بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الدولة السعودية الأولى
( 1157 ـ 1233هـ / 1744 ـ 1818م )
وصف المؤرخون الحالة السياسية و الاجتماعية في الجزيرة العربية في أوائل القرن الثاني عشر الهجري ( الثامن عشر الميلادي ) بالتفكك و انعدام الأمن وكثرة الإمارات المتناثرة مما أوجد حالة من الفوضى وعدم الاستقرار السياسي إضافة إلى ضعف الوازع الديني بسبب انتشار البدع و الخرافات و مهدت هذه الحالة لعقد اللقاء التاريخي بين حاكم الدرعية وأميرها محمد بن سعود بن محمد بن مقرن وبين الإمام المجدد المصلح الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
حيث كان الإمام محمد بن سعود قد تولى إمارة الدرعية في 1139هـ / 1727 م بعد مقتل أميرها زيد بن مرخان بن وطبان ، و أسس إمارة قوية أصبحت فيما بعد مركزا لانطلاقة تأسيس الدولة السعودية الأولى
و كان اللقاء الذي تم في عام 1157هـ / 1744م إيذانا بقيام الدولة السعودية الأولى حيث تبايع أمير الدرعية محمد بن سعود و الشيخ محمد بن عبد الوهاب على العمل لتصحيح العقيدة ، و تطبيق الشريعة الإسلامية و تحقيق التوحيد ، و أن يكون الأمير محمد بن سعود إماما للمسلمين وذريته من بعده ، و هو ما عرف باتفاق الدرعية.
و لقد لفت ظهور الدولة السعودية الأولى و ازدهارها و اتساع نفوذها و قوتها نظر الدولة العثمانية التي فقدت الحرمين الشريفين فقررت العمل على القضاء على الدولة السعودية الأولى ـ فاتجهت إلى واليها في مصر محمد على باشا بعد فشل محاولاتها من خلال ولاتها في العراق و الشام ـ و أسندت إليه المهمة ، و جاءت أولى حملاته بقيادة أحمد طوسون بن محمد على باشا في عام 1226هـ / 1811م ـ و واجـه القوات السعودية بقيـادة الإمام عبدالله بن سعود في وادي الصفراء و انهزم الجيش المصري و رجع إلى ينبع.
و في جمادى الآخرة 1233هـ / أبريل 1818م حاصر إبراهيم باشا الدرعية ، و بعد عدد من المواجهات و المعارك بين جيوش إبراهيم باشا و قوات الدرعية ، و باستخدام المدافع تمكن إبراهيم باشا من هزيمة القوات السعودية بعد معارك كثيرة ، و قصف إبراهيم باشا الطريف ، و استسلم الإمام عبد الله بن سعود في 8 ذي القعدة 1233هـ / 1818م بعد حصار شديد دام ستة أشهر ، و بهذا انتهت الدولة السعودية الأولى التي امتد نفوذها إلى معظم أنحاء الجزيرة العربية مؤسسة بذلك أول دولة حديثة في منطقة الجزيرة العربية منذ صدور الإسلام.

[أعلى الصفحة]

الدولة السعودية الثانية
( 1240 ـ 1309هـ / 1824 ـ 1891م )
على الرغم من الانتصار العسكري الذي حققته قوات محمد على باشا على الدولة السعودية الأولى، فإنها لم تتمكن من القضاء على مقاومات الدولة السعودية، حيث ظل الأهالي في المنطقة على ولائهم لأسرة آل سعود وللدعوة السلفية، وتجلى هذا واضحا عندما علم أهالي نجد بنجاح الأمير مشارى بن سعود في الهرب من قوات إبراهيم باشا ووصوله إلى الوشم عام 1235هـ / 1820م، حيث لقي تأييدهم ولقي منهم كل عون ومساعدة وانضم إليه أهالي القصيم والزلفى وثرمداء، واتجه إلى الدرعية حيث بايعه أميرها محمد بن مشارى ابن معمر، الذي سرعان ما نقض البيعة، وتمكن من دخول الدرعية، وقبض على الأمير مشارى بن سعود وسلمه للحامية العثمانية، حيث توفى بالسجن في عنيزة عام 1236هـ 1820م.
عقب القبض على الأمير مشارى بن سعود فر الأمير تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود من الرياض التي كان أميرا عليها، وبدأ في الإعداد لتأسيس الدولة السعودية وبنائها من جديد على الأسس نفسها التي قامت عليها الدولة السعودية الأولى، وشهد عام 1238هـ 1822م استئناف الأمير تركي بن عبد الله إعادة تأسيس الدولة السعودية وجعل الرياض عاصمة لها ليعود الاستقرار إلى المنطقة مرة أخرى، حيث ابتدأ حكمه سنة 1240هـ 1824م عقب استسلام الحامية العثمانية المصرية بالرياض له. وفي عام 1249هـ / 1834م اغتيل الإمام تركي بن عبد الله بمؤامرة من ابن أختـه مشارى بن عبد الرحمن بن حسن بن مشارى وكان قبل ذلك قد نجح في الهروب من مصر حيث كان ضمن أفراد أسرة آل سعود الذين نقلوا إلى القاهرة مع القوات العثمانية المصرية بعد القضاء على الدولة السعودية الأولى وهدم الدرعية، ولم يستمر حكم الأمير مشارى سوى أربعين يوما، حيث استرد الحكم منه فيصل بن تركي بن عبد الله الذي بدأت فترة حكمه الأولى عام 1250هـ/ 1834م.
وفي عـام / 1252هـ/ 1836م وجه محمد على باشا حملة جـديد بقيـادة إسماعيل بك وخالد بن سعود بن عبد العزيز حيث دخلوا الرياض دون قتال وذلك بعد انسحاب الإمام فيصل حيث توجه إلى الخرج ثم الأحساء ونزل في الرقيقة ثم في قصر الكوت. وتولى خالد ابن سعود الحكم وتمكن بمساعدة القوات العثمانية المصرية من فرض سيطرته، ثم سار بالقوات التي أرسلها محمد على إلى جنوب نجد لإخضاعها إلا انهم هزموا وعادوا إلى الرياض.
واستمرت المناوشات بين القوات السعودية وقوات محمد على وتولى القائـد العسكري خور شيد باشا الذي جاء على رأس حملة من مصر قيادة قوات محمد على ضد قوات الإمام فيصل في الدلم، حيث انتصرت قوات محمد على وأسر الإمام فيصل وأرسل إلى مصر وانتهت بذلك فترة حكم الإمام فيصل الأولى في رمضان 1254هـ / 1838م.
وفي عام 1256هـ / 1840م وبموجب معاهدة لندن سحب محمد على قواته من الجزيرة العربية وبلاد الشام، فلم يتمكن خالد بن سعود من السيطرة على مقاليد الأمور، واستطاع عبد الله بن ثنيان بن إبراهيم بن ثنيان بن سعود بن محمد بن مقرن من الإمساك بزمام الأمور في الرياض ـ واستمر في منصبه حتى عام 1259هـ / 1843م وهوالعام الذي تمكن فيه الإمام فيصل بن تركي من الهروب من سجنه في مصر وبدخول الإمام فيصل إلى الرياض عام 1259هـ / 1834م بدأت فترة حكمه مرة ثانية، وتعد فترة حكم الإمام تركي وفترتا حكم ابنه الإمام فيصل الأولى والثانية مرحلة تكوين الدولة السعودية الثانية ثم نضجها وقد سارت على منهج الدولة السعودية الأولى وسياستها.
وفي 21 من شهر رجب عام 1282هـ / 11 من ديسمبر عام 1865م توفى الإمام فيصل بن تركي بن عبد الرحمن بن محمد بن سعود _ رحمه الله _ ولم يمض وقت طويل حتى عصفت الفتن الداخلية والمؤامرات الخارجية بالبلاد، فأحتل الأتراك العثمانيون منطقة الأحسـاء ( المنطقة الشرقية _ حاليا ) وشـددت بريطانيا قبضتها على مشيخات الخليـج في حين استغل محمد بن عبد الله بن رشيد _ الذي تولى إمارة حائل عام 1289هـ/ 1873م _ هذه الظروف وبدأ يخطط للاستيلاء على السلطة في نجد، وسار بجيشه ليحقق هذا الغرض، فقام الإمام عبد الرحمن الفيصل بالاستعداد لصد هجومه وقاد قواته متجهاً نحوالقصيم، ولكنه علم بهزيمة أهل القصيم في معركة المليداء عام 1308هـ/ 1890م، فعاد إلى الرياض، وتعد موقعة المليداء من المعارك الفاصلة في النزاع بين آل سعود وآل رشيد.
بعد عودة الإمام عبد الرحمن إلى الرياض خرج بأسرته إلى المنطقة الشرقية، ثم عاد إلى الرياض _ بعد أن كوّن جيشاً من أنصاره خرج به إلى المحمل ليصد به زحف ابن رشيد على الرياض فالتقى الجيشان قرب حريملاء في صفر عام 1309هـ / سبتمبر عام 1891م فهزم جيش الإمام عبد الرحمن وقتل عدد من رجاله، وواصل ابن رشيد زحفه على الرياض وأمر بهدم سورها وقصري حكامها القديم والجديد. وبهذا انتهى عصر الدولة السعودية الثانية. أما الإمام عبد الرحمن فبعد هزيمته لحق بأسرته في منطقة الأحساء ثم اتجه إلى قطر وكاتب الدولة العثمانية طالباً منها الإذن له بالإقامة في الكويت فوافقت، فسار إلى الكويت بأسرته عام 1310هـ / 1892م.

[أعلى الصفحة]

الدولة السعودية الثالثة
المملكة العربية السعودية
في اليوم الخامس من شهر شوال عام 1319هـ الموافق الخامس عشر من شهر يناير 1902م تمكن الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود من استرداد الرياض والعودة بأسرته إليها لكي يبدأ صفحة جديدة من صفحات تاريخ الدولة السعودية، ويعد هذا الحدث التاريخي نقطة تحول كبيرة في تاريخ المنطقة نظرا لما أدى إليه من قيام دولة سعودية حديثة تمكنت من توحيد معظم أجزاء شبه الجزيرة العربية، وتحقيق إنجازات حضارية واسعة في شتى المجالات.
فعندما بادر الملك عبد العزيز بإعادة بناء الدولة السعودية ظهر ولاء المنطقة وسكانها لأسرة آل سعود التي تتمتع بتاريخ عريق وجذور قوية تضرب في عمق تاريخ المنطقة القديم والحديث.
وشهد يوم السابع عشر من شهر جمادى الأولى عام 1351هـ الموافق التاسع عشر من شهر سبتمبر عام 1932م صدور أمر ملكي أعلن فيه توحيد البلاد وتسميتها باسم ( المملكة العربية السعودية ) ابتداء من يوم الخميس 21جمادى الأولى عام 1351هـ / الموافق 23 سبتمبر 1932م ( الأول من الميزان ) وتوج هذا الإعلان جهود الملك عبد العزيز الرامية إلى توحيد البلاد وتأسيس دولة راسخة تقوم على تطبيق أحكام القران والسنة النبوية الشريفة وبهذا الإعلان تم تأسيس المملكة العربية السعودية التي أصبحت دولة عظيمة في رسالتها وإنجازاتها ومكانتها الإقليمية والدولية، وحـدد بعد ذلك الأول من الميزان الموافـق للثالث والعشرين من شهر سبتمبر ليصبح اليوم الوطني للمملكة.