مدريد - واس : يقف قصر الحمراء في أسبانيا بشموخ ليشهد على حضارة إسلامية أنارت العالم بالعلم والمحبة والسلام والتعايش بين جميع البشر ويكون شاهدا على عظمة الإسلام والمسلمين والنور الذي حملوه للعالم.



تحدث قصر الحمراء الشامخ في مقاطعة الأندلس في مملكة أسبانيا بهمسات تعبق بتاريخ مضى ليحكي عصر حضارة قدمت للبشرية إبداعات في مجالات العلوم والمعارف والأدب والفكر وأسهمت في بناء ما نشاهده اليوم من تقدم علمي وتقني وأدبي.

وأفاد الدكتور زياد أعظم، المتخصص في العمارة والعمران والباحث في دراسات المكان والمجتمع لوكالة الأنباء السعودية وهو ينقل تلك الصورة لما شاهده الشباب السعودي الذي يزور أسبانيا ويقول إن قصر الحمراء الشامخ في غرناطة هو نموذج رائع للفكر الثقافي في الأندلس يجب أن يصل إلى شباب الوطن.

وقال الدكتور زياد أعظم وهو أحد المشرفين العلميين لمنتدى حوار الشباب السعودي الأسباني إن قصر الحمراء في غرناطة هو تجسيد للفكر الثقافي الأندلسي في أرقى أشكال الإندماج بين العمارة والكلمة، وبين الإنسان والمكان، وبين الطبيعة والحضارة. ففي كل علاقة مكانية تجد هناك فكراً منقوشاً بكلمات شعرية أو آيات قرآنية وكأن الجدران تحدث الإنسان بأنك 'ستعرف عن وجودي إن أنت تأملت جمالي'.



وأشار إلى أن 'التوريق' داخل 'التسطير' أو الرسم النباتي داخل الرسم الهندسي المتناظر في دقة التنسيق على جدران القصر وأروقته وقببه كان مكتمل الألوان، حيث يمثل هذا الإندماج الزخرفي الزاهي في مجموعه حديقة من الفكر الإنساني تُحلِّق على أعمدة وأرضيات رخامية بيضاء تحمل الجمال المادي والفكري في آن واحد.

وأضاف الدكتور أعظم أن جمال قصر الحمراء لا يكمن في تناظر وتناسق كتله وفراغاته وبهجة ألوانه فحسب، بل في تكامله بالفكر الثقافي الراقي لذلك الإنسان المسلم بأن 'لا غالب إلا الله' كتبت على كل جدار لترمز إلى غلبة الله وكماله، رغم جسور الإبداع الإنساني.

وأبان أن جمال القصر يكمن أيضاً في أن الزوايا البصرية التي يتفاعل فيها الإنسان مع هذا الجمال تنطلق من الجلسات الأرضية على سجاجيد وفرش توضع حسب الحاجة وتبعاً لدرجة الحرارة ونسمات الهواء والإتجاه البصري. وهذا التواضع في الإستخدامات الداخلية للمكان تنعكس أيضاً على خارج القصر الذي يظهر بسيطاً هادئاً متناغماً مع الطبيعة والبيوت في أسفل الوادي، رغم شموخه وإعتزازه.



وخلص الدكتور أعظم إلى أن هذا الفكر الثقافي الأندلسي المسلم المتكامل في أرقى تكوين هو من إرثنا العربي المسلم، وهو تاريخ نكتبه اليوم.

وتأتي زيارة قصر الحمراء بغرناطة ضمن فعاليات منتدى حوار الشباب السعودي الأسباني المنعقدة فعالياته حاليا في مملكة أسبانيا، وجاءت زيارة القصر من أهم برامج المنتدى والذي يقف شامخا ليشكل معلما تاريخيا بارزا جعله مقصدا للزوار من جميع أنحاء العالم لما أحتواه من فنون معمارية وهندسية ومرحلة تاريخية مهمة في القارة الأوروبية، وحافظ القصر خلال تاريخه الطويل على معالمه بشموخ وعزة ومنظر مهيب يعكس الأثر العميق للحضارة الإسلامية.

ويعد الأسبان التراث الإسلامي من تراثهم وجزءً من حضارتهم وتاريخهم فبرعوا في المحافظة على المناطق التاريخية وحماية الهوية العمرانية رغم مرور قرون طويلة وتعاقب حضارات متنوعة. وكانت الرسومات الهندسية بقصر الحمراء لها دلائل إيمانية وهندسية وحضارية لا توجد في مكان أخر. وأعجب وفد الشباب السعودي الزائر بما شاهده من فن العمارة والهندسة والإبداع في قصر الحمراء الذي يعد علامة تاريخية بما حواه من عجائب في بنائه وزخرفاته وكتابته بالآيات القرآنية الكريمة والأشعار والرسومات الرياضية ذات الدلالات الهندسية أكدت على تقدماً كبيراً سبق عصره في مجال علوم الهندسة والعمارة والتخطيط، والذي يجذب سياحا يقدر عددهم مليوني زائر سنويا، مما يجعله من أكثر الأماكن التاريخية زيارة في أسبانيا وأوروبا.



وتأتي زيارة مدينة غرناطة وقصر الحمراء وغيرها من المدن التاريخية جزءً مهماً من فعاليات منتدى حوار الشباب السعودي الأسباني لما لهذه المدن من أهمية معمارية تاريخية، حيث استطاعت مملكة أسبانيا المحافظة على الهوية العمرانية لتلك المدن والمواقع التاريخية وهو ما يتضمنه محور المنتدى الذي يتناول الهوية العمرانية والحفاظ عليها.

مما يذكر أن المنتدى يأتي برعاية من وزارة الخارجية وبالتعاون العلمي مع هيئة السياحة والآثار، ويرأس الوفد معالي وكيل وزارة الخارجية الدكتور يوسف بن طراد السعدون ويرافقه 24 شابا وشابة من أكاديميين وأساتذة متخصصين بالعمارة والمهتمين بها ومن مختلف المراحل الدراسية ومناطق المملكة، حيث يجري الشباب حوارات مع نظرائهم الأسبان حول الهوية العمرانية والحفاظ عليها والعديد من الموضوعات الثقافية والعلمية والرياضية وغيرها من الموضوعات التي تهم الشباب في كلا البلدين، وستتوج الحوارات بمبادرات علمية ترفع لقادة المملكة العربية السعودية ومملكة أسبانيا والأمم المتحدة وتتعلق بموضوع المنتدى الرئيس.






















موقع الأندلس التايخي




صور التقرير من وكالة الأنباء السعودية - واس