((( ورطة أم محسن )))

رحت لسوق السمك في جدة (البنقله ) ومعظمنا يقول البنقلة ولايدري معناها وشخصيا والله لاأعرف ماهو معناها ولا ماذاتعني وكل مايهمني أنها عنوان ومقر سوق السمك في جده وأعتقد أنها مسميات شعبية للأسواق الشعبية على غرار تسمية أهل الغربية لسوق الخضار
( بالحلقة )

وأهالي الشرقية وربما بعض دول الخليج لتسمية أسواق الخضار
ب ( الكبره ) أو الجشبره
بلهجة أهالي الشرقية والخليج

الشاهد


أحب أسماك الحريد وهي كما يصفها أهالي جدة وصيفة الناجل غالي بل خرافي الثمن فأشترى من الحريد ذوات الحجم الكبير تجنبا للأشواك الكبيرة حيث أطلب من البنغالي تجهيزها مسلوخة على هيئة ( فيليه ) ودائما ألوح بالبخشيش مهددا بعدم دفعه لو لم يحسن البنغالي صنعته السلخانية وهو يعرفها ويجيدها بدون شك



ولكنه هو وجماعته يمارسون بعض الحركات المتخابثة ما يجبرني على إملاء تعليماتي سلفا بعدم رمي الهيكل بمافيه الرأس والذي أطلب منه تقسيمه إلى أربعة أجزاء ولكن بعضهم ومن خبثه يخبرك بعد انتهاء مهمته أن الرأس والهيكل خربان على حد وصفه فأنتهره قائلا بلاشي بهلله وهم شياطين يفهمون هذه العبارات الشعبيه ولكني شخصيا أجد متعتي في طعام السمك في سلق الهيكل العظمي مع الرأس وشرب مرقته بعد تصفيته أما الهيكل والرأس فأستطيب وأكتفي بمزمزتهما وترك الفيليه لبعض عشاق أكل السمك من الأسره واحد غاوي عرمشة ومزمزة عظام



وبمناسبة الحديث عن السمك أتذكر قبل نحو خمسين سنة أن إحدى قريباتنا وكانت من أهالي ديرتنا ولكنها تقيم في الرياض وكنيتها أم محسن رحمها الله تعالى وكانت قد تعودت على تحضيرالذبايح في بيت زوج إبنتها أبو فايز رحمه الله تعالى الذي كانت داره مكتب توظيف و مطعما وفندقا مفتوحا لسكنى الشباب وحتى الشياب من جماعته الذين يفدون إلى الرياض بحثا عن العمل فيستضيفهم ويسعى لتوظيفهم وكانت أم محسن رحمها الله تعالى متعودة على الإستيقاض مع الفجر كعادة سيداتنا في ذلك الزمن وقبله فتكون في انتظار ذبايح أبو فايز أو على الأقل كتل اللحم المزمع طبخها للعزاب من الضيوف



وفوجئت ذات يوم بأن أبو فايز جلب لها كمية كبيرة من الأسماك بناءا على رغبة أحد ضيوفه الذي وفد إليه من جده فجحضت عينا أم محسن وتملكتها الدهشة والحيرة فهي لم تتعود تحضير وطبخ الأسماك فأسقط في يدها وهي تتمتم ببعض العبارات الساخطة الحائرة كقولها ياشق جيبها شقاه ووش تسوي في هالبلوة فرفعت صوتها منادية أبو فايز عله يساعدها ويخرجها من ورطتها ولم يكن أكثر منها علما فقال لها ضاحكا والله ماعندي دبرة في السمك سويه وبس ولم يسلم الضيف الجداوي من لومها وتحسبها عليه دون أن يسمع منها ذلك



فشمرت كارهة عن ساعديها ووضعت القدر الكبير على الناروهي ترمي السمك في جوفه بقشره وبركات مافي بطنه ومن ثم كبست عليه الرز فكانت وجبة غداء حافلة بالأشواق والأشواك والقشر وبقايا مافي بطون السمك وحين علمت بفشل طبيخها بكت بكاءا مريرا وسط ضحكات إبنتها وطبينة إبنتها وكانت أم محسن امرأة عملاقة عريضة الصدر مفتولة الساعدين فلم تتردد في الإمساك بالملاس الكبير فتنهال به ضربا موجعا على ظهر إبنتها وكنتها بل وهددت بعض الشباب في المجلس الذين تعالت ضحكاتهم ووصلت إلى مسامعها وفي مقدمتهم أبو فايز الذي طيب خاطرها وألغى غدوة السمك وذهب بنفسه لإحضار خروف مطبوخ وفيما بعد حاولت والدة نجم تعليمها كيفية تحضير السمك ولكنها رفضت بشدة وحتى مجرد أكله