربعاء جلستا استماع أمام الغرفة التاسعة للمحكمة الأوروبية التي ينبغي أن تنشر موقفها "في غضون أشهر"، للنظر في الطعن الذي تتقدم به بوليساريو بخصوص اتفاقيات بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، تتيح للرباط تصدير منتجات زراعية وأسماك من هذه المستعمرة الإسبانية القديمة.

وبالنسبة إلى جبهة بوليساريو، فإن الأمر يتعلق بوقف "نهب الموارد الطبيعية" للصحراء "خاصة الزراعات التصديرية والفوسفات وصيد الأسماك والسياحة"، حسب تصريح المحامي الفرنسي جيل دوفير الذي يتولى الملف لوكالة الأنباء الفرنسية.

إلا أن وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة أعلن أنه في مواجهة "الاعتداءات القضائية"، فإن الرباط تتطلع إلى الدفاع عن "شرعية شراكتها" التجارية مع الاتحاد الأوروبي.

"معركة قضائية"
وتقود الجبهة "معركة اقتصادية" من خلال عدد من الإجراءات القانونية، خاصة أمام محكمة العدل الأوروبية، وفقاً لتعبير المحامي جيل دوفير.

وقال دوفير إن "تسهيلات الوصول إلى السوق الأوروبية" تساهم في "الإبقاء على الاستعمار" المغربي. وتسعى الجبهة إلى دفع الشركات الأوروبية التي تم تأسيسها في الصحراء الغربية إلى المغادرة.

وأوضح هذا الناشط الذي يدافع عن قضايا بوليساريو منذ أكثر من عشر سنوات، أنه يعتزم "جعل القانون الدولي ينتصر" في وجه الاتفاقات المبرمة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب. وقال "نعتمد الأسس القانونية نفسها وهي غياب سيادة المغرب، حق تقرير المصير و(إظهار) الطابع التمثيلي لجبهة بوليساريو بصفتها حركة تحرر وطني".

وللعامل المالي بعد مهم في هذه القضية. ففي 2019، صدر المغرب إلى الاتحاد الأوروبي منتجات من الصحراء الغربية، وخاصة من الأسماك، تبلغ قيمتها ما يوازي 435 مليون يورو، بحسب دراسة نشرتها المفوضية الأوروبية في كانون الأول/ديسمبر 2020. ولم تشر الدراسة إلى أي رقم حول مادة الفوسفات التي تعد موردا مهما آخر في المنطقة.

"مقاربة براغماتية"
وكانت جبهة بوليساريو قد فازت بجولة نهاية 2016 عندما قضت محكمة العدل الأوروبية أن اتفاق التجارة الحرة بين المغرب وشريكها التجاري الرئيسي الاتحاد الأوروبي، لا يمكن أن يطبق في الصحراء الغربية.

إلا أنّ جيل دوفير يرى أنّ البرلمان الأوروبي التفّ على ما خلصت إليه المحكمة من خلال اعتماده في كانون الثاني/يناير 2019 نصا يوسع إلى الإقليم المتنازع عليه الرسوم الجمركية التفضيلية الممنوحة بموجب اتفاق موقع في 2013 بين الاتحاد الأوروبي والمغرب.

ورأت المفوضية الأوروبية في الدراسة المنشورة في كانون الأول/ديسمبر 2020، أن هذا الاتفاق الجمركي بين أوروبا والمغرب "عامل رئيسي للحفاظ أو حتى زيادة معدل التوظيف" في الصحراء الغربية، وبالتالي فهو يشكل "مكسبا قوي لتقليل ضغط الهجرة، خاصة في أوقات الأزمات".

وأضافت الدراسة أن هذه "المقاربة البراغماتية" أسهمت أيضا في إرساء "حوار إيجابي" مع الرباط حول ملف حقوق الإنسان، حيث "ما زال عدد معين من التحديات" ماثلا.

وتبلغ مساحة هذه المنطقة الصحراوية الشاسعة 266 ألف كيلومتر مربع، وتقع في شمال موريتانيا، وهي آخر أراضي القارة الأفريقية التي لم يتم تسوية وضعها في حقبة ما بعد الاستعمار. ويسيطر المغرب على أكثر من 80% من مساحتها غربا، فيما تسيطر جبهة بوليساريو على أقل من 20% شرقا، ويفصل بينهما جدار رملي ومنطقة عازلة تشرف عليها قوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة.