تداول الأسهم السعودية

• مؤشر (تاسي) الأربعاء • إغلاق 12,607.98 نقطة - • ارتفاع 22.44 نقطة • ارتفاع 155 شركة • انخفاض 62 شركة • قيمة تداول 7.3 مليار • كمية تداول 294 مليون سهم
النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: اقتناض القرآن

  1. #1

    افتراضي اقتناض القرآن

    {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ }الأنعام1
    الحمد لله الذي ألف بين قلوبنا وهدانا إلى طاعته ولولاه ما اهتدينا .

    أحمدك اللهم وأنت أهل الحمد والثناء جمعتنا على الإسلام وأخرجتنا من الظلمات إلى النور ورزقتنا حب الصالحين {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }الأنفال63
    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في عبادته كما أنه لا شريك له في ملكه { وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }آل عمران103
    وأشهد أن محمدا عبدالله ورسوله الذي بشرنا بنصرة هذا الدين وبلوغه للناس أجمعين فقد خرج أحمد في مسنده
    عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِىِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلاَ يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلاَ وَبَرٍ إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الإِسْلاَمَ وَذُلاًّ يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ ». وَكَانَ تَمِيمٌ الدَّارِىُّ يَقُولُ قَدْ عَرَفْتُ ذَلِكَ فِى أَهْلِ بَيْتِى لَقَدْ أَصَابَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمُ الْخَيْرُ وَالشَّرَفُ وَالْعِزُّ وَلَقَدْ أَصَابَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ كَافِراً الذُّلُّ وَالصَّغَارُ وَالْجِزْيَةُ.
    صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه واهتدى بهديه إلى يوم الدين وبعد :
    إخواني في الله
    أحييكم بتحية الإسلام
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    قبل أن أبدأ محاضرتي اليوم أحب أن أشير إلى أمر هام وهو أنني لا أدافع عن القرآن الكريم بل القرآن الكريم قوي ذو حجج بالغة معجز في لفظه وبيانه ولكني فقط أريد بمحاضراتي هذه أن أوجه رسالتين : الأولى إلى كل مسلم ومسلمة لأقول لهم هذا هو كتاب ربكم اعتزوا به يعزكم الله وتعلموا منه ففيه علم الأولين والآخرين ومن تمسك به هدي إلى صراط مستقيم .
    والرسالة الثانية لأولئك المغرضين من اليهود والنصارى والملحدين والشيوعيين والعلمانيين ومن وافقهم ورأى رأيهم وتعلق بركابهم أن القرآن الكريم كلام الله المعجز المتحدى بأقصر سورة منه منذ قرون خلت وبقي القرآن هو القرآن شامخا يغض الطرف عن الجهلاء الذين بقوا على جهلهم وخسروا التحدي

    {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً }الإسراء88

    ورغم عجزهم وخسارتهم لم يهتدوا إلى الحق لأن الله وعدهم بالنار ووعد الله أمرا مفعولا فطمس الله على قلوبهم وعلى أبصارهم وعلى أسماعهم وسيظلوا كذلك إلا من سبق له من الله الهداية وصدق الله العظيم :

    {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }الأعراف179

    هذا وليعلم الناس جميعا أن القرآن الكريم دقيق في اختيار مفرداته واستعمال مصطلحاته ... وكلما أمعنََّا الفكرَ في أسرار الألفاظ عند استعمالها في أساليب القرآن الكريم ، ودققنا النظر فيها في آيات الذكر الحكيم ، واستوفينا الكشف عنها في التعبير القرآني وقعنا على أسرار عظيمة ووجدنا لطائفَ عجيبة.

    ومن هذه الأسرار واللطائف والعجائب ما ورد في سورة يوسف( عليه السلام ):

    قال تعالى :{فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ( 70) قَالُواْ وَأَقْبَلُواْ عَلَيْهِم مَّاذَا تَفْقِدُونَ (71) قَالُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ( 72) قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ (73) { قَالُواْ فَمَا جَزَآؤُهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ } (74 ) قَالُواْ جَزَآؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ( 75) فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاء أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاء أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مِّن نَّشَاء وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (76)}.
    أيها الإخوة والأخوات :-
    هيا بنا لنقف على سر من أسرار التعبير القرآني عند الحديث عن : (السِّقَايَةَ ) و ( صُوَاعَ ) .
    فالسقاية هي : الصواع في الواقع نفس الأمر.
    لكن الله قد غاير في التعبير عنها
    فـفي الآية رقم (70) قال : ( السِّقَايَةَ ) .
    وفي الآية رقم (72) قال : (صُوَاعَ ) .
    فلماذا غاير بينهما مع أن الحديث عن شيء واحد ؟
    والجواب والله أعلم :-
    في الآية الأولى جاء التعبير بكلمة (السِّقَايَةَ ) لأنها تحمل في ثناياها جلب المصلحة والإبقاء على الحياة لأنها تُستعمل في الماء عند العطش أو تناول الدواء ، وكأني بالقرآن وقد أَتَى بهذه الكلمة ليخبرنا أن يوسفَ (عليه السلام) عندما وَضَع السقاية في رَحْل أخيه (بنيامين) كان يقصدُ شيئاً فيه صلاح أمره، وأن عاقبة ذلك تؤول إلى أمن واطمئنان.
    أما في الآية الثانية فجاء بكلمة( صُوَاعَ ) لأنها أنسب من كلمة (السِّقَايَةَ) لأنها تحمل معنى التفرقة وذلك لأن الصواع يفرق الحبوب بين المشترين لها ، وكأني بالقرآن حينما عَبَّر بهذه الكلمة يريد أن يشير إلى أن تَفَرُّقاً بين الإخوة سيتبَعُ هذا الحدَث وهو ما قد وقع بالفعل حيث أَخَذَ يوسفُ (عليه السلام) أخاه (بنيامين) فافترقَ عن إخوته ....
    فسبحان مَن هذا كلامُه ...

    والآن نبدأ المحاضرة على بركة الله فأقول مستعينا بالله تعالى

    كنا قد تحدثنا من قبل حول قضية جمع القرآن الكريم في عهد أبي بكر وفي عهد عثمان بن عفان - رضي الله عنهما- وقد بينا لكم أن ما يردده أعداء الإسلام من الخوض في جمع القرآن الكريم بحجة النيل منه واتهام المسلمين بالتحريف للقرآن كما حدث في كتبهم لا أساس لهم من الصحة وأن النص القرآني محفوظ بحفظ الله له لقوله تعالى {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }( الحجر9) كما تعرضنا أيضا لنقط القرآن الكريم وتشكيله وعلامات الوقف وتنسيق المصحف وتقسيمه إلى أجزاء وأحزاب وأرباع وأن ذلك تم لخدمة كتاب الله الكريم دون تحريفه من قريب أو من بعيد كما يزعم أعداء الإسلام وقلنا في نهاية اللقاء السابق أن تاريخ القرآن الكريم منذ بداية نزوله معلوم لنا ومعروف حتى قال ابن عباس والله ما من آية في كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت وفيمن نزلت .
    وقد أعجبني ما قاله أخي الحبيب فضيلة الشيخ بكر صالح محمد في مقال له حول الرسم العثماني :
    وأما عن رسم المصحف فهو توقيفي لا يجوز تغييره بحال من الأحوال ، كما لا تجوز كتابته بالطرق الإملائية ولا بغير العربية ، كما أن رسم المصحف على هذه الكيفية إنما كان لعلل وأسرار كثيرة.....
    وقد وقف بعض العلماء على حكم وأسرار كثيرة لبعض الكلمات وكتابتها برسم وهيئة معينة ... كما لا يزال منها لمَّـا يُعلم بعد ..
    وإليكم بعض الأمثلة ليتبين من خلالها مدى الدقة في كتابة القرآن الكريم .
    أولا: تأمل معي هاتين الكلمتين : ( لأعذبنه – لأاذبحنه ) في الآية رقم (21) من سورة النمل
    {لأعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لأاَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ}وافتح مع السورة في المصحف وانظر إليهما جيدا ... فستجد أن كلمة : ( لأعذبنه خالية من حرف ( الألف ) بعد لأ) ، أما لأاذبحنه فستجد ( ألفا ) بعد لأ ) فما الحكمة من ذلك ؟
    الحكمة والله أعلم : للدلالة على أن المؤخر أشد من المقدم فالذبح أشد من العذاب .
    ثانيا: زيادة الياء في قول الله تعالى : {وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَييْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} (47) سورة الذاريات
    وأطلب منك أن تفتح المصحف لتراها .
    والحكمة من زيادتها : للفرق بين ( الأيد ) بمعنى القوة ، والأيدي التي هي جمع يد ، ولا شك أن القوة التي بني الله بها السماء هي أحق بالثبوت في الوجود من الأيدي ...
    قال ابن عباس ( رضي الله عنه ) بأيــيــد : أي بقوة وقدرة ...
    هذا وقد اختلف العلماء : هل الياء الزائدة هي الأولى أم الثانية ، والذي عليه العمل في المصاحف الآن : أن الثانية هي الزائدة ولذلك وضع الصفر المستدير عليها كما هي قواعد الضبط .
    ثالثا: ( سبب ورود كلمة إبراهيم في سورة البقرة بدون الياء بعكس باقي القرآن )فلقد وردت كلمة
    ( إبراهيم ) في سورة البقرة 6 مرات بدون الياء ، بينما وردت 63 مرة في بقية المصحف بالياء
    فما سر ذلك ؟
    الحكمة والله أعلم ..
    1. أن الرسم العثماني روعي فيه مطابقة اللفظ لكل القراءات الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم وفي سورة البقرة قريء إبراهيم وقريء إبراهام قرأها ابن عامر بخلف عن ابن ذكوان وهي قراءة متواترة ولم يقرأ هذا اللفظ بهذه الطريقة إلا في سورة البقرة فقط .
    2. وقيل في توجيه هذه القراءة أن سورة البقرة معظم حديثها لبني إسرائيل وبنو إسرائيل ينطقونها هكذا إبراهام .
    هذا والله أعلم هناك بعض الكلمات في القرآن قد كتبت بالتاء المربوطة وأحيانا بالتاء المفتوحة كالكلمات ( نعمة رحمة - كلمة - بقية) وغيرها من الكلمات
    لا خلاف بين القراء في الوقف على الكلمات التي جاءت تاؤها مربوطة ، فيقفون عليها بالهاء مثل قول الله تعالى : {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} (53) سورة النحل فعند الوقف نقول : وما بكم من نعمه.. بالهاء الساكنة .

    أما ما رسم بالتاء المفتوحة ففي الوقف عليه للقراء وجهان :
    أحدهما : الوقف بالهاء كما هو الأصل في الوقف على تاء التأنيث وهو : إبدالها هاء.
    ثانيهما : الوقف بالتاء اتباعا لرسم المصحف .
    وبذلك يتبين أن الصحابة - رضي الله عنهم - فرقوا بين بعض الكلمات ، فرسموا بعضها بالهاء ، وبعضها بالتاء لتحتمل المرسومة بالتاء المفتوحة قراءتين ، بخلاف المرسومة بالهاء( التاء المربوطة ) فلا تحتمل إلا وجها واحدا .
    فائدة : ومن الكلمات التي جاء رسمها بالتاء المفتوحة والمربوطة كلمة : ( امرأت )
    وتوجيه ذلك : أن كل امرأة أضيفت إلى زوجها فتاؤها مفتوحة كـ(امرأت فرعون وامرأت عمران وامرأت نوح وامرأت لوط ) أما من لم تضف إلى زوجها فتاؤها مربوطة كقول الله تعالى {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا ...} (128) سورة النساء
    {...وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ ....} (50) سورة الأحزاب
    وانظر في المصحف لتشاهد ذلك ... فسبحان من هذا كلامه ...

    ومع ذلك فما برح أعداء الإسلام - قديمًا وحديثًا - يتربصون بهذا الدين الدوائر، ويحاولون - ما وسعهم - الطعن به، والتشكيك فيه. وقد دأب علماء هذه الأمة - المتقدمين منهم والمتأخرين - على التصدي لهذه المحاولات التشكيكية، والرد عليها، والكشف عن زيفها وزيغها، والإبانة عن حقيقتها وغايتها، مستهدين في ذلك بقوله - سبحانه وتعالى -: {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (التوبة: 32(

    ولعل القراءات القرآنية كانت من أكثر المجالات وأخصبها للطاعنين بهذا الدين، والمشككين بأمره، وكانت من جملة المداخل التي حاول أعداء هذا الدين الولوج منها، لتحقيق مآربهم، وتنفيذ أغراضهم.

    وكان من جملة الشبه التي أثيرت حول القراءات القرآنية - وهي من الشبه القديمة الحديثة - شبهة تقول: إن اختلاف القراءات القرآنية يدل على اضطراب في النص القرآني، ويخالف أيضًا ما نص عليه القرآن من عدم وجود اختلاف فيه، كقوله - تعالى -: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً} (النساء: 82) وقوله كذلك: {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ} (فصلت: 42.(
    وقد عبَّر ابن قتيبة - قديمًا - عن هذه الشبهة، فقال - رحمه الله -: "..وكان مما بلغنا عنهم أنهم يحتجون بقوله - عز وجل -: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً} وبقوله: {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ} وقالوا: وجدنا الصحابة - رضي الله عنهم - ومن بعدهم يختلفون في الحرف... والقراء يختلفون؛ فهذا يرفع ما ينصبه ذاك، وذاك يخفض ما يرفعه هذا، وأنتم تزعمون أن هذا كله كلام رب العالمين، فأي شيء بعد هذا الاختلاف تريدون، وأي باطل بعد هذا الخطأ واللحن تبتغون؟!!.

    وظاهر مما تقدم أن هذه الشبهة ذات شقين، الأول: يعتبر اختلاف القراءات اضطراب في نص القرآن، والثاني: يرى أن اختلاف القراءات يخالف ما أخبر الله به عن كتابه الحكيم، من نفي وجود الاختلاف فيه.
    وفي الرد على الشق الأول من هذه الشبهة، نقول: إن معنى الاضطراب في النص: هو وروده على صور مختلفة أو متضاربة، لا يُعرف الصحيح الثابت منها، أما وروده على صور كلها صحيح، فليس في ذلك شيء من الاضطراب.
    ثم إن قراءات القرآن المعتمدة، وإن اختلفت في النص الواحد قراءة، غير أنها كلها مقطوع بثبوتها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإذا ثبتت القراءة سنداً ونقلاً، فلا مجال لردها أو إنكارها.
    كما أن فيما أخبر به - عليه الصلاة والسلام - من أن (القرآن نزل على سبعة أحرف) والإذن بقراءته حسب ما تيسر من ذلك، ما يُثبت مشروعية القراءات القرآنية، وعدم الالتفات إلى قول من قال بخلاف ذلك.
    وقد ردَّ ابن حزم - رحمه الله - على هذه الشبهة، بقوله: "... فليس هذا اختلافًا، بل هو اتفاق منا صحيح ؛ لأن تلك الحروف وتلك القراءات كلها مبلَّغ بنقل الثقات إلى رسول الله صلى الله وسلم أنها نزلت كلها عليه، فأي تلك القراءات قرآنًا فهي صحيحة، وهي محصورة كلها مضبوطة معلومة، لا زيادة فيها ولا نقص ".
    فحاصل الرد هنا: أن اختلاف القراءات ليس من قبيل الاضطراب وعدم الثبات، كما يدعي ذلك الذين في قلوبهم زيغ، والذين يريدون أن يصدوا عن السبيل، بل جميع ذلك حق ويقين ثابت، أعلمنا به الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
    أما الرد على الشق الثاني من هذه الشبهة، فجوابه ما أسلفنا من إخباره - صلى الله عليه وسلم - (أن القرآن نزل على سبعة أحرف كلها شافٍ كافٍ، فاقرؤوا ما تيسر) وهذا المعنى بلغ مبلغ التواتر في هذه الأمة؛ ووجه دلالته: أن القرآن نزل على سبع لغات من لغات العرب، رحمة ورأفة بهم ، إذ لو كلِّفوا بقراءته على لغة واحدة لشق الأمر عليهم، ولَدَخَلَهم من العنت ما جاء الشرع الحكيم لرفعه عنهم؛ ولأجل هذا سأل - صلى الله عليه وسلم - ربه التخفيف في ذلك فأجابه إليه.
    ثم يقال أيضًا: إن الاختلاف - كما يقول أهل العلم - نوعان، اختلاف تغاير وتنوع، واختلاف تباين وتضاد؛ فأما اختلاف التضاد فلا يجوز في القرآن بحال، وهو غير موجود فيه عند التحقيق والتدقيق. وأما اختلاف التغاير والتنوع فهو جائز وواقع، واختلاف القراءات من هذا الباب. ففيه القراءة بالإمالة والتفخيم، والقراءة بالمد أو القصر، والقراءة بالهمز أو التسهيل، ونحو ذلك من القراءات الثابتة نقلاً متواترًا، لا شك في صحة ثبوتها.
    يقول ابن تيمية - رحمه الله - في هذا المعنى: " ولا نزاع بين المسلمين أن الحروف السبعة التي أنزل القرآن عليها لا تتضمن تناقض المعنى وتضاده، بل قد يكون معناها متفقاً أو متقارباً، كما قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: إنما هو كقول أحدكم: أقبل، وهلمَّ، وتعال.. ".
    وبناء على ما تقرر آنفًا، نقول: إن القراءات القرآنية الثابتة، ولو تغايرت في المعنى واللفظ، فكلها حق باتفاق المسلمين، ويجب الإيمان بها كلها، والعمل على وفقها؛ أما الاختلاف الذي نفاه الله - تعالى -عن القرآن فهو اختلاف التضاد والتناقض، وشتان بينهما ...

    هذا هو ما عندنا . فما هو الذي عندكم من تاريخ الكتاب المقدس بعهديه. القديم (التوراة) التي بين أيدي اليهود الآن ، والجديد (الأناجيل) التي بين أيدي النصارى الآن .
    ما الذي تعرض له الكتاب المقدس في تاريخه الأول المقابل لفترة تاريخ القرآن ؟
    تعالوا معنا نفحص تلك الفترة من تاريخ الكتاب المقدس في رحلته المبكرة :
    مولد التوراة وتطورها :
    يضطرب أهل الكتاب عامة ، واليهود خاصة حول تاريخ التوراة (مولدها وتطورها) اضطرابًا واسع المدى ويختلفون حولها اختلافًا يذهبون فيه من النقيض إلى النقيض ، ولهذا عرضوا لتاريخ القرآن بالطعن والتجريح ليكون هو والتوراة سواسية في فقد الثقة بهما ، أو على الأقل ليُحرجوا المسلمين بأنهم لا يملكون قرآنًا مصونًا من كل ما يمس قدسيته وسلامته من التحريف والتبديل . وقد عرضنا من قبل تاريخ القرآن ، وها نحن نعرض تاريخ التوراة حسبما هو في كتابات أهل الكتاب أنفسهم ، مقارنًا بما سبق من حقائق تاريخ القرآن الأمين .
    الكتاب المقدس بعهديه : القديم والجديد تتعلق به آفتان قاتلتان منذ وجد ، وإلى هذه اللحظة التي نعيش فيها :
    آفة تتعلق بتاريخه متى ولد ؟
    وعلى يد من ولد؟
    وكيف ولد ؟
    ثم ما هو محتوى الكتاب المقدس ؟
    وهل هو كلام الله ؟ أم كلام آخرين ؟.
    والمهم في الموضوع أن هذا الغموض في تاريخ الكتاب المقدس لم يثره المسلمون ، بل أعلنه أهل الكتاب أنفسهم يهودًا أو نصارى ممن اتسموا بالشجاعة ، وحرية الرأي ، والاعتراف الخالص بصعوبة المشكلات التي أحاطت بالكتاب المقدس ، مع الإشارة إلى استعصائها على الحلول ، مع بقاء اليهودية والنصرانية كما هما .
    ومعنى العهد عند أهل الكتاب هو " الميثاق " والعهد القديم عندهم هو ميثاق أخذه الله على اليهود في عصر موسى عليه السلام ، والعهد الجديد ميثاق أخذه في عصر عيسى عليه السلام .
    والمشكلتان اللتان أحاطتا بالكتاب المقدس يمكن إيجازهما في الآتي :
    - مشكلة أو أزمة تحقيق النصوص المقدسة ، التي تمثل حقيقة العهدين .
    - مشكلة أو أزمة المحتوى ، أي المعاني والأغراض التي تضمنتها كتب (أي أسفار) العهدين ، وفصولهما المسماة عندهم ب"الإصحاحات " .
    والذي يدخل معنا في عناصر هذه الدراسة هو المشكلة أو الأزمة الأولى ؛ لأنها هي المتعلقة بتاريخ الكتاب المقدس دون الثانية .
    متى ؟ وعلى يد مَنْ ولدت التوراة :
    هذا السؤال هو المفتاح المفضي بنا إلى إيجاز ما قيل في الإجابة .
    وهو تساؤل صعب ، ونتائجه خطيرة جدًا ، وقد تردد منذ زمن قديم . وما يزال يتردد ، وبصورة ملحة ، دون أن يظفر بجواب يحسن السكوت عليه .
    وممن أثار هذا التساؤل في العصر الحديث وول ديورانت الأمريكي الجنسية ، المسيحي العقيدة ، وكان مما قال :
    " كيف كُتبت هذه الأسفار (يعنى التوراة) ومتى كُتبت ؟ ذلك سؤال برئ لا ضير فيه ، ولكنه سؤال كُتب فيه خمسون ألف مجلد ، ويجب أن نفرغ منه هنا في فقرة واحدة ، نتركه بعدها من غير جواب ؟!.
    فقد ذهب كثير من الباحثين إلى أن خروج موسى من مصر كان في حوالي 1210 قبل ميلاد السيد المسيح ، وأن تلميذه ويشع بن نون الذي خلفه في بني إسرائيل (اليهود) مات عام 1130 قبل الميلاد . ومن هذا التاريخ ظلت التوراة التي أنزلها الله على موسى عليه السلام مجهولة حتى عام 444 قبل الميلاد ، أي قرابة سبعة قرون (700 سنة) في هذا العام .
    (444) قبل الميلاد فقط عرف اليهود أن لهم كتابًا اسمه التوراة ؟
    ولكن كيف عرفوه بعد هذه الأزمان الطويلة ؟
    وول ديورانت يضع في الإجابة على هذا السؤال طريقتين إحداهما تنافى الأخرى .
    الطريقة الأولى :
    أن اليهود هالهم ما حل بشعبهم من كفر ، وعبادة آلهة غير الله ، وانصرافهم عن عبادة إله بني إسرائيل " يهوه " وأن " الكاهن خلقيا " أبلغ ملك بني إسرائيل " يوشيا " أنه وجد في ملفات الهيكل ملفًا ضخمًا قضى فيه موسى عليه السلام في جميع المشكلات ، فدعا الملك " يوشيا" كبار الكهنة وتلا عليهم سفر " الشريعة " المعثور عليه في الملفات ، وأمر الشعب بطاعة ما ورد في هذا السفر ؟
    ويعلق وول ديورانت على السفر فيقول: "لا يدرى أحد ما هو هذا السفر؟ وماذا كان مسطورًا فيه ؟ وهل هو أول مولد للتوراة في حياة اليهود " ؟ .
    الطريقة الثانية :
    أن بني إسرائيل بعد عودتهم من السبي البابلي شعروا أنهم في حاجة ماسة إلى إدارة دينية تهيئ لهم الوحدة القومية والنظام العام ، فشرع الكهنة في وضع قواعد حكم ديني يعتمد على المأثور من أقوال الكهنة القدماء وعلى أوامر الله ؟
    فدعا عزرا ، وهو من كبار الكهان ، علماء اليهود للاجتماع وأخذ يقرأ عليهم هو وسبعة من الكهان سفر شريعة موسى ولما فرغوا من قراءته أقسم الكهان والزعماء والشعب على أن يطيعوا هذه الشرائع ، ويتخذوها دستورًا لهم إلى أبد الآبدين .
    هذا ما ذكره ديورانت نقلاً عن مصادر اليهود ، وكل منهما لا يصلح مصدرًا حقيقيًا للتوراة التي أنزلها الله على موسى ؛ لأن الرواية الأولى لا تفيد أكثر من نسبة الملف الذي عثر عليه " خلقيا " إلى أقوال موسى وأحكامه في القضاء بين الخصوم .
    ولأن الرواية الثانية تنسب صراحة أن النظام الذي وضعه الكهان ، بعد قراءتهم السفر كان خليطًا من أقوال كهانهم القدماء ، ومن أوامر الله ؟!

    أيها الأخوة أيتها الأخوات :
    إلى هنا نأتي إلى نهاية هذا اللقاء داعيا المولى عز وجل أن يحفظكم ويرعاكم وأن يهدي الضالين من عباده إلى الحق الذي هو الإسلام وأن يزيدكم إيمانا مع إيمانكم ويقينا مع يقينكم وأن يوفقكم للسير على الصراط المستقيم { صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ }الشورى53
    أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أخوكم / صبري عسكر
    إمام وخطيب بالأوقاف المصرية

  2. #2

    افتراضي المغرضين

    --------------------------
    الحمد لله الواحد الأحد الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولد ولم يكن له شريك في الملك { وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً } ( الإسراء111 )
    أحمدك اللهم وأنت أهل أن تحمد اللهم لا رب سواك فندعوه ولا إله غيرك فنرجوه فيسر لي أمري واشرح لي صدري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي . اللهم من كان من السامعين موحدا فتقبل منه واغفر له ذنبه ومن كان من غير الموحدين فاهده إلى توحيدك واتباع هدي نبيك محمد – صلى الله عليه وسلم –

    أحمدك اللهم حمد من عرف وحدانيتك فشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك { شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } ( آل عمران18 ) اللهم إني أشهدك وأشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك ، اللهم إني نستودعك هذه الشهادة ليوم تشخص فيه الأبصار فترحمنا بها وتنقذنا بها من العذاب فتزحزحنا عن النار وتدخلنا الجنة بسلام وتجعلنا ممن ترضى عنهم ويرضون عنك ويُمتعون بالنظر إلى وجهك الكريم .
    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة عبده وابن عبده وابن أمته ومن لا غنى له عنك طرفة عين {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ } ( الحشر22 )

    وأشهد أن محمدا عبدالله ورسوله أرسله الله رحمة للعالمين { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } (الأنبياء107 )
    صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه واهتدى بهديه واقتفى أثره إلى يوم الدين وبعد .
    أيها الأخوة
    أيتها الأخوات
    أحييكم بتحية الإسلام
    السلام الله عليكم ورحمته وبركاته
    لقد دأب أعداء الإسلام على كراهية الإسلام وأهله واعتادوا الكذب على الله ورسوله ورغم يقينهم بمصداقية الإسلام ومعرفتهم برسول الإسلام إلا أنهم يكيدون له ويدبرون المكائد وينظمون الحملات المسمومة والمسعورة بغية تشويه الإسلام والتشكيك في مصداقية رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام .

    لقد أخبر الله سبحانه وتعالى أنهم يعلمون صدق نبي الإسلام محمد – صلى الله عليه وسلم – :
    {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } ( البقرة146 )

    (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه) أي محمدا (كما يعرفون أبناءهم) بنعته أي بصفته في كتبهم

    قال عبدالله بن سلام: لقد عرفته حين رأيته كما أعرف ابني ومعرفتي لمحمد أشد

    (وإن فريقا منهم ليكتمون الحق ) نعته (وهم يعلمون) وهم يعلمون أنهم كاذبون في رفضهم الحق بعدما تبين وهم يعلمون أن ما منعهم إلا الكبر .


    وبعد رفضهم الحق بعدما تبين وبعدما انتشر الإسلام وعم أرجاء المعمورة ولم تعد هناك بقعة في الأرض إلا ووصلها الإسلام ذكرا أو اتباعا جندوا جنودهم وسخروا أقلامهم للنيل من هذا العملاق القوي لأن أتباعه لا يرتدون وبه مستمسكون وفي خدمته متفانون وتحت رايته يعملون متى رفعت رايته في أرض لا تنكس فعمدوا إلى إعلان الحرب بكل صورها على هذا العملاق الذي هو الإسلام ، وعلى من تمسك به ، ودعا إليه ، بحجة أنهم يريدون إنقاذ العالم منه .
    وما العالم الذي يريدون إنقاذه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    ألعلهم يريدون إنقاذ الرأسمالية السافرة أو الشيوعية المنهزمة أم البوذية المدحورة أم الطغاة العتاة وأحلافهم والضالين وأنصارهم والمغضوب عليهم وأشياعهم .

    إن الإسلام ليس خطرا على أمة بعينها أو جنس بذاته ، إنما هو خطر داهم على من يذل عباده ، وعلى من يتعصب لجنس دون آخر ، وعلى من يفرق بين الأبيض وبين الأسود من عباد الله ، وعلى من يستعبد الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ، وعلى من يأكل أموال الناس بالباطل ، وعلى من يسخر الآلاف من الطبقات الكادحة لخدمته .
    وما يخاف شعب شريف الغاية من عودته ، ولا جنس نقي النية من دولته ، وإنما نجزم أن كل عائق يوضع في طريق هذا الدين الكريم إنما هو لحساب القوى الغاشمة ، والسلطات العفنة مدنية كانت أو كهنوتية . ( التعصب والتسامح للشيخ محمد الغزالي 3 – 4 )
    إن الإسلام الذي سوى بين السادة وبين العبيد وبين الفقراء وبين الأغنياء فقدم فيه سلمان الفارسي وبلال الحبشي وصهيبا الرومي على أبي الحكم ابن هشام وعلى عتبة وشيبة ابنا ربيعة هو الإسلام الذي جعل من زيد بن حارثة وهو الذي كان من العبيد قائدا لجيش الإسلام في حياة النبي – صلى الله عليه وسلم – وعلى من ؟ على جعفر بن أبي طالب وعبدالله بن رواحة وخالد بن الوليد وكبار الصحابة - رضوان الله عليهم –
    إنه الإسلام الذي جعل من أسامة بن زيد بن حارثة – رضي الله عنه - قائدا لجيش فيه كبار الصحابة – رضوان الله عليهم – بل خرج أبوبكر الصديق – رضي الله عنه - يودع الجيش بنفسه ماشيا على قدميه ويتحرج أسامة من أن يكون راكبا وخليفة المسلمين ماشيا ويهم بالنزول ويأبى أبو بكر فيشير إليه أن كما أنت يا أسامة وماذا يضير أبو بكر أن يغبر قدميه بالتراب في سبيل الله .
    وكان مبدأ الإسلام منذ بدايته : من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه

    إن الأحقاد الطائفية والحروب الدينية غريبة على أرض الإسلام ، فقد ألف هذا الدين منذ بدأ أن يعاشر غيره على المياسرة واللطف ، وأن يرعى حسن الجوار فيما يُشرِّع من قوانين ، ويضع من تقاليد ، وهو في ميدان الحياة العامة حريص على احترام شخصية المخالف له . ومن ثم لم يفرض عليه حكمه ، أو يقهره على الخضوع لشرائعه بل ترك أهل الأديان وما يدينون .

    خذ مثلا الخمر والخنزير ، إنهما - بالنسبة للمسلم – لا يعدان مالا له قيمة بل الحكم بحرمتهما ورجسهما معروف . ومع ذلك فالمذاهب الفقهية ترى أنهما بالنسبة للنصارى مالا متقوَّم يصح تملكه وتمليكه ، ومن ثم تعترف بالتعامل فيهما .

    ومن مظاهر التسامح في الدين الإسلامي الاعتراف بأنكحة غير المسلمين وأن لها حكم الصحة لأننا أمرنا بأن نتركهم وما يدينون به حتى بلغ من احترام الحرية الدينية عند غير المسلمين أن يقبلوا زواج المجوسي بابنته مادامت شريعته تبيح له ذلك .

    وفي كتاب المغني لابن قدامة وغيره : مجوسي تزوج ابنته فأولدها بنتا ثم مات عنها فلهما الثلثان .

    والعجيب أنك ترى أولئك الحاقدين على الإسلام يتغافلون هذا التسامح ويلبسون الحق بالباطل ويشوهون صورة هذا الدين القويم الذي جعله الله كلمته الأخيرة إلى خلقه على يد معلم البشر وخاتم النبيين محمد بن عبدالله الذي أرسله الله رحمة للعالمين .

    ولقد اختلف أعداء الإسلام فيما بينهم في كل شيء واتفقوا على شيء واحد ألا وهو مواجهة الإسلام وعداوة أهله .
    ولقد وقف هذا العملاق العظيم في مواجهة أعدائه صامدا بأصوله قوياً بدستوره شامخا بعقيدته وما ذاك إلا لأنه الدين الحق الذي لم يبدل ولم يغير ولا سبيل لبشر أن ينال من أصوله يعطلون أحكامه ولا يلغونها يسكتون عن شرائعه ولا يحذفونها ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9) .

    لقد واجه الإسلامُ أعداءه وما زال يواجههم وسيظل إلى أن تقوم الساعة لأن الصراع بين الحق وبين الباطل سمةٌ من سمات هذه الحياة لأن الإسلام دين الله الذي ارتضاه لعباده وكلمته الأخيرة إلى خلقه والله حي لا يموت ولأن قوى الشر يتزعمها إبليس اللعين الذي أخذ وعدا من رب العالمين يوم أن طرده من رحمته وأهبطه إلى الأرض مذموما مدحورا أن ينظره إلى يوم يبعثون.

    َ( قالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ{13} قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ{14} قَالَ إِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ{15} قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ{16} ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ{17} قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُوماً مَّدْحُوراً لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ{18} ( الأعراف )

    لقد وقف الإسلام في مواجهة أعدائه وهم :
    1. الصهيونية العالمية التي تمثلها إسرائيل وكل المجامع الماسونية والنوادي اليهودية في العالم مثل ( الروتاري ) و ( الليونز ) و ( البني بريث ) و ( المائدة المستديرة ) وكل الجمعيات والأشخاص والجهات التي تعمل على تحقيق أهداف اليهود .
    2. الصليبية العالمية والتي يمثلها الغرب النصراني بزعامة أمريكا وإنجلترا والفاتيكان وسائر الكنائس المنتشرة في العالم من كاثوليكية وأرثوذكسية وبرتستانتية .
    3. الشيوعية الملحدة ( المنهزمة والفاشلة ) وتمثلها روسيا وسائر دول الشرق الشيوعي والوثني في الهند والصين واليابان وكل الأحزاب اليسارية والاشتراكية في بلاد العالم .

    ولكن ما الأسباب التي دعت هذه القوى إلى معاداة الإسلام ؟

    أما عن اليهود والنصارى فعداوتهم قديمة بدأت منذ ظهور الإسلام والأسباب معروفة لا تخفى عليكم ولعل من أهمها :
    1. ظهور الإسلام على يد نبي من العرب .
    2. أنهم كانوا يظنون أن النبوة حكرا على بني إسرائيل فنزعها الله من بينهم بعد أن فقدوا أهليتهم لهذا الشرف العظيم .
    3. أن الإسلام كشف خداع وزيف عقائدهم الباطلة وكتبهم المحرفة وأن هذه الكتب التي بأيديهم لم يعد لها صلاحية القبول والتعبد بها .
    4. أن الإسلام كشف حقيقة الآلهة المزيفة والمتمثلة في الأحبار والرهبان والقساوسة الذين نصبوا أنفسهم آلهة لأتباعهم فيغفرون لهم ويبيعونهم الجنة بصكوك الغفران ويهددونهم بالنار مقابل ابتذاذ أموالهم وعرقهم .
    5. ثم كانت القاصمةُ لهم والفاجعةُ حين علموا أن الإسلام ليس دينا خاصا بالعرب وإنما هو دين الإنسانية كلها ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (سـبأ:28)
    وأنه بعد مجيء الإسلام لم يعد هناك دين صحيح يتبع وأنه الناسخ لجميع الأديان السماوية :
    ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (آل عمران:85)
    ومعنى هذا أنه لا يهودية ولا نصرانية وإنما على أتباعها أن ينقادوا تحت راية :
    لا إله إلا الله محمد رسول الله .

    ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) (آل عمران:19)
    ومن هنا بلغ بهم الحقد والكراهية مبلغا عظيما حتى تمنوا أن لو ارتد أتباع هذا الدين كفارا وهذا ما أخبر به القرآن الكريم : ( وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (البقرة:109)
    إلا أن اليهود كانوا أشد ضراوة وأكثر عداوة وأخطر على الإسلام من غيرهم وهذا أيضا ما أخبر به القرآن الكريم ( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) (المائدة:82) وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ{83} وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ{84} فَأَثَابَهُمُ اللّهُ بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ{85} ( المائدة )

    ذلك أن اليهود لا تقتصر عداوتهم للإسلام على المواجهة المادية الظاهرة بل على العكس فهم أضعف وأجبن وأخس خلق الله وإنما تتمثل عداوتهم فيما هو أبعد من ذلك : في التآمر والكيد والدس في الخفاء والطعن من الخلف وهم العدو الماكر الذي لا تستطيع أن تستكشف حجمه ولا حقيقته كما أن اليهود هم مخترعوا كل المذاهب الهدامة في تاريخ الإسلام مثل الماركسية والثورة البلشفية الشيوعية وهم الذين ألبوا النصارى في الحروب الصليبية وهم الذين أنشأوا البهائية والقديانية وهم الذين يملكون المال والذهب ووسائل الإعلام والتوجيه وهم وراء كثير من الحركات الفكرية والسياسية التي تهدم الدين من أساسه ومن هنا نلمس السر القرآني العظيم حين جعل اليهود في مقدمة أعداء الإسلام قبل النصارى وحسبنا أنهم تسببوا في قتل ثلاثة من الخلفاء الراشدين وهم عمر وعثمان وعلي – رضي الله عنهم أجمعين - وما ترتب على مقتلهم من دماء المسلمين التي سفكت بسبب الفتن والحروب .

    ويأتي النصارى بعد اليهود في عدائهم للإسلام وقد أشار الرسول – صلى الله عليه وسلم – إلى أن الروم النصارى هم أشد الناس على الأمة الإسلامية إلى يوم القيامة أي أكثرهم قوة وعددا وهكذا تكون شدة عداوة اليهود في الكراهية والمكر والعمق وشدة النصارى في القوة العددية والقتالية وهذا ما جاء في صحيح مسلم ( تقوم الساعة والروم أكثر الناس عددا )
    والعجب من أولئك النصارى كيف يعادون الإسلام والمسلمين ويصادقون اليهود ؟
    كيف يتعاونون مع الصهيونية للقضاء على الإسلام ؟
    لقد كان منطق العدل يحتم عليهم أن يتعاونوا مع الإسلام والمسلمين للأسباب التالية :

    1. فقد ادعى اليهود أن مريم - أم نبيهم أو أم إلههم كما يزعمون ويعتقدون – زانية وبرأها القرآن بل ضرب بها مثلا للنساء العفيفات وأبطل كل دعاوى اليهود .
    2. لقد أنكر اليهود نبوة عيسى بل وصفوه بالكفر والضلال واعترف القرآن بنبوته وورد ذكره في القرآن الكريم باسم عيسى خمس وعشرون مرة وباسم المسيح تسع مرات وابن مريم اثنتين وعشرين مرة كلها ليس فيها مرة واحدة تنتقص من قدره ولا من نبوته شيئا .
    3. لقد قال اليهود أن قتل النصارى من الواجبات التي يتقرب بها اليهودي إلى الله وأكبر دليل على ذلك أن اليهود قرروا قتل عيسى عليه السلام والنصارى يعتقدون أن اليهود فعلا قتلوه ومع ذلك سمعنا أن البابا الهالك برأ اليهود من قتل المسيح ولا أدري هل اتهم المسلمين بقتله أم لا ؟ ربما أنها كانت فرصة ليتهم المسلمين بقتل الأنبياء ويلصق بهم إرهابا جديدا كما هو شأنهم ودأبهم وربما لو وجدوا مسوغا زمنيا يناسب هذه التهمة لفعلوا ذلك واعتبروها فرصة .
    فعلى الرغم من أن محور عقيدة النصارى أن اليهود صلبوا عيسى عليه السلام وقتلوه ولكن الفاتيكان في سنة 1965م أصدر وثيقة تبرأ اليهود من دم المسيح ويخاطب البابا ( يوحنا ) الثالث والعشرين اليهود بقوله : { أنا يوسف أخوكم أجل إن هناك فرقا بين الذي لا يؤمن إلا بالعهد القديم ( أي التوراة يعني اليهودي ) وبين الذي يؤمن أيضا بالعهد الجديد ( أي الإنجيل يعني النصراني ) ولكن هذا الفرق لا ينقص شيئا من الأخوة القائمة على أصلنا الواحد : ألسنا جميعا أبناء أب واحد في السماوات فيجب أن يكون بيننا حب مشرق حب نشيط فعال }
    سبحان الله العظيم
    أنظروا إخواني وأخواتي الكرام لهذا البابا الذي يعتبره النصارى ممثلا لله في الأرض الذي يعترف بأن اليهود لا يؤمنون بكتابه ولا بنبيه الذي هو إلهه كما يزعم ويعتبره ابن زنا ومع ذلك يخطب ودهم وحبهم بينما نحن المسلمين نعترف بأصل كتابه ونبيه ولا يصح إسلامنا إلا بالاعتراف بدينه وبكتابه وبنبيه وببراءة مريم وطهارتها ومع ذلك يعادينا ويصالح اليهود على حسابنا إنه الحقد على الإسلام الذي أعماهم عن رؤية الحقيقة والذي جعلهم يتعاونون حتى مع الشيوعيين الذي لا يعترفون بأي دين سماوي إنهم على استعداد أن يتعاونوا مع الشيطان نفسه طالما أنه يشاركهم في عداوة الإسلام .
    أقول لأولئك الضالين الذي أعماهم الحقد والكراهية :
    لقد فقدتم عقولكم حين اتفقتم مع اليهود وعاديتم الإسلام .
    أليس هو الإسلام الذي لعن اليهود وأعلن غضبه عليهم لقولهم على مريم زورا وبهتانا بأنها زانية ( وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً) (النساء:156) ولكن عبَّاد الصليب لا يهتمون بما يخدم عقيدتهم وأنَّ جُلَّ اهتمامهم هو القضاءُ على الإسلام وأهله .

    وما أصدق القرآن الكريم حين يقول ( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) (البقرة:120)
    وقال أيضا (وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (البقرة:217)

    وأما عن سر عداء الشيوعية للإسلام فلأن الأساس الفكري للشيوعية هو إنكار الأديان واعتبارها مجرد خرافة وتخدير لبني البشر بينما أساس الإسلام هو الإيمان بالله سبحانه وتعالى كقوة غيبية خالقة ورازقة وحاكمة ومشرعة .

    إذا فكل حقيقة من حقائق الإسلام تهدم باطلا من أباطيل الشيوعية وهذا هو سر العداء .
    ومع أن النصرانية دين أيضا إلا أن الشيوعية لا تهتم بها كدين ولا تعيرها أي اهتمام لأن أتباعها قد انحرفوا عن نصرانية عيسى _ عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام _ واخترعوا لأنفسهم عقائد لا صلة لها بوحي السماء ومن هنا فالنصارى هاربون من دينهم قبل أي شيء آخر وكنائسهم أصبحت أماكن خربة مملوءة بالصور والتماثيل والصلبان وهي لا تأثير لها عليهم حتى أنهم يحاولون جذب الشباب إليها عن طريق الإغراءات الجنسية حتى تعد صالات الرقص والجنس بعد إقامة الصلوات في أمريكا [ راجع ص 86 وما بعدها من كتاب الإسلام والمشكلات الحضارية للشهيد سيد قطب ]
    وبهذا نصل إلى نهاية هذه النقطة إلى أن هذه القوى المعادية للإسلام والتي اختلفت في كل شيء – في العقائد ، وفي الفكر ، وفي السلوك ، ولكنها اتفقت على شيء واحد هو :
    • إبعاد المسلمين عن الإسلام من حيث الحقيقة وإبقائهم عليه من حيث الاسم .
    • خنق كل الظروف والملابسات التي تؤدي إلى نهضة المسلمين سواء كانت في صورة دعوة أو حركة أو دولة .
    إنه الثالوث الجهنمي الرهيب الذي تآمر على أمتنا واصطلح أهله على حسابنا وتم وفاقهم على أن يكونوا هم الجزارون ونحن الضحايا ومن خلال هذه القوى يواجه المسلم بكثير من الفلسفات والنظريات التي تحاول اقتلاع الإسلام من جذوره مثل :
    1. نظرية التطور الدروانية التي تحاول هدم الأديان من أساسها ورغم إقرارهم ببطلانها من الناحية العلمية إلا أنهم يحرصون على تدريسها في جامعات الدول الإسلامية لأنها تهدم العقيدة الإسلامية .
    2. نظرية فرويد التي تحول الإنسان إلى حيوان ليس له هم إلا إشباع شهوته وأن الحياة في نظره أساسها الجنس حتى أن الطفل يشبع رغبته الجنسية من أمه بالرضاعة ويرد كل تصرف بشري أو حيواني إلى الجنس وما ذاك إلا لأنه حيوان بشري هو ومن وافقه ودعا إلى نظريته الهدامة .
    3. الفلسفة البرجماتية النفعية الأمريكية التي تقوم على أساس المصلحة والمنفعة دون اعتبار للقيم والأخلاق .
    4. الفلسفة الماركسية الملحدة التي تقوم على أساس إنكار كل ما ليس بمحسوس وإثارة الفتن الطبقية .
    5. الوضعية المنطقية وهي فلسفة مادية تنكر وجود الله .
    6. الوجودية الملحدة التي تبالغ في حرية الإنسان إلى حد إنكار حرية الآخرين وكرامتهم .
    ولا أريد أن أناقش هذه النظريات فليس هو موضوعنا الآن ولكني أردت فقط أن أبين أن الإسلام يقف في مواجهة أعدائه وهم يستغلون أبناءه للنيل منه فيوهمونهم بصحة عقائدهم أو مذاهبهم الفكرية والفلسفية من أجل إصابة الإسلام في مقتل وهذا وإن تحقق لهم جزئيا فلن يبلغوا مرادهم لأن الله سبحانه وتعالى تكفل بحفظ دينه وإتمام نوره ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) (الصف:8)
    أيها الأخوة
    أيتها الأخوات
    هذه مجرد مقدمة أردت أن أجعلها مدخلا لسلسلة محاضرات أرد فيها على أعداء الله مما يرددونه من شبهات في رؤوسهم حول الإسلام سواء في عقائده أو تشريعاته وكذلك ما يرددونه حول شخص نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا .

    من ذلك ما يثيرونه من شبهات وأباطيل ويروجون لها بالتأليف والنشر والإعلام بكل صوره ظنا منهم أن ذلك قد يصرف الناس عن الإسلام أو على الأقل يثني عزيمة من يريد الدخول في الإسلام من النصارى أو اليهود أو غيرهم .

    ويعمدون ضمن حملتهم المسعورة على الإسلام إلى تحريف النصوص القرآنية والأحاديث النبوية أو صرف المستمع عن المعنى الأصلي إلى معنى يوافق هوى في نفوسهم يلبسون الحق بالباطل ويذكرون الشبهة لا على أنها شبهة ولكن يقدمونها على أنها قضية مسلمة ولا خلاف فيها وربما يستغلون جهل المستمع باللغة العربية أو بأسباب النزول ويعلنون التحدي لمن حضر معهم من المسلمين وربما إذا وجدوا من يمكنه الرد على شبهتهم لا يتركونه حتى يفرغ من رده ويدخلونه في شبهة أخرى ويظهرونه وكأنه عجز عن الرد في الأولى ، وربما دخل أحد النصارى باسم المسلمين ويحاورهم بأسلوب ضعيف وفي النهاية يظهر انهزامه ويقول هكذا رأيت المشايخ في المساجد يقولون ذلك فقلت بقولهم وهو في الأصل ليس بمسلم وقد حدثني أحد الأخوة ويعمل طبيبا – أخصائي عيون – انه سمع أحد المتكلمين في غرفهم يقول بأنه كان مسلما لفترة طويلة وتنصر لأنه لم يقتنع بالإسلام فقال له هذا الأخ الطبيب أصحيح أنك كنت مسلما ؟ فقال : بلى فقال له الأخ الطبيب : إذا أسمعني الآن التشهد الأول في الصلاة الرباعية . فبهت المشرك ولم يجب على السؤال .

    و من ذلك ما ذكروه في غرفة من غرفهم من أن الآية رقم 27 من سورة العنكبوت تفيد رفض نبوة محمد – صلى الله عليه وسلم – قال احدهم واسمه أونلي ولم يقل رفض النبوة كما ذكرتها لكم الآن بل اتهم خاتم النبيين وإمام المرسلين بالكذب في ادعاء النبوة - { مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً } ( الكهف5 ) ودائما يذكرون رقم الآية واسم السورة دون قراءة الآية وذلك لسببين خبيثين :

    الأول : لأنه يخشى من قراءة الآية فيخطئ في قراءتها فيصحح له أحد المسلمين فيظهر جانب الضعف عنده فيقول المسلم المستمع له إن كنت لا تعرف كيف تقرأ بشكل صحيح فكيف تفهم ، تعلم أولا كيف تقرأ ، كي تفهم ، ثم بعد ذلك اعترض .
    فتراه يتلاشى قراءة الآية أو الآيات ويكتفي بذكر اسم السورة ورقم الآية .

    الثاني : في قراءة الآية قد يسهل لخصمه المسلم الرد عليه إذا كان عنده علم باللغة أو كان دارسا لأسباب النزول والتفسير وإلى أن يذهب للمصحف ويأتي بالسورة ويصل للآية ويجهز رده يكون هذا الخبيث قد انتقل إلى فقرة أخرى ويظهر للحضور أنه حقق نصرا في ذلك .
    كما لوحظ أيضا أنهم يستشهدون بآية واحدة على تقرير الشبهة وربما بجزء من آية فيكونون كمن يقرأ ( فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ) (الماعون:4) ويستدل بها على أن الويل والعذاب للمصلين دون سواهم .
    أو يقرأ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ .............................. ) (النساء:43) ويستدل بها على ضرورة ترك الصلاة وعدم الاقتراب منها . وفي ذلك دليل على جهله وجهل من يستمع له ويوافقه .

    ويلاحظ أيضا في طبيعة هؤلاء المغرضين أنهم إذا تم الرد عليهم في شبهة ما ظنوها ثغرة في دين الإسلام وتبين لهم الحق وأن فهمهم الأول غير صحيح يعودون مرة أخرى لإثارتها رغم الرد عليهم واهمين بذلك أنهم يؤثرون على ضعفاء العقول وقليلي العلم بالإسلام وصدق الله العظيم { قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ }( الأنعام33 )

    ويبقى سؤال :
    إذا كانوا كذلك يجادلون في الحق بعدما تبين ويعلمون أن القرآن الكريم كتاب معجز وأن مابين دفتيه هو كلام الله وأن الإسلام هو دين الحق وأنهم على الباطل فلماذا هم كذلك مستمرون على باطلهم إنهم كما وصفهم القرآن الكريم :

    {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ } ( التوبة32 )

    وقال سبحانه وتعالى :
    { يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ } ( الصف8 )

    المهم يذكر اسم السورة ورقم الآية دون أن يذكر نص الآية وقد بينا سبب ذلك .

  3. #3

    افتراضي

    السلام

    اخواني اذا كنت مزعجكم بموضوعاتي

    فاعذروني وبالغي عضويتي الان علموني بسرعة

    وشكرا.....

  4. #4

    افتراضي

    اقراوا ما اسفل الصورة

  5. #5
    مؤسس درة المجالس
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    الدولة
    السعودية، جدة
    المشاركات
    3,263
    مقالات المدونة
    7
    معدل تقييم المستوى
    25

    افتراضي

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    الأخ الكريم / ابو سعود
    دعني أرحب بك أولا في درة المجالس العربية السعودية فأهلابك أخا عزيز في الله
    وعلى الرحب والسعه
    ولكنك يا أخي لم تعرفنا بنفسك وشخصك الكريم خاصة وأنك أسميت مواضيعك بالمحاضرات فنرجو لطفا أن تعرفنا على شخصك الكريم وإن كانت لك درجة علمية يمكننا مناقشتك من خلالها
    أما موضوعك فهو غني عن الإطراء ونشكرك جزيل الشكر على طرحه

  6. #6
    المشرف العام الصورة الرمزية محمد بن سعد
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    الدولة
    السعودية، الرياض
    العمر
    71
    المشاركات
    10,545
    مقالات المدونة
    2
    معدل تقييم المستوى
    10

    ابتسامة

    أخي الفاضل ابو سعود حفظك الله برعايته وبارك فيكم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    الشيخ صبري عسكر ،، إمام وخطيب بالأوقاف المصرية

    الإهتمامات الدعوة إلى الله
    الوظيفة إمام وخطيب ومدرس

    موقع ومنتديات النور الإسلامي
    المشرف العام



    صبري بن محمد رشاد بن محمد العزالي عسكر
    إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية
    الرياض في مساء يوم عرفات 9/12/1428هـ الموافق 18/12/2007م


    [line]-[/line]

    من أقواله عن موقف الإسلام في مواجهة أعدائه وهم :
    1. الصهيونية العالمية
    2. الصليبية العالمية
    3. الشيوعية الملحدة

    [line]-[/line]

    اخي ابو سعود ،،
    تحدثت درتنا عن الدرر السنية
    تحدثت درتنا عن تاريخ مكة المكرمة
    تحدثت درتنا عن قصص الأنبياء عليهم السلام
    تحدثت درتنا عن (الرسم العثماني)
    وتحدثت عن قصة كتابة القرآن الكريم
    وتحدثت عن قصة تطور الخط العربي

    [line]-[/line]

    نأمل منكم الإسهام برأيكم يحفظكم الله
    ونرجو منكم :
    (1) إختيار خط أنسب من قائمة الخطوط (Verdana) مثلاً
    (2) إذا كان الموضوع (طويل) فيمكن وضع الرابط كبديل عن العناء
    (3) الإستشهاد بأقوال الآخرين من خلال روابطهم فهي اليوم (منابرهم)
    (4) قبول ترحيبنا بكم والذي سبقنا يكم شيخنا واستاذنا نجم سهيل

    أهلا وسهلا
    الصور المرفقة الصور المرفقة
    • نوع الملف: jpg 121.jpg‏ (4.4 كيلوبايت, 5 مشاهدات)
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد بن سعد ; August 21st, 2008 الساعة 23:11

  7. #7

    افتراضي

    نرحب بك اخي الغالي ابو سعود

    ونسعد بصحبتك معانا في هذا الصرح الجميل

    وسوف ينقل الموضوع للمجلس الاسلامي

    ولك مني اجمل تحيه

    تقبل مروري
    التعديل الأخير تم بواسطة عابر سبيل ; August 22nd, 2008 الساعة 20:48 سبب آخر: نقل الموضوع

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. قصة كتابة القرآن الكريم
    بواسطة محمد بن سعد في المنتدى نشر
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: January 16th, 2017, 20:42
  2. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: March 20th, 2009, 13:11
  3. فلذات الأكباد وحفظ كتاب الله
    بواسطة ابو فيــصل في المنتدى منتدى محـو أمّـيّـة العُـــلوم
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: July 22nd, 2008, 23:57
  4. علموا أولادكم حفظ القرآن واحذروا من المكافآت المستمرة
    بواسطة ابو فيــصل في المنتدى منتدى محـو أمّـيّـة العُـــلوم
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: May 8th, 2008, 23:52
  5. الكذب: هل يوجد تناقض بين ماجاء فى القرآن وبين ما يكشفه العلم والعلماء
    بواسطة المنتقد في المنتدى منتدى تدخُّلات عِلاجية
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: April 24th, 2008, 16:35

مواقع النشر

مواقع النشر

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

تنفيذ شركة تصميم مواقع الانترنت توب لاين
روابط مهمه روابط مهمه تواصل معنا
تواصل معنا